عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أهل الدستور الاسلامي... المهم الاخلاق
نشر في الراكوبة يوم 12 - 03 - 2012

ان التاريخ لا يعيد نفسه واذا عاد يكون في المرة الاولي مأساة وفي الثانية ملهاة. والان يعيد التاريخ نفسه في السودان ملهاة في مأساة.والملهاة أن بعض الناس لاتعتبر بما يحدث من مأساة في البلد, ويصروا علي تجريب المجرب واعادة المأساة. الحقيقة أن التاريخ لايعيد نفسه انما يعيده اولئك الذين توقف الزمن عندهم ولايشعرون بحركة التاريخ. فها هي جبهة الدستور الاسلامي التي اعلنت عن نفسها تعود بنا الي سنوات الاستقلال في الخمسينات حينما تم رفع شعار الدستور الاسلامي قبل الاستقلال مزايدة علي طائفتي الانصار والختمية.( الحقيقة انهم يريدون العودة بنا الي القرن السابع).ثم تواصلت المزايدة بالدستور الاسلامي الي سنة68من خلال جبهة الميثاق الاسلامي وجاءت مايو ثم المصالحة الانتهازية مع مايو وبعدها قوانين سبتمبر 83واعلان النميري للشريعة وساروا في ركابها وسيروا لها المسيرات سموها مليونية لنصرة الشريعة, وبعد الانتفاضة تنكروا لتجربة شريعة النميري وقالوا انها معيبة ولكن تمسكوا بها مزايدة ايضا علي حزبي الامة والاتحادي. وجاءت سنة89 واستلموا السلطة واعلنوا تطبيق الشريعة الاسلامية. وسار كل فرسان جبهة الدستور الاسلامي التي أعلنت عن نفسها الان في ركاب التجربة المرة وحملوا راياتها ومباخرها,وكانوا نجوم محافلها وفرسان عرصاتها. والآن حينما تأكد لهم فشل التجربة وأشرفت علي الهلاك. والمشروع(الحضاري) يترنح ولامحالة ساقط باذن الله وبأرادة الشعب السوداني... تنكروا للمشروع بعد ان تحول الي فطيسة,ويريدوا أن يطعموا هذه الفطيسة للشعب السوداني في ماعون جديد, بعد ان أكل الحصرم وأكل نيم, وأكل نارو لوحده, بعد أن أفقروه وأذلوه ورفعت دولة شريعتهم يدها عن التعليم والصحة ودعم الزراعة, وطالت يدها في الجبايات واكل اموال الناس بالباطل. وبعد ان رضعوا في شطرها الميت لأكثر من عشرين سنة. يريدون ان يتنكروا للتجربة وينكروا الخراب الذي حدث للسودان تحت راية الشريعة وشعاراتها (هي لله لا للسلطة ولا للجاه..مالدنيا قد عملنا ..الخ) (طيب البسووا فيه ناس نافع ده رز؟ ولا دق ريحة؟)زمان ماقلتوا شريعة!! وقد تنكرالعين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم.. لكن ضوء الشمس موجود وطعم الماء معروف. (فانها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور).
والنكتة أن المؤتمر الوطني(البيض الممزر) يتظاهر بأنه بعيد عن هذه الدعوة ويعلن ترحيبه بدعوة جبهة الدستور الاسلامي.وطبعا هو شارك من خلال مسئول الامانة الاجتماعية وآخرين من الذين مردوا في النفاق. والدعوة طبعا في مصلحة المؤتمر الوطني(البيض الممزر)وهو مشارك بل ربما أوعز بها للآخرين لأنه يعتقد انها يمكن ان تكون له درقة اخيرة ليحتمي بها من مصيره المحتوم, وهو يتصور ان رفع راية الدستور الاسلامي وتحكيم الشريعة من جديد سوف تخيف الشعب الذي خبرهم ظاهر وباطن, وتجعله يتردد في ثورته علي (البيض الممزر) ورميه في مزبلة التاريخ.
ان هذه الدعوة للدستور الاسلامي الآن كأنها المثل القائل (مشطوها بي قملا) فأنتم تريدون تمشيطها بقملها وقوبها ورمادها الذي كال حمادها. (عايرة ودايرين تدوها سوط).. وهي محاولة لاعادة تعبئة البيض الفاسد في اطباق جديدة وختمه بختم (لا اله الا الله محمد رسول الله) وبيعه للشعب السوداني, وهذا غش نهي عنه الدين.. وهي ضاقت واستحكمت حلقاتها, وجايين تقرطوها زيادة لكن لحسن الحظ هي اتحلجت وفوتت, من زمان ناس نافع حلجوها, ,وأي اصغر ميكانيكي ينصح بالمخرطة من جديد, وهذه مهمة الشعب السوداني, لبناء الدولة الديمقراطية القائمة علي العدل والحرية والمساواة والصدق والامانة والمحاسبة, والسهر علي مصالح الناس ومعاشهم, وهذه قيم الاسلام ومبادئه.
اعلنتم ان هذه الدعوة هي توجه الي الله,ونحن بكل امانة نقول ان مثل الدعوة ليست الاسلوب او الطريق الصحيح . وهنالك طرق كثيرة للتوجه الي الله ونيل رضاه. ودعوتكم هذه ليست منها ,وهي دعوة مخايلة مجازية وليست حقيقية, وهي مزايدة لا اكثر.مزايدة بعضكم علي بعض ومزايدتكم علي السلطة ومزايدتكم علي الشعب وتزكيتكم انفسكم علي الله. وهي دعوة غير مقبولة وسنبين في السطور التالية لماذا غير مقبولة.
1-أولاا: وقفتم مع هذا النظام وشاركتم فيه وواليتموه حينما رفع راية الشريعة , وبأسمها عاث في الارض فسادا واهلك الحرث والنسل, تجبر وطغي وظلم الناس وبغي, وفشل في ادارة البلاد والحفاظ علي وحدة اراضيها. ولم تحركوا ساكنا, وكما تعرفوا وانتم اسياد العارفين أن (الساكت عن الحق شيطان اخرس), وأن (افضل الجهاد كلمة حق امام سلطان جائر).اين كان التوجه الي الله حينما اطبق الظلم علي الشعب منذ بداية عهد النظام بفصل عشرات الالاف من الخدمة وقطع ارزاقهم وتشريدهم وتشريد اسرهم باسم التمكين,وتم سجن وتعذيب الالاف والقتل بلا محاكمات,في عشية عيد رمضان وقتل مجدي محجوب وغيره ظلما,وطلاب الجامعات قتلوا ظلما,وفي دارفور قتل وشرد المواطنين من قراهم, وقتلي بورسودان وكجبار وامري والنيل الابيض وطلبة معسكر العيلفون حينما تم حصدهم وهم يرحمهم الله وجههم للنهر وظهرهم للرصاص,وقد حرم الله قتل النفس بغير حق... ظلم المزارعين ورفع الدعم عنهم وتركهم للبنوك تطاردهم وتحبسهم ظلما وجورا. ومطاردة الامن لهم وانتزاع كل محصولهم القليل بدعوي الزكاة. وعقود الازعان التي تمليها عليهم شركة الاقطان,والبنوك.
وفتح فرص العمل والتوظيف لاهل الولاء وضعيفي الكفاءة, وباقي السودانيين لهم العطالة وعيشة السوق أو المنافي. اين كان التوجه لله واجور العاملين وحقوقهم وفروقاتهم المتراكمة بالسنين, والدين يأمر بأعطاء الاجير اجره قبل ان يجف عرقه,ونظام شريعتكم يعطي العاملين فتات حقوقهم بعد جفاف حلقهم ونشاف ريقهم. و المعاشيين وهم يتوكأون عجزة ومرضي وكأنهم يتسولون حقوقهم التي لاتكفيهم علاج ومواصلات. اين توجهكم الي الله وتشاهدون الظلم الواقع علي المناصير من سنين وهم صامدين في عز الشمس وضلهم الذي وقف مازاد . ومعاشيي البنوك تحكم لهم المحاكم باستلام حقوقهم ودولة شريعتكم التي تنكرونها تأبي تنفيذ حكم القضاء.
ايها السادة علماء السلطان والشيوخ والدعاة ومعكم الذين مردوا في النفاق, ان الله أمر بالعدل والاحسان ونهي عن المنكروالبغي والظلم((ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربي,وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي,يعظكم لعلكم تذكرون)) ((ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات الي أهلها,واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)) ,فأين توجهكم الي الله من هذه الاوامر والمعاني والقيم السامية وهي تنتهك من دولة شريعتكم وانتم صم بكم عمي امام الظلم البين والبغي والجور علي الناس,باسم الشريعة. وانتم اسياد العارفين الم تقرؤا (انما السبيل علي الذين يظلمون الناس, ويبغون في الارض بغير الحق,اولئك لهم عذاب اليم)..((والله لايحب الظالمين))..(ماعلي المحسنين من سبيل). وان الله حرم الظلم علي نفسه وحرمه علي المؤمنين..وكما قال ابن خلدون في المقدمة(الظلم مؤذن بخراب العمران).وكما جاء عن قول ابن تيمية(ان الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولاينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة)..
2-ثانيا: الفساد الذي لايخفي علي راعي الضان في الخلا, هذا الفساد الذي استشري من قمة رأس النظام الي اخمص قدميه في اصغر وحدة ادارية داخل اي محلية. هذا الفساد لم يظهر الان بل منذ بداية عهد النظام حينما تم بيع ممتلكات الشعب ومؤسساته باسم الخصخصة بأبخس ثمن,وتم تخريب المؤسسات والمشاريع,والمسئول لاهم له الا ان يغرف من مال الشعب مخصصات وامتيازات بعشرات الملايين والانجاز صفر, الثراء الغير مشروع وبناء القصور, واخذ العمولات وقفل العطاءات علي اهل الولاء,الفساد الذي ولغ فيه اهل الحكم واقاربهم لم يعد خافيا. وهم يتعاملون مع الدولة كأنها غنيمة غنموها وعليهم التمتع بامتيازاتها, ونسوا انها لخدمة الشعب, واتخذوا السلطة وسيلة للغني وتراكم الثروات,وليس لخدمة الشعب أو الشريعة التي يدعون الحكم بها. وكتاب الله يقول((ولاتأكلوا اموالكم بينكم بالباطل,وتدلوا بها الي الحكام,لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون)) كل افراد الشعب السوداني يعلمون الفساد والمفسدين ويتابعون الفساد ويتناقلون اخباره لاكثر من عشرين سنة ولاتخفي خافية وكل شئ في السودان واضح وفاضح. مع كل ذلك لم نراكم يادعاة التوجه الاسلامي ولم نسمع احد منكم احتج واعترض علي هذا الفساد وملفاته قد سدت عين الشمس, منذ ايام المحاليل الفاسدة, والاسمدة الفاسدة,والحقن الفاسدة, والطلمبات الفاسدة, والحاصدات الفاسدة, وصولا الي الدبابات الفاسدة, وفساد الاجهزة الامنية وشركاتها,وفساد البنوك اللااسلامية التي تخدم الاغنياء وحدهم. وافقار الشعب بالسياسات التي لاتخدم الا اهل السلطة' تخريب الخدمة المدنية وانهيارها وفسادها بالرشاوي والاكراميات والتزييت . تخريب التعليم وتدمير الخدمات الصحية, ان الفساد في السودان الان تحت دولة الشريعة التي تنكرونها اصبح عصيا علي الاحاطة و صار فسادا مؤسسيا ترعاه الدولة ومؤسساتها.ولو كان هنالك صدق في التوجه الي الله لرأيناكم معترضين وناصحين لاهل الحكم بدل موالاتهم في ظلمهم وفسادهم, والله سبحانه وتعالي وعد من يسعي في الارض فسادا ويهلك الحرث والنسل بجهنم وبئس المهاد((ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا,ويشهد الله علي ما قلبه وهو الد الخصام,, واذا تولي سعي في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل, والله لايحب الفساد,, واذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم,فحسبه جهنم ولبئس المهاد))..((واذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض,قالوا انما نحن مصلحون,الا انهم هم المفسدون ولكن لايشعرون)) .. ان الله لايحب الفساد فلماذا واليتم المفسدين في الارض.وانتم اهل التوجه الي الله.
3-ثالثا: ان فشل النظام في ادارة البلاد كان فشلا كارثيا,خرب السلام الاجتماعي بالقبلية والجهويات, وعجزت السلطة في الحفاظ علي وحدة البلد وضيعت الجنوب,فخسرت البلاد موارد وانفس,فقدان الموارد الذي يعاني منه المواطن الان غلاءا طاحنا وافقارا واسعا, وتعاني السلطة نفسها من شح الموارد حتي تضطر ان تخصم من حق المرضي المسافرين للعلاج.هذا الخسران المبين لم يحرك لاصحاب التوجه ساكن, و قد جاء في الاثر(ليس أعظم خيانة من رجل تولي امور الناس فنام عنها حتي اضاعها). والشريعة في مقاصدها كما حددها العلماء منها حفظ النفس وحفظ المال, وبضياع الجنوب ضاعت اموال وضاعت انفس, والضرر سيصيب ملايين السودانيين وانعامهم في المناطق الحدودية, وتضررت البلاد ضررا بليغا, مع العلم ان اهم مبادئ الشريعة جلب المصلحة ودفع الضرر,مثل قول الفقيه الحنبلي نجم الدين الطوفي(ان المصلحة هي المقصد الاسمي للشارع,ويجب الاخذ بها اذا حدث تعارض مابين المصلحة والنص.لا من باب الافتيات علي النص,ولكن من باب تأويله,ولا يقال ان الشرع اعلم بمصالحهم فلتؤخذ من ادلته,لاننا قررنا ان رعاية المصلحة من خصائص الشرع, وهي اقواها وأخصها فنقدمها في تحصيل المصالح). والفقيه العز بن عبدالسلام يقول(لا تعرف مصالح الآخرة ومفاسدها الا بالشرع, وتعرف مصالح الدنيا ومفاسدها بالتجارب والعادات). لذلك ضياع الجنوب والتفريط فيه مخالف للشريعة, بميزان الشريعة التي يدعيها النظام وتوالونه انتم ,فمنكم من سكت ومنكم من ذبح الذبائح فرحا بذهاب الجنوب. وقال لافض فوه (أن السودان كان يحكم بكتاب الله لكن الدغمسة والدنس في حياتنا كانت بسبب الجنوب, (هل هذا كلام من اخلاق مسلم يخاف الله في خلقه,انه الاستعلاء والعنصرية)وبعد انفصال الجنوب اصبح الاسلام عزيزا,وانه لامجال لأن يحكم السودان بغير الشريعة الاسلامية, واصبح الوضع الان اشبه بدولة المدينة)..!! ياسبحان الله ((يخادعون الله والذين آمنوا, وما يخدعون الا انفسهم ومايشعرون,, في قلوبهم مرض,فزادهم الله مرضا, ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون))..((وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين)). ياهؤلاء ان الدغمسة والدنس سببها جماعتكم في الحكم وليس الجنوب. وقولكم بأن السودان الان صار خالصا للاسلام يدل علي قصور فهمكم للشريعة وعدم معرفتكم بتاريخ الاسلام خاصة في السودان,لان المسلمين الاوائل في السودان لو كانوا فكروا بهذه الطريقة العرجاء لما كانت هذه الارض ارض اسلام. فالاسلام انتشر بالقدوة الحسنة والتسامح والرفق واللين ومخالطة الناس الذين خلقهم الله شعوبا وقبائل ليتعارفوا وأن اكرمهم عند الله اتقاهم..ان طرد الجنوبيين من العمل ومن الشمال بهذه الطريقة اللارحيمة ومنهم من ولدوا وعاشوا في الشمال ولا يعرفون الجنوب,ولاعلاقة لهم بالاستفتاء, لا علاقة له بالاسلام ولايخدم الاسلام,انه تعامل غير اسلامي وغير انساني وغير اخلاقي. لان التعامل الاسلامي والحضاري السليم كان في تخيير من يريد البقاء أو الذهاب.. ان التوجه لله لوكان خالصا لما رضيتم مثل هذا التعامل مع الجنوبيين مسلمين وغيرهم. أوبضياع الجنوب لانه علي الاقل وفق فهمكم هو ارض دعوة وانتم اهل الدعوة, فلماذا ترضون التفريط في ذلك وتكتفون بالقول ان هوية السودان حسمت,أو بأن المسلمين 97%, وحتي لوكان المسلمين 100% هذا لا يبرر دعوتكم للدستور الاسلامي ولايبرر صحتها.انما هي محاولة للعودة من الشباك, ولتبرير وتخفيف خيبة وجريمة ضياع الجنوب وضياع الموارد التي يلهث الآن النظام للبحث عنها في كل الاتجاهات ولايجد الا الصد وتصعير الخد.
4-رابعا: وهذا هو المهم. ان الدعوة لتحكيم شرع الله خبرها الشعب السوداني تطبيقا في الثلاثين سنة الماضية طغيان واستبداد وقهر وظلم وفساد وفشل, وحصادها خراب للبلاد وعذاب للعباد .. والشريعة بريئة من هذا , فأين الخلل؟ ان الاجابة علي هذا السؤال تحتاج الي مجلدات و نكتفي الآن بالقول ان الشريعة لاتحكم انما يحكم بها الرجال كما يرونها ويشتهون,ونصوص الشريعة لاتنطق انما ينطق بها الرجال حسب اهوائهم ومواقفهم وميولهم ونزواتهم.لذلك ليس هنالك شريعة واحدة انما شرائع تتعدد بتعدد الفهوم و المكان والزمان اذا تأملنا التاريخ اوالحاضر الذي نعيشه.. والشريعة لاتحكم انما الذي يحكم هو فهم البشر وتفسيرهم وفقههم الذي يفهمون به الشريعة, والفقه هو جهد بشري قابل للنقد والنقض.. ونحن كما نفهم الشريعة نري ان مشاكل حياة السودانيين ومعاشهم لن تحل الا في ظل دولة ديمقراطية,تقوم علي اسس العدل والحريةوالكرامة والمساواة,وتوفير الحاجات والتداول السلمي للسلطة, وترك الشعب يختار بارادته الحرة دستوره,ويختار من يحكم وفق برنامجه الذي يطرحه لحلول المشكلات. ولا نقبل ادعاء الحكم بما انزل الله والوصاية علي الناس, وتأبيد السلطة بالقمع والاكراه, وتماهيها بالشريعة لتصبح سلطة مطلقة,وربط كل سلوكها وموبقاتها بالشريعة كما نشاهد الآن طازجا وحاضرا كل يوم, والسلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة مهما ادعي الذين مردوا في النفاق. ان تجربة التاريخ الاسلامي تعلمنا ان اسناد المواقف الدنيوية برفع راية الدين وتقديس الذات والرأي, ظاهرة مستمرة حتي اليوم. وكثيرا مارفعت راية الدين لتحقيق باطل,كما رد علي بن ابي طالب للخوارج(كلمة حق يراد بها باطل) حينما اصروا واضطروه لقبول التحكيم بعد ان رفع الفريق الثاني المصحف في صفين,ظنا منهم ان الحكم سيكون بكتاب الله وانطلت عليهم الخدعة.ثم ماحدث بعدها معروف,وكفر الخوارج عليا رضي الله عنه بعد ان قبل تحكيم الرجال(وهو من قال فيه النبي ص ''انا مدينة العلم وعلي بابها'') وقتلوه بأسم الدين ونصوصه.بقولهم ان الحكم الا لله وليس للرجال, وهذه قراءتهم وفهمهم ولا نعدم اليوم من يقرأ النصوص مثلهم بل انكأ وأضل منهم..
معاوية الذي اخذ السلطة بالغلبة وحولها الي ملك عضوض قال لأهل الكوفة لتبرير سلطته (قد اتاني الله ذلك وانتم له كارهون) ولم يعدم معاوية المنافقين الذين قال احدهم(لن يملك احد هذه الامة كما ملك معاوية) وقال آخر(كان معاوية ومارأينا بعده مثله)...
ان اهل السلطة في كل زمان ومكان لايتورعون في رفع راية الدين لتقديس ذواتهم واقوالهم وسلطتهم,, انظر ماذا قال الخليفة المنصور (انما انا سلطان الله في ارضه اسوسكم بتوفيقه وتسديده, وحارسه علي ماله,اعمل فيه بمشيئته وارادته,واعطيه بأذنه, فقد جعلنا الله عليه قفلا, اذا شاء ان يفتحني فتحني لأعطائكم,واذا شاء ان يقفلني عليه قفلني).. مثل هذا كثيرا مانسمعه من اهل السلطة اليوم . لتبرير الفشل وتضييع موارد البترول وغيرها(الرزق علي الله ياجماعة)..او بالهتاف (لا لدنيا قد عملنا...) . حتي انتم اهل جبهة الدستور الاسلامي وصفتم عملكم بالتوجه الي الله وانه عمل رباني..واكيد طبعا رجاله ربانيين وبرنامجهم رباني وسلطتهم ربانية, وبمثل هذا الفهم يتم انتاج السلطة المطلقة, ويتم تبرير الاقصاء والقمع والظلم والفساد... حينما سألت صحيفة ,الغفلة,امين عام جبهة الدستور الاسلامي, ماهو الضمان ان لاتكرروا مثل فشل التجربة الحالية؟ كان رد الشيخ انهم متفقين.وهذا واجب شرعي! وعلي ماذا اتفقتم ياشيخنا؟ . أرجو ان لا يكون اتفاقكم يا شيخنا الجليل هو ان ترموا الفيل في بير الانقاذ القابع داخلها الشعب السوداني.
5-خامسا : وهذا هو الاهم, ان الدولة لاينصلح حالها,أوتحل مشاكلها بمجرد ان ترفع لها اسما اسلاميا اوتسمي لها دستورا اسلاميا,هذه شكليات و مسميات ولافتات لاتعني شيئا, فالمهم هو المضمون , والمضمون هو القيم والمبادئ التي تقوم عليها الدولة وهذا هو المحك,وهذه القيم والمبادئ والتمسك بها هي الطريق الي تقوي الله ونيل مرضاته. واول هذه القيم هو العدل(ان الله يأمر بالعدل والاحسان)..(ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات الي اهلها,واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)..ابن القيم كان من المجددين لانه أكد في كتابه ,اعلام الموقعين, علي قيمة العدل بانه مقصد الشريعة فحيث كان كانت الشريعة(ان الله ارسل رسله وانزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي قامت به السموات والارض,فأذا ظهرت امارات الحق وقامت أدلة العقل وأسفر صبحه بأي طريق كانت, فثم شرع الله ودينه ورضاه وأمره, والله تعالي لم يحصر طرق العدل وادلته واماراته في نوع واحد وابطل غيره من الطرق التي هي أقوي منه وأدل وأظهر. بل بين بما شرعه من الطرق أن مقصوده اقامة الحق والعدل,وقيام الناس بالقسط, فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل, وجب الحكم بموجبها وبمقتضاها. والطرق اسباب ووسائل لا تراد لذاتها وانما المراد غاياتها التي هي المقاصد)..والعدل هو مقصد المقاصد.. ذكر ابن القيم ايضا في اعلام الموقعين ان الشريعة (هي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها,, فكل مسألة خرجت عن العدل الي الجور, وعن الرحمة الي ضدها, وعن المصلحة الي المفسدة, وعن الحكمة الي العبث,فليست من الشريعة وان أدخلت فيها بالتأويل).. ابن القيم هنا يستخرج جوهر الشريعة وهو العدل,والمهم تحقيق العدل ايا كان شكل الدولة. والعدل اساس الحكم((لقد ارسلنا رسلنا بالبينات, وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط))بالعدل, وهو قيمة شاملة لمبادئ الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية, وسد حاجات الناس. قال ابن الخطاب (ان الله استخلفنا علي عباده لنسد جوعتهم,ونستر عورتهم,ونوفر لهم حرفتهم,فاذا اعطيناهم هذه النعم تقاضيناهم شكرها,وان عجزنا اعتزلناهم).. حجة الاسلام الامام الغزالي قال(ان نظام الدين لايحصل الا بنظام الدنيا, فنظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يتوصل اليهما الا بمعرفة البدن وبقاء الحياة وسلامة قدر الحاجات من الكسوة والمسكن والاقوات والامن,فلا ينتظم الدين الا بتحقيق الامن علي هذه المهمات الضرورية..والا فمن كان جميع اوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة وطلب قوته من وجوه الغلبة,متي يتفرغ للعلم والعمل وهما وسيلتان الي سعادة الآخرة, فأذن ان نظام الدنيا, أعني مقادير الحاجة شرط لنظام الدين)..اننا ندعو دعاة الدستور الاسلامي الاهتمام بهذه القيم والمعاني والتركيز عليها,لأنها هي قيم الدين,بدلا من المزايدة علي السودانيين في اسلامهم,ورفع الشعارات التي أثبتت التجربة كذبها.. ونحن نتمسك بهذه القيم لأنها في مصلحة الناس ونرجو بها مرضاة الله . ونتمسك بالدولة المدنية الديمقراطية التي تحقق هذه القيم والمبادئ بغير اي تنطع او وصاية.
6- سادسا: ان كنتم ترجون من الدعوة للدستور الاسلامي التقرب الي الله ونيل رضاه,فهنالك طرق عديدة لمقصود الشرع,فطالما مقصود الشرع اقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط,فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها وبمقتضاها.لذلك نري ان الحكم بموجب ومقتضي الدستور الديمقراطي يحقق هذه المقاصد. لان الطرق اسباب ووسائل لاتراد لذاتها,انما المراد غاياتها التي هي المقاصد.كما ذكرنا في قول ابن القيم.
ان الفهم لموضوع الشريعة في صورتها التقليدية يحتاج الي نقاش, فنتيجة لاسباب تاريخية ولطرق تعامل الفقهاء ومناهجهم وهيمنة بعض هذه المناهج علي الفقه الاسلامي تم التركيز فيها علي احكام الشريعة,بدلا عن البحث والتركيز في مقاصد الشريعة,وكما هو معلوم ان الاحكام معلولة بمقاصدها وتدور معها,فمقاصد الشريعة هي الاصل واحكامها الفرع. وترك الفقهاء الاصل واهتموا بالفرع. الا قلة منهم اشهرهم في هذا الباب الامام الشاطبي,مؤسس فقه المقاصد والطوفي والعز بن عبدالسلام وابن القيم,ورائد هذا المجال هو الخليفة عمربن الخطاب في اجتهاداته المعروفة,عن حق المؤلفة قلوبهم,وارض السواد بالعراق ,وحد السرقة في عام الرمادة,حينما عطل احكاما مشروعة بنص القرآن,وعلل ذلك بانتفاء الحكمة والعلة من الحكم,بعد ان تغيرت الاحوال, وأن العبرة بمقصد الشرع وليس بحكمه. ان هذا المنهج العمري لو تمسك به المسلمين لكان حالهم اليوم غير حالهم البائس هذا.
كذلك هنالك قضية جوهرية واساسية في تعامل فقهاء الامس واليوم مع موضوعي العقيدة والشريعة, فالعقيدة هي الاصل والشريعة هي الفرع,وانصب اهتمام الفقهاء علي الفرع وعلومه من اصول الفقه وانتشر مذهب الشافعي مؤسس اصول الفقه,الذي جعل النص هو المرجع لكل اصول الفقه ,حتي الرأي بشقيه الاجماع والقياس لا بد من ارجاعهما الي واقعة سابقة في نص. هكذا تم اضعاف دور العقل وقفل باب الاجتهاد. وفي باب العقيدة وعلومها في اصول الدين ,وعلم الكلام هو علم اصول الدين,كان اوائل المتكلمين يؤسسون منهج ايماني لمعرفة الله الخالق,ومعرفة صفاته وافعاله وتعريف الخلق به وبأفعاله وصفاته من خلال طرق النظر العقلي والبرهان,وكان مبدأهم الشهير 'الاستدلال بالشاهد علي الغائب'بالاضافة الي مانقل عن الرسول من نصوص الكتاب والسنة. ثم جاء الامام ابوالحسن الاشعري الذي كان متكلما معتزليا ثم انسلخ منهم واسس منهجه في اصول الدين علي اساس النصوص والنقل وهاجم المتكلمين ومنهجهم في النظر العقلي والبرهان,وانتشر المذهب الاشعري,وجاء بعده فقهاء عارضوا اطروحات علم الكلام,مثل الغزالي الذي الف كتاب باسم(الجام العوام من علم الكلام) ,لكل ذلك اصبح الناس يتحاشون الخوض في العقيدة. ومعظم الفقهاء انصب عملهم وعلمهم حول اصول الفقه واحكام الشريعة. لذلك صار الاهتمام لدي المسلمين بالشريعة اكبر من العقيدة.وبسيادة المذهب الاشعري في اصول الدين والمذهب الشافعي في اصول الفقه وكلاهما انتصر للنقل علي العقل. هيمنت الية النقل علي التاريخ والفقه الاسلامي وغاب العقل الذي كان يمكن ان يؤسس منهجا عقلانيا للعقيدة. والعقيدة هي الايمان الذي (وقر في القلب وصدقه العمل)وهذا الايمان يعبرعن نفسه في السلوك اليومي, لأن الدين ليس مجرد حركات ظاهرة(عبادات)او شكليات,انما عقيدة سلوك في الحياة ومبادئ للاخلاق والعلاقات مع الناس. ان العقيدة الايمان (الدين المعاملة) جوهرها الاخلاق التي يجب ان يتحلي بها المسلم المؤمن مثل الصدق والامانة والاستقامة والاخلاص واحترام كرامة الانسان والرحمة والتسامح والعفو والتواضع وحب عمل الخير والعمل الصالح.لكن بسيادة النقل والتلقين صارت الشريعة والعبادات اقرب الي العادة منها الي الدين .وضعفت العقيدة الايمان(السلوك)لانها قامت علي التلقين والنقل, ولم تقم علي المنهج العقلي. ولو قام الايمان علي المنهج العقلي لوجد المسلم التفسير العقلي لضرورة ان يتسق سلوكه مع عقيدته وايمانه. لهذا السبب توجد هذه الهوة الشاسعة والانفصام الغريب في حياة المسلمين بين قيم واخلاق عقيدتهم وسلوكهم اليومي البعيد عن هذه الاخلاق. مثل ماذكر احد العلماء اظنه الشيخ محمد عبدو, انه وجد في اوروبا اسلاما ولم يجد مسلمين وهنا يجد مسلمين ولايجد اسلاما.. الآن يمكن ان نوضح بجلاء ان ماذكرناه سابقا يمكن ان يفسر لنا واحد من اسباب السلوك العجيب والغريب(لمتأسلمي السودان) وفشل تجربة الحركة الاسلامية في السودان. وهنالك اسباب اخري طبعا. المهم مانود قوله لدعاة الدستور الاسلامي أن هذه من اهم القضايا اليوم بالنسبة للاسلام, وليس موضوع الدستور الاسلامي.
ومن اراد التوجه الي الله ونيل مرضاته, هنالك عدة طرق منها ان يشري نفسه ويقيها الشح.وهنا مربط الفرس لسلوك المسلم الصادق((ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله))..((ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)).بمجاهدة النفس(الجهاد الاكبر) يتحلي المسلم بمنظومة القيم الاخلاقية والفضائل ,((وأما من خاف مقام ربه,ونهي النفس عن الهوي,فان الجنة هي المأوي)) لانه بصلاح الفرد يصلح عمله ان كان وزيرا أو خفيرا. لذلك المهم هو تمكين الدين في النفوس, قبل الهتاف بشعارات كاذبة . فالدولة لاتصلح بمجرد تسميتها او تسمية دستورها بالاسلامي,وتمارس الظلم والطغيان((فأما من طغي,وآثر الحياة الدنيا,فان الجحيم هي المأوي)). انما المهم سلوك العاملين في الدولة واستقامتهم وصدقهم وامانتهم. وعلاقة الدين بالدولة تكون من خلال تحلي رجال الدولة بفضائل واخلاق الدين.وكما قال طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا انه يتصرف كمسلم باستقامة,ويعمل باخلاص لمصلحة الشعب التركي. وليس مهم ان كانت الدولة تسمي علمانية او غيرها. وهذا تطور مهم للاسلاميين في تركيا وسبب لنجاحهم.
بالاضافة الي الفهم القاصر لموضوع الشريعة والتصور التقليدي(النقلي التلقيني) التجريدي والمطلق للشريعة, كما ذكرنا سابقا, هنالك ايضا مسألة تصور الاسلاموي لذاته ولنفسه وللآخرين .الاسلاموي يتحرك بشعور يتعالي به ويضع نفسه خارج مجال تطبيق الشريعة كما يفهمها.لانه يتصورها قوانين لحمل الناس وردعهم للهداية. ويضع نفسه كمشروع هداية والآخرين هم موضوع ومجال الهداية,(اعادة صياغة الناس ,تزكية المجتمع , شرطة امن المجتمع ,النظام العام وغيرها من المحن والاحن ).وتتلبسه حالة الداعية,التطهري.وهذا نتيجة للفهم القانوني الملتبس للشريعة الذي يتم تكريسه في المؤسسة التي يلتحق بها,معهد ديني ,جامعة اسلامية او حزب سياسي. وبأنه سيعيد للدين مجده.فتجد الحماس الظاهري لتطبيق الشريعة.والصلاة والصيام والتهجد والحج والعمرة كل سنة علي حساب الحكومة طبعا. فنتيجة للتصورين, ,1-التصور التاريخي والقانوني للشريعة الخالي من الايمان العقلاني الاخلاقي,نتيجة للاهتمام تاريخيا بالشريعة علي حساب العقيدة والمنهج الايماني العقلاني 2-والتصور عن الذات المتعالي.. يحدث الانفصام بين الشعارات والسلوك. فمن الظواهر العادية في مجتمعنا الآن تجد شخص بهذا الحماس الذي ذكرناه يحمل صفة او اكثر من الفظاظة,غلاظةالقلب,الجفاف,الحقد,الحسد,الطمع,الجشع,الانانية,الكذب,اكل الاموال بالباطل,اموال الزكاة او المنظمة اوالحج والعمرة,صندوق دعم كذا, النقابة,المحلية,متأخرات وحقوق العاملين, احتقار المرأة...الخ.
ان هذا السلوك ناتج عن حالة ثقافية تولدت من الركود والتغييب المتطاول للعقل ودوره في الايمان و النظر والمعرفة وفهم النصوص والاجتهاد والاستنباط,هذه الحالة الثقافية يمكن تسميتها بالعقل المجازي,وهو طريقة في التفكير تتجاوز الواقع الحقيقي وتخلق واقعا خياليا, يتم فيه تعطيل ملكة الاستجابة للواقع و تغييره للافضل, وتسود حالة الخضوع وايهام النفس بالرضا بالمقسوم. انكارحقائق وصنع حقائق متوهمة وفق هذا التفكير الرغبوي, المخايلة والكذب من اهم خصائص هذا العقل المجازي,الذي يفعل عكس مايقول ويفسر الفشل بالمؤامرة الخارجية,والفساد بالفتنة, والاخفاق والاخطاء بالابتلاءات, وضياع الجنوب الي ميزة ايجابية,كحسم للهوية وان الحياة ستكون افضل بدون الجنوب. وتفسير هذا الواقع الكارثي في السودان وكأن المشكلة هي غياب الدستور الاسلامي الخالص..!هذا هو العقل المجازي الذي انتج الاسلمة المجازية و الشريعة المجازية.!وهو احد الاسباب الاساسية لفشل تجربة الاسلاميين, وحالة الاستعصاءالتاريخيةوعجز المسلمين لدخول عصر العقل والعلم والحرية.. فيادعاة الدستور الاسلامي عليكم ان تفهموا اولا لماذا كان الفشل حليف التجربة التي تتنكرون لها, وسيلاقي اي تجربة اخري تسعون لها.. فالخلل جوهري وراسخ رسوخ التاكا.والحل ليس المطالبة بدستور اسلامي,انما تغيير جذري.. وجذري في فهم الاسلام ودوره,وتغيير النظام الذي توالونه. وبناء نظام ديمقراطي قائم علي العدل والحرية والمساواة,والكرامة. وسد حاجات الناس من القوت والامن والتعليم والصحة وكل الخدمات الضرورية.
7-سابعا:واخيرا .ليس لكم اي حق في مصادرة حق الآخرين ان يطالبوا بدستور ديمقراطي .ولايحق لكم لادينيا ولااخلاقيا ولا وطنيا ان تنعتوا الآخرين بأعداء الاسلام أوالعلمانيين, لمجرد رفضهم طرحكم هذا في محاولة منكم لتقديس ذواتكم,وتزكية انفسكم علي الله وارهاب الآخرين باسم الدين, وهذه اساليب عفي عليها الزمن ومحتها التجربة المرة التي يعيشها الشعب السوداني اليوم. كذلك ليس من حقكم مصادرة حق الشعب السوداني في تقرير مستقبله ومصيره. وتقرروا ان المطلوب هو دستور اسلامي خالص بدعوي ان 97%من الشعب مسلمين,حتي لو كانو 100%مسلمين لايحق لكم التقرير والجزم بأن هذا الامر سيتم مهما كانت الاعتراضات,كأنكم مبعوثي العناية الالاهية للشعب والاوصياء عليه.واجبار الناس واكراههم وحملهم بغلبة قدرة الانقاذ علي قبول طرحكم. هل تكرهون الناس حتي يكونوا مؤمنين,وقد رأيتم نتيجة الاكراه في التجربة التي تتنكرون لها الآن.((ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا,أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين,,وماكان لنفس أن تؤمن الا بأذن الله)).لا يمكن ان تجبروا الناس علي شئ خبروه. ومن حقكم ان تقولوا رأيكم ,ولكن ((عليكم انفسكم, لا يضركم من ضل اذا اهتديتم,الي الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون)).من حقكم كذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر,لأن((المؤمنون والمؤمنات, بعضهم اولياء بعض,يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.))والامر بالمعروف والنهي عن المنكر محكوم ومقيد ب((أدع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة,وجادلهم بالتي هي أحسن,ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله,وهو أعلم بالمهتدين)).لذلك لكم حق ابداء الرأي وحق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلكم مثل بقية المواطنين, لايميزكم عنهم اي شئ . حتي لو قلتوا عملكم عمل رباني.
نحنا مسلمين وابناء مسلمين ومع ذلك نرفض دعوتكم للدستور الاسلامي,لأننا نسعي لأن نقيم دولة مدنية ديمقراطية ,يتداول الناس فيها السلطة سلميا,ويحدد الدستور الديمقراطي مدة الحكم بمدي زمني معين, حتي لايكتوي الشعب بتأبيد السلطة كما هو حاصل الآن.والشريعة الاسلامية تكون أحد مصادر التشريع للدستور,وليس المصدر الوحيد كما يدعي البعض,وكل من يقول بذلك كذاب ودجال ويجهل الشريعة والدساتير.ووفق الدستور نحتكم الي الشعب في اختيار الحاكم,فلا شرعية الا شرعية الشعب,ولاسلطة الا سلطة الشعب. وندين باسلامنا الذي تربينا عليه في حاراتنا وزوايانا وخلاوينا. الاسلام الذي تحسر عليه امين عام جبهة الدستور الاسلامي,حينما ذكر لصحيفة ,الغفلة,ان المجتمع قبل الانقاذ كان محافظ وعلي الفطرة. هذا هو اسلامنا الذي نريده,اسلام السماحة والتسامح والتعايش والتراحم والتكافل,اسلام عفو الله والرسول,اسلام المأمون علي بنوت فريقو, اسلام الرحمتات(الرحمة تأتي),(اسلام الله والرسول ده) واماتنا واخواتنا وهن يضربن بتيابهن وطرحهن علي جيوبهن, متحشمات لامحتاجات اصرموا الرأس مع الحنك,ولا لخيمة سوداء تجعلهم كالغربان,في هذا البلد الحار والجاف,اسلام فتتنا وبلحنا وبي كرم النبي يااولادي,اسلام نوباتنا وطاراتنا, اسلام ياداخل هذا الدار صلي علي النبي المختار,مش اسلام الحج الفاخر وحج الدستوريين والحج المجهجه,والحج الضاربين قروشو.نريد الاسلام السوداني النيلي وليس اسلاما صحراويا بدويا. اسلاما حضاريا يكون هاديا للدولة بمقاصده في العدل والمصلحة ودرء المفاسد ودفع الضرر, والمساواة والكرامة الانسانية وحفظ النفس والمال والنسل والدين, لأن صحة الاديان من صحة الابدان. وانتظام الدنيا شرط لانتظام الدين. اسلاما حضاريا هاديا للدولة بقيمه الاخلاقية وفضائله..اسلام مهاتير واردوغان وليس اسلام شباب المجاهدين وطالبان.فمن اراد الاسلام عليه بالمقاصد والاخلاق....لأن المهم هوالاخلاق. أو كما قال ساخر سبيل,( القصة مادستور ... القصة ضمير وحق الفطور ).
هدانا الله والجميع سواء السبيل.
جمال ادريس الكنين
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.