الاستخبارات الفرنسية تمد قصر الإليزيه بعديد المذكرات حول تمويل قطر لجماعات إسلامية من جميع المشارب والبلدان. تقوم الاستخبارات الفرنسية منذ عدة أشهر بتزويد الرئيس نيكولا ساركوزي، الشريك المفضل للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، عما أسمته "لو كانار أنشيني"، الأسبوعية الساخرة الفرنسية، "استثمارات" قطر لدى الجماعات الإسلامية، خاصة في القرن الإفريقي ومنطقة السّاحل الإفريقي. وقالت الصحيفة في عددها الأخير أن "الصداقة التي تجمع ساركوزي بالأمير آل ثاني لا تمنع ضباط الاستخبارات من الاهتمام بقطر الغنية"، حيث أن "الإدارة العامة للأمن الخارجي"، جهاز الاستخبارات الفرنسي، يقوم منذ عدة أشهر، بتزويد قصر الإليزيه ب"عدة مذكرات حول النشاطات الدولية للإمارة، والتي لم تقتصر على تقديم المساعدة المالية للثورات في تونس ومصر أو ليبيا". وأضافت الصحيفة، تحت عنوان "قطر تستثمر أيضا لدى الإسلاميين"، بأن "استثمارات قطر السياسية تتوزع بين تسليح ثوار سوريا وتمويل المتمردين الإسلاميين الصوماليين، "الشباب"، في حين يتلقى الجيش الصومالي دعم الاتحاد الأوروبي". يذكر أن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه قد حذر مؤخرا في منتصف مارس/اذار من مخاطر نشوب حرب أهلية في سوريا في حال تسليم أسلحة إلى المعارضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، معتبرا أن إعطاء أسلحة إلى فئة معينة من المعارضة في سوريا "قد يكون بمثابة كارثة أكبر من الكارثة القائمة اليوم". وكان رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني قد دعا أواخر فبراير/شباط المجتمع الدولي إلى تسليح المعارضة السورية قائلا خلال زيارة رسمية للنرويج "علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لمساعدتهم (المعارضون) بما في ذلك تسليمهم أسلحة ليدافعوا عن أنفسهم"، داعيا الدول العربية إلى "أخذ زمام المبادرة والمشاركة في جهد عسكري دولي لوقف إراقة الدماء" في سوريا. لكن بعض المحللين يرون أن تمويل قطر للمتمردين الإسلاميين الصوماليين "يترك علامات استفهام كبيرة من أن قطر تريد ان تلعب في الصومال نفس لعبتها مع طالبان أفغانستان، أي انها تُبقي الباب مواربا". وكانت حركة طالبان قد أعلنت في يناير/كانون الثانيانها ستفتح مكتبا سياسيا في قطر، مما اعطى اشارات بأنها باتت مستعدة للدخول في مفاوضات مع الحكومة الافغانية. وتنقل "لو كانار أنشيني" عن جهاز الاستخبارات الفرنسي أن قطر تقوم ب"تمويل الجماعات الإسلامية في اريتريا، التي تتسلل إلى إثيوبيا. إلى جانب تمويل ودائما عبر منظمات غير حكومية 'متعاطفة' المتمردين الذين يجوبون منطقة الساحل ونيجيريا". وتخلص الصحيفة إلى القول بأن قطر تقوم اليوم ب"توزيع الدولارات على الإخوان المسلمين وعلى جماعات إسلامية (...) وواشنطن لا تنزعج نهائيا من الدور الذي تلعبه قطر ومن الدعم الذي تقدمه للإخوان المسلمين أو للإسلاميين من جميع المشارب". وكشف الخبير الأمني اليمني علي القرشي، المتخصص في شؤون الأمن الساحلي والبحر الاحمر، في فبراير /شباط عن "التحركات القطرية في ارتيريا بالتنسيق مع الموساد الاسرائيلي وإيران"، والتي تهدف، حسب قوله، ل"زعزعة استقرار اليمن والسعودية والسودان كما حدث في الصومال". ويقول القرشي أن الرئيس الاريتري سافر سرا مؤخرا الى قطر وان ملايين الدولارات تصل من قطر الى ارتيريا. وأن الطائرة التي يتنقل بها الرئيس الاريتري هي هدية من دولة قطر له. وتحدث كذلك عن زيارة قام بها مؤخرا قائد القوات الاريترية محمد كركاري الى قطر. يتزامن نشر تقرير "لو كانار أنشيني" مع تصاعد نبرات المرشحين للإنتخابات الرئاسية تجاه الدوحة في ظل تزايد النفوذ القطري، وبالخصوص في مجموعة "لاغاردير"، التي تنشط في مجالات الأسلحة وصناعة الطائرات والإعلام والرياضة وعالم المال والأعمال. وجاء أعنف هجوم على لسان مرشحة حزب "الجبهة الوطنية" (أقصى اليمين) مارين لوبين، التي وجهت سهامها لأمير قطر متهمة إياه ب"نشر النزعة الأصولية الإسلامية في كل بقاع العالم"، و"الاستثمار في فرنسا". وشدّدت لوبين، في مقابلة تلفزية على "وجود تأثير لقطر على الحملة الرئاسية"، مضيفة أن "قطر، وهي من أفضل أصدقاء نيكولا ساركوزي، دأبت منذ شهور على الاستثمار في كبريات شركاتنا وضواحي مدننا" وتوعدت ب "تركيع الإسلام الراديكالي".