من المكنسة الكهربائية المعطلة إلى الدراجة الهوائية المتهالكة مرورا بالقميص المثقوب... ما من مستحيل بالنسبة إلى متطوعي "مقهى التصليح" الذين يقومون بإعادة الحياة إلى سلع كانت ستنتهي في سلة المهملات لولا لمساتهم السحرية. الهولندية مارتين بوستما أطلقت فكرة "مقهى التصليح" الذي ينتشر اليوم في البلاد من خلال عشرين فرعا مستقلا. فتؤكد لوكالة فرانس برس أن "الناس فقدوا بكل بساطة عادة التصليح وبات من السهل رمي أغراض يمكن تصليحها". في المكان الذي تم استئجاره في أمستردام خصيصا لهذا "المقهى" والذي علقت على جدرانه مناشير ومفكات براغي وأسلاك كهربائية، يقوم أربعة أشخاص شغوفين بالهندسة الإلكترونية بتصليح المكانس الكهربائية المعطلة في حين تنكب خياطتان على ترقيع الألبسة الممزقة. تخرج مارتين بوستمان (41 عاما) هاتفا محمولا من جيبها كان قد تم شراؤه قبل عشر سنوات، وتقول "ينقصه ثلاثة مفاتيح، لكن لا بد من إيجاد طريقة لتصليحه. باستثناء ذلك، هو يعمل على أحسن ما يرام!". وتؤكد هذه الصحافية السابقة التي فتحت في العام 2009 أول "مقهى تصليح" في أمستردام، أن ما من أحد يرمي شيئا حبا بذلك. لذا يهدف مقهاها إلى "جمع فئتين من الأشخاص، وهما المتطوعون الذين يقومون بأعمال التصليح وهؤلاء الذين يرغبون في تصليح حاجيات يملكونها من دون أن يعرفوا كيف يقومون بذلك". تعطلت مكنسة مارغريت باكير (57 عاما) الكهربائية بعد أربعة أشهر من شرائها. فتقول "من الافضل بكثير المجيء إلى هنا بدلا من تصليحها عند المصنع بكلفة تعادل ثمن مكنسة جديدة". وتنحني مارغريت لتفحص المكنسة التي تسلم تصليحها تيو فان دي آكر وهو مستشار مالي يهوى عالم الإلكترونيات. ففي "مقهى التصليح" يعمل الزائر يدا باليد مع المتطوع، ويتعلم في بعض الأحيان كيفية تصليح الأجهزة بنفسه. وبعد ساعة من تفكيك الآلة والتحقق من المروحة وفحص الأسلاك الكهربائية، تم تحديد المشكلة التي تبين أنها عطل بسيط في القابس. ويأسف تيو فان دي آكر (64 عاما) لأن "الأجهزة التي يتم تصنيعها اليوم هي أقل صلابة من تلك التي كانت تصنع في السابق كما أنها تدوم لفترة أقصر". يضيف "وبات من الصعب تفكيكها إذ إنها لم تصنع بحيث يمكن تصليحها". في البداية، كان "مقهى التصليح" مجرد مبادرة محلية في مدينة أمستردام، لكنه لقي نجاحا فاق توقعات مارتين بوستما التي باتت اليوم تعمل بدوام كامل في مؤسسة "مقهى التصليح" التي أنشأتها في العام 2010 بدعم من الدولة. وهي تعنى بتقديم المشورة للمتطوعين الذين يرغبون في افتتاح "مقهى" من هذا القبيل. ويعتبر كل "مقهى" من هذه المقاهي مستقلا من حيث التمويل واستخدام المتطوعين خصوصا. ويحضر المتطوعون الأدوات التي يعملون بها، في حين تؤمن السلطات المحلية المكان أو يتم استئجاره. كان الهدف يقضي بداية بفتح 18 "مقهى تصليح" في هولندا بحلول العام 2013. لكن وحتى اليوم، افتتح عشرون "مقهى" في حين أن حوالى خمسين آخر قيد الإنشاء، حتى أن مارتين بوستما باتت تحلم ب "مقهى" في كل واحدة من البلديات الهولندية البالغ عددها 415 بلدية. وتؤكد أن هذا النموذج "قد يلقى نجاحا في أوروبا الغربية، وربما في أميركا الشمالية أيضا".