تواجه العودة الطوعية للجنوبيين المتواجدين في شمال السودان عقبات قبل أربعة أشهر ونصف من الاستفتاء على مصير الجنوب، على الرغم من محفزات أعلنتها حكومة جوبا لحثهم على العودة إلى موطنهم الأصلي. وأعلنت حكومة جوبا رغبتها في أن تعيد قبل بداية العام المقبل نحو 1.5 مليون مواطن جنوبي يقطنون في الشمال، لكن مشكلات التمويل وغياب الخدمات الأساسية في الجنوب ما زالت تشكل عقبات في طريق تحقيق هذه الإرادة، بل قد تكون دافعة لهجرة عكسية لكثيرين ممن عادوا. وخصصت جوبا نحو ثلاثمائة جنيه نحو (125 دولارا أميركيا) لكل أسرة عائدة، لكن ذلك لم يمثل مصدر إغراء لفئات ترى الجنوب غير قادر على استيعاب تطلعاتها وأخرى ترفض مبدأ الاستفتاء لكونه يؤدي للانفصال. معوقات كثيرة وتحدث كورماج شول منسق العودة الطوعية لولايات الجنوب والمناطق الثلاثة جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي عن معوقات تحول دون تنفيذ برنامج العودة الطوعية، وقال إن عدم استتباب الأمن وغياب الخدمات الضرورية وقلة فرص العمل مشاكلُ تسبب هجرة عكسية. كما تحدث للجزيرة نت عن رحلات عودة اصطدمت بحوادث أمنية أوقفت أكثر من 20 رحلة من كردفان إلى الجنوب. وحسب شول فإن خطط جوبا تقضي بترحيل نحو 4.5 ملايين مواطن جنوبي يقطنون الشمال، عاد منهم 2.5 مليون بين 2005 و2009. وتباينت آراء المعنيين بالعودة بين موافق ورافض لها. واستبعد المواطن رنق أبرباي وهو جنوبي قال إنه يمتهن أعمالا حرة أن تكون هناك عودة نهائية للجنوب "لأن الجميع ارتبط بالشمال"، وهو يرى العودة الحالية مرتبطة بالاستفتاء فقط. وقال "لا نمانع في أن نغادر الخرطوم إلى موطننا الأصلي في الجنوب شريطة أن تلتزم الدولة الجديدة بتوفير العمل والصحة والتعليم والحياة الكريمة لنا ولأسرنا"، لكن الجنوب غير مهيأ الآن -حسب كلامه- لاستضافة المواطنين بالشكل الذي يرجونه. تأييد الانفصال ويقول أبرباي إن الكثيرين يؤيدون الانفصال للمحافظة على كرامتهم "بالرغم من أن بعض المواطنين ذهبوا إلى مواطنهم الأصلية لكنهم سرعان ما عادوا لعدم تمكنهم من العيش هنالك". أما المعلم يوسف دينق فاستبعد قدرة بعض الجنوبيين على العودة النهائية إلى الإقليم "لأنني ليست لدي قناعة بفكرة شمال منفصل عن الجنوب، كما أن أسرتي عاشت حياتها في الشمال، وبالتالي لا يمكنني الذهاب إلى مكان لا أعلم عنه شيئا، خاصة فيما يتعلق بالعمل وتعليم الأبناء وتوفر الخدمات". واستبعد في حديث للجزيرة نت العودة النهائية حتى ولو توفرت كافة مقومات الحياة "لأن الخرطوم ليست ملكا لأحد، ومن حق أي مواطن العيش في أي مكان يرى فيه استقرارا له ولأسرته". المواطنة والسياسة وقال إن المواطنة لا علاقة لها بالسياسة، وبالتالي لا يمكن أن يقرر بعض الساسة فصل الجنوب عن الشمال نيابة عن المواطنين السودانيين. واتفقت الموظفة أمل دينق مع ما ذهب إليه يوسف، وقالت للجزيرة نت إن العودة "تهدف للمشاركة في الاستفتاء". وقالت إن الجميع سيذهب للتسجيل لكنه سيعود إلى الخرطوم للاستقرار "لأن الخرطوم بلد لكل المواطنين وليست ملكا للمؤتمر الوطني، كما أن الجنوب ليس ملكا للحركة الشعبية، ولذلك سنتنقل بين الخرطوم وأبيي متى شئنا". عماد عبد الهادي-الخرطوم