هونج كونج - هازيل باري - السيدة جيانج التي أصبحت أما للمرة الأولى بدأت للتو أحد أكبر المشروعات الاستثمارية في حياتها حتى الآن هذه السيدة البالغة من العمر 29 عاما ، وهي من إقليم جويشو بجنوب الصين دفعت أكثر من 70 ألف دولار هونج كونج (9 آلاف دولار أمريكي) لكي تضع مولودها الأول عبر الحدود في مستشفى خاص بهونج كونج . وقالت وهي تحمل بين ذراعيها ابنها الذي ولد منذ خمسة أيام فقط في نفس يوم خروجها من المستشفى "إنه مبلغ كبير لكن آمل ان يساوي قيمته . ونحن نريد الأفضل له (ابنها) كما تقول السيدة جيانج وهي زوجة رجل أعمال إن المبلغ الذي دفعته يزيد بكثير على راتب سنة كاملة في عملها كمديرة قبل استقالتها. لكنها واثقة من هذا الاستثمار سيتيح فرصا أكبر لنجلها وتعد السيدة جيانج ، التي رفضت ذكر اسمها بالكامل، واحدة من آلاف السيدات الصينيات من البر الرئيسي اللاتي اخترن الولادة في هونج كونج . وفي العام الماضي بلغت نسبتهن نحو 45 في المئة من بين 88 ألف حالة ولادة بالمدينة البالغ تعداد سكانها 1ر7 مليون نسمة وزادت أعدادهن بشكل مطرد منذ تخفيف القيود على السفر عبر الحدود في 2003 في أعقاب عودة هونج كونج للسيادة الصينية في عام 1997. وعنصر الجذب هنا بالنسبة لكثير من أمهات المستقبل يتمثل في حصول أبنائهن الذين ولدوا في هونج كونج على إقامة دائمة وهو وضع يكفل لهم التمتع بالرعاية الصحية والتعليم وغيرها من المزايا بالمجان في المدينة الثرية. أما بالنسبة لأخريات فإن هذه وسيلة لتفادي دفع غرامات على إنجابهن طفل ثان أو أكثر والتي تفرضها السلطات بموجب سياسة طفل واحد حيث يتم تسجيل المواليد الإضافيينفي هونج كونج. لكن هذه الطفرة في مواليد الأطفال سببت مشاكل لدائرة الصحة في هونج كونج حيث وجدت نفسها تبذل جهدا مستميتا لمواجهة الطلب المتزايد لذا استحدثت الحكومة إجراءات عدة منذ عام 2007 للحد من ارتفاع أعداد "سائحات الولادة" اللاتي يفدن من الصين. شملت هذه الإجراءات فرض رسوم قدرها 38 ألف دولار هونج كونج ونظام حجز إجباري على السيدات الحوامل غير المحليات . كما استحدثت نظام للحصص تم بموجبه تحديد عدد الاسرة المتاحة هذا العام للسيدات غير المحليات ب 3400 سرير في المستشفيات الحكومية و31 ألف سرير في المستشفيات الخاصة. لكن رغم هذه القيود لا تزال السيدات الحوامل الصينيات يفدن إلى هونج كونج . إذ تقول السيدة جيانج إنها قامت بحجز سرير عن طريق طبيب توليد في هونج كونج وهي حامل في شهرها الأول فقط واختارت الولادة القيصرية لكي تسهل الامر على نفسها. هذه الفاتورة التي بلغت قيمتها حوالي 70 ألف دولار هونج كونج مقابل الولادة وقضاء خمس ليال في المستشفى تعد أقل بكثير من دفع فاتورة بقيمة 100 ألأف دولار كانت ستدفعها لو اختارت حجز حجرة خاصة بمفردها أو الولادة في يوم يعتبر بمثابة فأل طيب في التقويم الصيني في المقابل هناك شواهد متزايدة على أن بعض النساء يجازفن وينتهكن القوانين للتغلب على قيود العدد ويضعن موالديهن في هونج كونج. إذ تشير الأرقام الصادرة من هيئة المستشفيات إلى أن بعضهن قد يلجأن إلى إخفاء حملهن عن موظفي الهجرة أثناء عبورهن الحدود ثم يتوجهن إلى مستشفيات الحوادث والولادة وقد آتهن المخاض بالفعل وخلال الشهور الاحدى عشر الأولى من العام الماضي بلغ عدد حالات الولادة الطارئة 1453 حالة أي ضعف العدد المسجل في عام 2010. هناك أخريات لا يغادرن هونج كونج بعد انتهاء التأشيرة حيث زعم تقرير أوردته إحدى الصحف أن متوسط عدد الأمهات اللاتي مثلن مع أطفالهن المولدين حديثا أمام المحكمة الجزئية الغربيةبالمدينة بلغ 20 أما يوميا بسبب مخالفتهن قوانين الإقامة. ونقلت إحدى الصحف عن واحدة من هذه الأمهاتقولها إنها مكثت لمدة ستة أسابيع بعد الموعد المقرر لرحيلها وذلك لولادة طفلها الثاني في هونج كونج لتجنب دفع الغرامة لانتهاكها سياسة الطفل الواحد. كما أدى الطلب على الولادة في هونج كونج إلى زيادة عد د الشركات المتخصصة في "سياحة الولادة" في الصين حيث تحقق ربحا من قيامها بهذا العمل وحجز مواعيد ولادة للسيدات الصينيات من البر الرئيسي . في وقت سابق من الشهر الحالي تلقى صاحب واحدة من هذه الشركات يدعى تشو لي حكما بالسجن لمدة 10 شهور بسبب انتحاله صفة مزيفة أمام موظفي الهجرة من أجل مساعدة سيدة حامل في شهورها الأخيرةفي عبور الحدود دون أن يكون لديها حجز بأحد المستشفيات واستمعت المحكمة إلى أن السيدة استدعت بالهاتف بعد عبورها الحدود سيارة إسعاف لكي تنقلها إلى مستشفى للولادة فيه. مثل هذه الحالات وزيادة العبء على أقسام الولادة وما يعنيه ذلك من التضييق على السيدات المحليات أثار أيضا مشاعر سيئة في هونج كونج تجاه الأمهات الصينيات من البر الرئيسي. كان ذلك أحد العوامل التي أدت مؤخرا إلى قيام جماعة بإطلاق حملة دعاية على الفيس بوك شبهت فيها الصينيات اللاتي يفدن إلى هونج كونج بالجراد. وتقول السيدة جيانج أن وصف الجراد يشعرها بالحزن وقالت "نحن نساعد في (انتعاش ) اقتصاد هونج كونج . نحن دفعنا أموالا ولا نحصل على أي شئ بالمجان . لذا يجب عليهم الترحيب بنا . نحن جميعا صينيون".