اعتذرت شركة غرونتنهال الألمانية التي كانت تنتج عقار كونترغان أو "تاليدوميد" قبل خمسين عاما، أمس الجمعة، ولأول مرة، للأشخاص الذين أصيبوا بتشوهات نتيجة تناول أمهاتهم للعقار أثناء الحمل. وقال المدير التنفيذي في خطاب ألقاه الجمعة إن شركته "تشعر بالأسف فعلا" لصمتها الطويل إزاء ضحايا العقار الذي كان يباع للحوامل بهدف وضع حد للشعور بالغثيان الصباحي، في الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن الماضي". وأضاف "نتمنى منكم أن تعتبروا صمتنا دليلا على الصدمة". ويحتفظ تاليدوميد بذكرى سيئة جدا، فقد كان يوصف للحوامل بخمسينيات وستينيات القرن الماضي بغية وضع حد للشعور بالغثيان الصباحي، قبل أن يتصدر الصفحات الأولى بآثاره المأساوية على الأجنة. وجرى تقديم هذا العقار بداية على أنه "مسكن رائع" خال تماما من الآثار الجانبية، وبدأت غرونتنهال تسويقه ابتداء من عام 1956 في نحو أربعين بلدا. وجرى تسويقه تحت أسماء عدة منها "سوفتينون" و"تاليمول" لكنه معروف بألمانيا على نطاق واسع ب "كونترغان". وبعدما اكتشفت الآثار الخطيرة لهذا العقار على نمو الأطفال إثر الارتفاع الكبير بعدد الأطفال ذوي التشوهات مثل الأطراف المبتورة، سحب تاليدوميد من الأسواق نهاية عام 1961 بألمانيا وبريطانيا، لكن استخدامه استمر لوقت أطول في بلدان أخرى. ويقدر عدد ضحايا هذا الدواء بين عشرة آلاف وعشرين ألف شخص، ولدوا مع تشوهات خلقية وأعضاء ناقصة. من جهة أخرى، قال كبير مستشاري جمعية "تاليدوميد آيجنسي" ببريطانيا فريدي أستبوري إنه ينبغي على غرونتنهال "أن تقرن أقوالها باستثمار مالي" وليس الاكتفاء بتقديم الاعتذارات. واعتبر محامو الضحايا أن هذا الاعتذار "ليس كافيا، وجاء متأخرا". يُذكر أن آخر قضية متعلقة بهذا العقار بت فيها القضاء في يوليو/تموز الماضي، حيث أصدرت محكمة أسترالية حكما لصالح مواطنة ولدت بدون ذراعين وساقين قبل خمسين عاما بعد تناول والدتها تاليدوميد أثناء الحمل، في تسوية قضائية بلغت عدة ملايين من الدولارات. ويتهم بيتر غوردون محامي الضحية الشركة الألمانية بأنها لم تقم "مطلقا بإجراء اختبار للدواء على إناث الحيوانات الحوامل أو على السيدات الحوامل، ومع ذلك أكدت للأطباء بأن الدواء آمن تماما".