لحظات صباح الأمس لم تكن لحظات عادية.. بل كانت تفوق الخيال، أدهشت الجميع، حشود من البشر جمعت كل ألوان الطيف السياسي والديني والعرقي، كلهم اجتمعوا على وداع الزعيم الشيوعي الكبير الأستاذ محمد إبراهيم نقد واتفقوا على محبته وتقديره، رغم اختلافاتهم المشهودة، سار الجميع في موكب ضخم، لم يتمايز فيه أحد ولم ينتبه أيا كان لمن يمشي بالقرب منه أهو أنثى أم ذكر، بل حمل الجميع لافتات تزينت بصور الراحل وشعارات الشيوعيين التاريخية المعروفة. طلائع: مرت مجموعة من الأطفال يرتدون فنلات حمراء اللون تحمل صور الفقيد وبها شعارات مختلفة ويرددون هتاف (عاش نضال الحزب الشيوعي السوداني، عشان نضال الطبقة العاملة، خالد- خالد نقد القائد)، مرّ جثمان الراحل على عربة بوكس لف بعلم السودان التي أفنى حياته من أجلها، علقت صورة كبيرة حملت نقد وخلفه إهرامات النوبة في أقصى الشمال، وكان الهرم الذي يقف خلف نقد متهالكاً ترادمت أحجاره من حوله، في لوحة توحي بالحال. مناضلات: الملاحظ.. أن أعداداً كبيرة من النساء تجمهرن وظللن يرددن الهتافات الثورية بأصوات علت أصوات الرجال، (حرية- سلام- وعدالة والثورة خيار الشعب، وماشين في السكة نمدّ من سيرتك للجايين) كان الهتاف السائد، لم تذرف الدموع بعد، لم يكن جلد ولا صمود بل احتفظن بدموعهن لحين آخر، وكان لسان حالهن يقول: هذا ليس وقت البكاء إنما وقت الهتاف ورفع الراية. وصل الحشد إلى مقابر الفاروق، إصطف الرجال لأداء صلاة الجماعة بينما توقفن هن بالقرب من المصلين، حاول البعض إثنائهن عن الدخول إلى المقابر ولكن أصررن بشدة وإنبرت إحدى المشيعات تدافع عن مبدأ الدخول لوداع القائد نقد الوداع الأخير بقوة حتى أفلت منها المعترض، وتدافعن إلى الداخل. في الصفوف الأمامية للمشيعين مشت الأستاذة هالة عبدالحليم رئيسة حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، وفي المنتصف مشين كريمات السيد الصادق المهدي رباح وزينب ورئيس المكتب السياسي لحزب الامة الأستاذة سارة نقد الله، بالقرب منهن رفعت لافتة حملت شعار (الحركة الشعبية لتحرير السودان) تحملها سيدتان. بعد تم مواراة الراحل الثرى، أجهشن بالبكاء وعلى صوت إحداهنّ، وهي تصرخ، اقتربت منها فوجدتها القيادية الشيوعية نعمات كوكو التي لم تستطع أن تتمالك نفسها من الحزن فأجهشت بالبكاء وهي تنادي على شهداء الحزب الشيوعي الشهيد علي فضل وقاسم أمين والشفيع وعبدالخالق محجوب، وأقسمت على رفع الراية حتى النهاية. التيار