الدكتورة رضوى فرغلي؛ بين كتابيها، 'بغاء القاصرات' و 'أطفال الشوارع: الجنس والعدوانية' المحتفى به حديثا، تدخل منطقة لطالما سكت عنها المجتمع وهو يراها كل يوم أمامه، وفي أول دراسة أكاديمية في العالم العربي تتناول من منظور نفسي 'أطفال الشوارع' الذين يقيمون في الشارع بالفعل، راحت تسلط الضوء على أكثر من مليوني طفل في مصر وحدها، لتؤكد في بحثها بأن ما نحتاجه لتغيير كل هذا هو ثورة تبدأ من داخلنا، هنا سنعبر لفضاءات وتجربة فرغلي مع أطفال الشوارع: * في دراستك عن أطفال الشوارع الجنس والعدوانية ما الذي أعطتك إياه هذه التجربة من خلال المعايشة اليومية مع الأطفال في الشارع؟ *هي من أكثر التجارب التي تركت علامة في نفسي وخليطا من الدهشة والمرارة. أطفال الشوارع تركوا في داخلي رغبة قوية في استكشاف واقعهم، ومساندتهم قدر استطاعتي.. بينهم رأيت مجتمعاً آخر صنعوه على أنقاض إنسانيتهم.. مجتمعاً متماسكاً، وإن كان مشوهاً، من الصعب اختراقه أو التمرد عليه.. واخترعوا لأنفسهم عالماً معتماً يتلقف العضو الجديد بطقس 'التعميد' (الاعتداء الجنسي على الصغار حديثي العهد بالشارع) ليصبح الجنس أولي خطوات الاندماج فيه، وبالتالي يكون العدوان على الذات والمجتمع أول رد فعل للامتهان المقبول ظاهريّاً والمرفوض لاشعوريّاً، حيلة لحماية الذات من الانهيار.. ففي مجتمعهم المهمش، زواج وطلاق، وتقسيم طبقي، وتقاليد ومبادىء لا يفلت المخالف لها من العقاب الشديد، دون أن يجد قانوناً يحميه أو يدافع عنه لأنه ببساطة يعيش في مجتمع خلق لنفسه قانونه الخاص. معهم راهنت على شيء واحد نجحت فيه كثيراً في تعاملاتي مع الناس، ألا وهو نقطة الضوء داخل النفس البشرية، أو الجزء 'النظيف' في الإنسان؛ لأنني أعتقد أن أي شخص مهما كان مشوهاً أو عدوانيّاً أو حتى مجرماً، تبقى ثمة مساحة بيضاء في شخصيته لم تُلوَّث، إن أحسنَّا اكتشافها سننجح غالباً في التعامل الإيجابي معه والتأثير فيه، أو على الأقل التواصل الآمن معه. كما أن تقبل الآخرين دون شروط، وعدم سجنهم في أحكامنا المطلقة، والتعامل معهم بمحبة صادقة، تجعل التواصل معهم سهلاً، والعلاقة أقرب إلى النجاح. على أية حال هذه الطريقة أثبتت فعالية في معظم الأحيان. *الجنس والدعارة تحديدا كانت لها بيوتاتها في مدن عربية عريقة قبل وبعد الإسلام؛ أهي نتيجة حتمية للفقر أم ماذا؟ *للأسف البغاء وجود محايث منذ القدم، صعب القضاء عليه نهائيا لأنه إفراز لتشوهات مجتمعية وعلاقة مرتبكة مع الجسد. من خلال تجربتي الأكاديمية مع البغايا القاصرات، أستطيع أن أقول: أن مفهوم البغاء في العصر الحالي، اختلف كثيراً عن المفهوم التقليدي، فلم تَعُد البغيُ بالصورة القديمة التي كانت عليها، كما تناولتها الوسائط الإعلامية المختلفة، فقد طرأ تغيير ملحوظ على مهنة البغاء، كما طرأ على جوانب كثيرة من الحياة، فلم نَعُد نلاحظ الصورة القديمة للبغي إلا في 'البغايا الغلابة'، اللاتي لا يمتلكن إلا وسائل ضعيفة لاصطياد 'الزبون' نظراً لانخفاض المستوي التعليمي والثقافي، والاجتماعي، والمادي لديهن؛ يتسكعن في الشوارع، أو يقفن أمام دور السينما، أو يذهبن للملاهي الرخيصة، بحثاً عن شخص يمارسن معه الجنس مقابل مبلغٍ زهيد، أو هدية، أو ملابس،أو مشاعر وهمية بالحب، أو حتى وجبة شهية، يكون ذلك أقصى أحلامهن، إلا إذا وقعن في أيدي القوَّادات، والقوَّادين، فربما يتغير الحال قليلاً. وهذه الفئة من البغايا هي التي يسهُل الإمساك بهن، وتطبيق القانون الجائر عليهن، ويدفعن وحدهن فاتورة انخفاض مستوى المعيشة، وتخلي الوالدين عنهن ودفعهن للبغاء غالباً، ليخرج القوَّاد، سواء كان من الأسرة أم خارجها، سالماً، ويُفرَج دائماً عن الشريك. أما بغايا العصر الحديث، فإنني أرى أنهن ينحصرن في فئتين: الفئة الأولى، فتيات أنيقات من طبقات اجتماعية مرتفعة غالباً، يملكن من الوسائل والأدوات ما يجعلهن يمارسن البغاء دون خوفٍ كبير من السقوط في يد القانون، فلا يعملن غالباً بمفردهن، وإنما ضمن شبكة منظمة وقوية، يقودها غالباً 'ناس كبيرة'، تضمن للعاملين بها حقوقاً كثيرة، ويستخدمن الوسائل التكنولوجية الحديثة (الموبايل، الانترنت، وغيرهما) في اصطياد زبائنهن، مما يجعلهن لا يقعن بسهولة، وإن كان يحدث ذلك أحياناً، كما أنهن يعملن غالباً في مهن أخرى يتخذنها كستار يحول دون انكشاف أمرهن لمدة طويلة. وهؤلاء البغايا، أتصور أنهن امتداد لفئة 'البغايا الغلابة' أو المتسكعات، مع تَحسُن أو ارتفاع في المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، ويمكن أن نطلق عليهن 'البغايا الأرستقراطيات'. وأذكر مفارقة طريفة حدثت أثناء اجراء دراستي للماجستير، جاءت فتاة بملابس متحررة، ولكنها مهندمة، تعكس مستوى مادياً مرتفعاً، وعلمت أنها قد قُبض عليها في قضية آداب، تعاملت مع المكان بتعالٍ شديد، وثقة كبيرة بأنها لن تظل هنا وقتاً طويلاً، وبالفعل حين ذهبت للمؤسسة في اليوم التالي لم أجدها، ومن خلال حديث دار بيني وبين إحدى الأخصائيات الاجتماعيات، قالت لي: 'إنت فاكرة إن اللي زي دي تقعد هنا كتير؟ لها ناس تخرجها من النار'. أما الفئة الثانية، فهي، في تصوري، تختلف اختلافاً نوعياً من حيث ترويجها لمفاهيم جديدة عن البغاء، ساعدها على ذلك، حدوث تشوه كبير في المفاهيم الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وتراجُع دور المؤسسات المختلفة. الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلي الاعتقاد أن الدعارة هي ممارسة الجنس مقابل أجر وبدون تمييز (وهذا ما ينُص عليه القانون)، وبالتالي غضُّ البصر عن سلوكيات، وممارسات، ومهن أخرى هي عينُ البغاء بداية من مهن كثيرة أصبحت تعتمد بالدرجة الأولى علي عرض الجسد مقابل المال، أو الحصول على وظيفة أرقى، أو وضع اجتماعي مميز، يدخل ضمن ذلك الإعلانات الفاضحة، والفيديو كليب، والأغاني غير الهادفة، والتي لا تحمل إلا الرسائل الجنسية ضمناً أو مباشرة. وعلى المتصل نفسه، وبدرجات متفاوتة، نرى مهناً أخرى يدخل ضمن آلياتها الترفيه عن العملاء، والتنازل عن بعض القيم التي أصبح يُنظر إليها باعتبارها قيماً رجعية تعوق التقدم والحصول على فرص كبيرة. وبوجه عام، أصبح المناخ السائد مليئاً بالقيم 'البغائية'، ولا يجد كثير من الأشخاص أزمة أخلاقية حقيقية في أن يبيعوا أنفسهم، ليس فقط بالمعنى الجسدي المحدود، وإنما بالمعنى الأشمل للكلمة. ولا أقول أن ذلك لم يكن موجوداً من قبل، وإنما كان هناك نوع من التوازن لا يجعل الأمر فجاً كما هو الان. *الأمن الاجتماعي، أم التعليم، أو تلاحم الأسرة هو ملاذنا نحو الحل المثالي لهكذا إشكالات؟ *كلها عوامل مهمة جدا وأساسية في تخفيض انتشار هذه الظاهرة والحد من آثارها، فالفقر والجهل والتفكك الأسري من أهم عناصر خروج الطفل للشارع بعد أن يكون قد أهدرت طفولته وإنسانيته داخل وخارج الأسرة. الأسرة الآمنة ماديا وتعليميا وفكريا هي الحصن الأخير للطفل السوي. وهذا مرتبط بدوره بسياسات وأنظمة فاشلة ليس لديها القدرة على حماية شعوبها بل استغلالها بكافة الأشكال وعدم توفير القوانين والآليات الحامية لها وللحد الأدنى من كرامتها الإنسانية. *عمل الأطفال، كيف لنا أن نقننه؟ هل هناك قانون يمنع بشكل قاطع في الدول العربية تحديدا استغلال الأطفال ضمن أعمال تضر بهم نفسيا وجسديا؟ *المسألة ليست في القوانين وحدها بدليل أن معظم الدول موقعة على الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الانسان والطفل والمرأة ! ومع ذلك تنتشر بها كل أشكال الإساءة لهم واهدار حقوقهم، لأن الموضوع مرتبط بنجاح أو فشل هذه الأنظمة المترهلة في توفير الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وتعليم وصحة وأمن ووعي ثقافي للناس يحميهم من استغلال أطفالهم في العمالة أو اخراجهم من التعليم أو طردهم للشارع، ما الذي يجبر أسرة على تشغيل أولادها وبناتها غير الفقر والعوز غالبا، وفي حال توفير الدولة لاحتياجات المواطن ووجدت تجاوزا من جانب بعض الأسر وقتها يحق لها تطبيق القانون وعقابهم. الأنظمة السادية والمستغلة غير مشغولة إعلاميا بتثقيف الأسرة بدورها وحمايتها لأبنائها، إضافة لتراجع دور المدرسة والمؤسسات التعليمية الأخرى.. الأهم هو القانون الداخلي المحفور في الوعي والضمير وليس القانون المكتوب على الورق الذي يفقد مصداقيته وفاعليته بسبب الظروف السلبية المحيطة. *ما مدى استغلال أطفال الشوارع في الأمور السياسية في العالم العربي؟ *هناك عشرات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون في الشوارع أهدافاً سهلة للتلاعب من قبل الانتهازيين السياسيين الذين يستغلونهم في تنظيم المظاهرات، وترهيب الزعماء السياسيين وخلق حالة من الفوضى والاضطرابات العامة، وللأسف لقي العشرات من الأطفال مصرعهم في السنوات الماضية أثناء مشاركتهم في المسيرات السياسية خلال اشتباكات مع الشرطة ومع المعارضين السياسيين، في بلدان كثيرة ومنها طبعا بعض الدول العربية. ولعل ما حدث في مصر مؤخرا في أحداث 'محمد محمود' و'مجلس الوزراء' كان شاهدا فاضحا على استغلال الأطفال في أعمال التخريب والصراعات السياسية ومنهم أطفال تم القبض عليهم وآخرون قتلوا، وهذا متوقع في بلاد لا تحترم شعوبها ولا تقيم وزنا لبراءة أبنائها وتتعامل مع الأطفال كأنهم كائنات كرتونية وليست من دم ولحم. *هل للحب فعل السحر ليكون واقيا وحجر أساس للطفل للمقاومة ومواجهة التحديات؟ *العلاقة الآمنة التي يسودها الدفء والحب بين الطفل ووالديه، تمثل عاملاً واقياً للفرد يؤدي إلى شعوره بالكفاية والثقة والقدرة على المواجهة والتحدي، وتجعل نظرة الطفل لذاته وللآخرين وللمستقبل إيجابية، فالطفل الذي يدرك استجابة الوالدين لحاجاته وتقديرهما وحبهما له، وعدم تحكمهما فيه كثيراً، يكون لديه نموذج تصوري عن ذاته أنه محبوب وذو قيمة ويستحق الرعاية والثقة وكذلك يكوّن تصوراً عن الآخرين بحيث يشعر أنهم يقدرونه ويحبونه ويحترمونه، وأنه يمكن الوثوق بهم، وأنهم سيكونون بجانبه عندما يحتاجهم، وبالنسبة للمستقبل، يشعر بالتفاؤل والأمل. هذا بينما يدفع إدراك الطفل لعدم حب الوالدين له أو عدم احترامهما له، أو إهمالهما له، أو تحكمهما فيه إلى تكوين نماذج معرفية سلبية عن ذاته وعن مستقبله والآخرين، فيكون تصوره عن ذاته أنه (غير محبوب - ليست له قيمة - لا يستحق الرعاية - غير جدير بالثقة) كما يتوجس من الآخرين ويشعر بالتهديد والقلق منهم، كما يشعر بالتشاؤم تجاه المستقبل . *الأم العربية تحديدا مثقلة بالكثير؛ من أين لها أن تكون صمام أمان للطفل وهي المتعبة أبدا بالظروف الحياتية الصعبة؟ *طبعا هذا تحد كبير لها، وفي ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المنخفضة تكون رعاية الأبناء مرهقة، لكن الأمهات الواعيات يستطعن تجاوز ذلك وإحاطة أطفالهن بالحب والرعاية النفسية التي تعوضهم أي نقص مادي، خصوصا أن الإيذاء النفسي للأبناء ليس حكرا على الأمهات الفقيرات. وهنا تلعب التوعية النفسية والعاطفية دورا مهما في تعريف الأم (والأسرة كلها) بأن العلاقات الإيجابية بين الطفل وأمه من شأنها أن تجعل الطفل في مأمن من أن يقع ضحية السلوك الجانح مستقبلاً؛ وهذا ما دعا بعض المجتمعات المتقدمة إلى تحفيز الأمهات مادياً؛ للاهتمام بأطفالهن في بيوتهن والسهر على تنشئتهم تنشئة سليمة؛ ليكتسبوا مناعة ضد جميع السلوكيات المنحرفة؛ ويصبحوا مواطنين صالحين لأنفسهم وأوطانهم. والحقيقة أن للأم دورين مزدوجين، أحدهما بيولوجي والآخر وجداني، فعلاقة الحب المستمرة مع الأم في السنوات الأولى ضرورية إذا ما أريد للطفل أن يصبح قادراً على تشكيل علاقات ناجحة. فالطفل الذي حرم من الأم، أو بديلتها، في مطلع حياته يصبح 'متبلد الطباع'، وسوف ينعكس ذلك في تفاعله مع الآخرين. *في الفصل الرابع من كتابك 'الأرانب..والمومياء'؛ ألا تجدين هذا التشبيه مؤلما للطفولة؟ *الشارع أكثر قسوة وإيلاما من أي تشبيه أو توصيف. وما يحدث لهؤلاء الأطفال في الشارع يفوق كل توقعاتنا وخيالنا للأسف. ففي جنوب افريقيا يطلق لفظ 'الأرانب' على الرجال المستغلين جنسياً للأطفال، أما النساء المستغلات فيطلق عليهن 'المومياء'. يحومون بسياراتهم في الشوارع وحول المؤسسات لاصطياد الفريسة. وهي ظاهرة موجودة في كل البلاد المنتشرة بها الظاهرة ولكن بمسميات مختلفة، وغالباً ما يستجيب الأطفال الذين يضعفون أمام الإغراءات المادية، رغم ذلك يصعب إثبات الاتهام بالاستغلال الجنسي بسبب قلة المعلومات المتوافرة، وخوف الأطفال أن يدخلوا أنفسهم في مشاكل. ويعتبر الاستغلال الجنسي داخل العائلة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الإيذاء الذي يتعرض له الطفل، لكن من الصعب علي الأطفال إفشاء مثل هذه الخبرات خوفاً من أهلهم. أما داخل الملجأ أو المؤسسة فيتعرض الأطفال إلى الاستغلال من قبَل بعض الموظفين أو المتطوعين أو الأطفال الأكبر سناً، وإن كان القانون في هذه الحالة واضحاً ويعاقب من تثبت عليه التهمة، لكن المشكلة هي تعرض الأطفال للإرغام والتهديد بعدم البوح بمشكلاتهم أو اتهام شخص ما، إضافة إلى تواطؤ بعض الأطفال أحياناً ورغبتهم في إشباع رغباتهم. *كيف نحمي أطفال الشوارع من الإساءة ضمن إستراتيجية قومية لحل القضية من جذورها؟ *طبعا القضاء على هذه الظاهرة ليس أمرا سهلا لأنه مشكلة متشابكة الأسباب والنتائج، وحلها جذريا يستدعي حل الأسباب الإقتصادية والاجتماعية والتعليمية والسياسية والثقافية التي أدت إليها. كما أن هؤلاء الأطفال يتعاملون باعتبارهم مجتمعا موازيا له خصائصه ومشاكله. إضافة إلى أن معظم الجهود المبذولة قاصرة ولا تحقق النتائج المرجوة خصوصا في مجتمعاتنا العربية ومثال على ذلك الاستراتيجية القومية التي أعلنتها مصر 2003. لكن على أية حال، هناك عدة توصيات خرجت بها من خلال تعاملي المباشر مع هؤلاء الأطفال، منها: - تفعيل دور الوزارات والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ الاستراتيجية القومية لحماية الأطفال المعرضين للخطر، حتى تسفر عن نتائج حقيقية ملموسة تحد من خروج الطفل للشارع، وتوفر له الرعاية المطلوبة أثناء إقامته الدائمة فيه. - إعداد برامج تدريبية لكل صناع القرار والهيئات والمؤسسات المعنية بالظاهرة وأفراد الشرطة وتدريبهم وتوعيتهم بالرؤية السليمة لأطفال الشوارع وطرق المعاملة الملائمة لهم، وبأن هؤلاء الأطفال ضحايا لظروف ليسوا مسؤولين عنها وأنهم ليسوا مجرمين أو جانحين بطبيعتهم. - تضمين مشكلات أطفال الشوارع في المناهج التعليمية في إطار الرؤية الإيجابية لهم وكيفية مساندتهم. - تدريب وتأهيل كوادر متخصصة كافية للتعامل مع هؤلاء الأطفال، لأن معظم المتعاملين معهم من المتطوعين، ومع احترام هذا الدور التطوعي، إلا أنه يحتاج لتطوير وتدريب علمي يساعدهم أكثر على دعم هذه الفئة وتدريبها نفسياً وسلوكياً واجتماعياً وتعليمياً. - زيادة المراكز النهارية وتزويدها بالمؤهلين علمياً للتعامل مع أطفال الشوارع. - رعاية أسر هؤلاء الأطفال وتدريبهم وتوعيتهم وتوفير مصادر دخل لهم تساعدهم في حال عودة الأطفال إليهم، وتحمي باقي الأطفال من الخروج إلى الشارع. - دمج أطفال الشوارع في المجتمع من خلال بعض الأنشطة والفعاليات التي تشعرهم بالانتماء للمجتمع وتخفض من شعورهم بالنبذ وتحد من الشعور بالعدوان تجاه الآخرين. *كيف تقرأ المتغيرات في الربيع العربي وما تفرزه من نتائج؟ هل تصب كحالة إيجابية في صالح الطفل العربي وكيف؟ *بالتأكيد إذا حققت الثورات العربية نتائجها المتوقعة، وصححت مسار المجتمع سياسيا وتعليميا واجتماعيا وثقافيا، سينعكس ذلك على الطفل وتنشئته الأسرية. الحراك المجتمعي الإيجابي يظهر أول ما يظهر على الطفولة وإلا ما فائدة التغيير إذا كان لا يطال نواة المجتمع؟ لكن هذا التغيير أتوقع أن يستغرق وقتا لأن للأسف الأنظمة الفاسدة تركت المجتمع خاويا من أي معنى مفرغا من أي قيمة، وبالتالي عملية الهدم والبناء تستغرق سنوات تطول أو تقصر بناء على وعي الناس بحقوقها وقدرتها على تجاوز هذا التشوه والانهيار الذي وصل لكل شيء، الثورة لابد أن تحدث داخلنا أولا كأفراد، ثم كشعوب، ثم تفرض نفسها كحالة عامة تفرض نظامها وقانونها الخاص، وأنا متفائلة جدا أن ذلك سيحدث لأنه يعكس حركة التاريخ وتطور المجتمعات الإنسانية. القدس العربي