مع قرب انقضاء مهلة ال 100 يوم التي حددها الرئيس محمد مرسي لدى توليه السلطة لإيجاد حلول فورية لأبرز مشاكل المواطنين، يواجه اول رئيس مدني لمصر امتحان تقييم المواطنين لأدائه، وهو تقييم تراوح بين مؤيد لما حققه حتى الآن، لاسيما إزاحته العسكر من الحكم، وبين ناقم على استمرار سوء الحال. ومرسي، الذي تسلم السلطة في 30 يونيو، وعد اثناء حملته الانتخابية بان يعمد خلال 100 يوم الأولى من فترة حكمه الى ايجاد حلول لخمس مشاكل رئيسية تواجه المصريين وهي بترتيب ورودها في برنامجه الانتخابي: المرور، الأمن، النظافة، الخبز والوقود، وقد وضع خطة تفصيلة من 64 بندا للتعامل مع هذه المشكلات الخمس. واليوم مع قرب انتهاء هذه المهلة لا يخفي كثير من المصريين ضيقهم من عدم تغير أوضاعهم المعيشية ومشكلاتهم اليومية، لكن آخرين قالوا ان الرئيس فعل ما لم يكونوا يتوقعونه بإزاحته المجلس العسكري من السلطة، وهو برأيهم انجاز كاف. وأنشأ نشطاء مصريون موقعا الكترونيا بعنوان «مرسي ميتر» لمراقبة ما جرى تنفيذه من البنود ال 64، وبحسب ما رصده الموقع الذي يتابعه نحو 100 الف مصري فإنه حتى الخميس اي اليوم السادس والتسعين من حكم مرسي، تحققت 4 بنود فقط من خطة الرئيس الخارج من صفوف الاخوان المسلمين، بينما يجري تنفيذ 24 بندا آخر. وقال الموقع ان 43% من المصريين راضون عن الوعود التي نفذت في حين ان 57% منهم غير راضين. وأكد استطلاع لمركز معلومات مجلس الوزراء، نشرت نتائجه صحيفة الأهرام الحكومية الثلاثاء، ان 37.2% من المصريين لم يسمعوا عن برنامج ال 100 يوم الذي طرحه مرسي في حين توقع 18.2% من المستطلعين ان يحقق الرئيس النتائج المأمولة منه بينما اعتبر 46.2% من المستطلعين انه سيحقق نتائج جزئية. وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية ياسر علي بأن مرسي سيعلن كل ما تم تحقيقه خلال ال 100 يوم الأولى من رئاسته بكل شفافية ووضوح خلال الأيام المقبلة. وفي الشارع المصري، كانت الآراء متباينة. وقال كريم محمد، وهو موظف ببنك استثماري (24 عاما) لوكالة فرانس برس ان «شيئا ملموسا لم يتغير بالبلاد خلال ال 100 يوم الأولى لمرسي»، مضيفا بينما كانت سيارته تتحرك ببطء شديد وسط مئات السيارات في شارع رئيسي مزدحم بوسط القاهرة ان «أزمة المرور تحسنت في أماكن بينما بقيت في أماكن أخرى بلا أي تغيير». وتابع محمد، الذي صوت لمرسي في جولة الإعادة ولايزال يقطع الطريق من بيته لعمله في ساعة ونصف الساعة يوميا، ان «أزمة المرور لم تحل لأنها تحتاج وقتا أكبر بكثير من ال 100 يوم، مرسي اخطأ عندما وعد بحل جميع مشكلاتنا اليومية في 100 يوم فقط». وأطلق مرسي بعيد انتخابه حملة قومية لتنظيف الشوارع من أكوام القمامة المتراكمة، غير ان هذه الحملة جرى تفعيلها ليوم واحد فقط قبل أن تتوقف المبادرة وتعود القمامة لتملأ الشوارع. وفي هذا قالت راجية طارق (22 عاما) الموظفة في شركة ألبان ان «البلد كان يمكن أن يدار بطريقة أفضل مما يفعله مرسي أو حتى دون وجوده». وأكدت الشابة التي تسكن بحي إمبابة (غرب القاهرة) إنها لاتزال تمر بجوار أكوام القمامة في طريقها لعملها يوميا، مشددة على ان «شيئا لا يتغير تقريبا باستثناء تحسن الوضع الأمني، الأمور لاتزال سيئة». وخلال الأشهر الثلاثة الاخيرة، اي منذ تولي مرسي مهام منصبه، تكرر انقطاع الكهرباء لساعات طويلة عن جل المدن المصرية، كذلك فإن مصر تشهد أزمة وقود خانقة تعاني منها خصوصا سيارات النقل والأجرة التي تستخدم الديزل والتي تتكدس في طوابير طويلة امام محطات الوقود، كما تضاعفت أسعار الغاز المنزلي. وأكدت إلهام مصطفى، ربة منزل (40 عاما) التي أعطت صوتها لرئيس الوزراء الأسبق احمد شفيق، منافس مرسي في جولة الاعادة من الانتخابات الرئاسية، أن سبل المعيشة تزداد ضيقا على أسرتها. وقالت «اشتري أنبوبة الغاز ب 50 جنيها (حوالي 8 دولارات) في السوق السوداء (بدلا من 5 جنيهات وهو سعرها الرسمي) وأشتري الخبز السياحي الذي يبلغ ثمنه 5 اضعاف الخبز المدعوم (من الحكومة) الذي وعد مرسي بتطويره ولكنه لايزال غير صالح للاستهلاك الآدمي». وأضافت مصطفى «لا أرى أي تحسن في أي قطاع من القطاعات التي وعد (الرئيس) بإصلاحها»، لكنها تابعت «الحقيقة أن مشاكل 30 سنة لا يمكن حلها في 100 يوم». ويقول موقع «مرسي ميتر» إن شيئا من وعود مرسي بخصوص الخبز لم يتم تنفيذه على الإطلاق، بينما اكدت صحيفة الوطن المستقلة سقوط 5 قتلى بمدينة الإسكندرية الساحلية بعد تكرار نشوب المشاجرات بالأسلحة النارية بين المواطنين بسبب أولوية الحصول على الخبز. وفيما كانت سيارته البرتقالية الصغيرة تصطف في طابور طويل للتزود بالديزل، قال فادي جرجس، مندوب مبيعات بشركة حكومية، ل «فرانس برس» «أقضي ساعتين في كل مرة أذهب فيها لمحطة الوقود، لم تتحسن الأوضاع عما كانت عليه قبل الثورة» التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير 2011. لكن جرجس، الذي شارك في الثورة، قال «رغم كل ذلك فقد أزاح مرسي عنا حكم العسكر.. وهو الشيء الوحيد الذي يحسب له». وكان مرسي احال الى التقاعد، في 12 أغسطس الماضي، قادة المجلس العسكري الذين تولوا حكم البلاد بعد إسقاط مبارك، في خطوة وصفت ب «ضربة معلم» وأنهى فيها الرئيس كل علاقة للعسكر بالسلطة بعد ان انتزع منهم سلطة التشريع التي كانوا منحوها لأنفسهم عقب حل مجلس الشعب في منتصف يونيو الماضي. وقال عصام عبدالحميد (48 عاما) وهو صاحب محل لبيع اجهزة هواتف محمولة، «يكفي مرسي أنه خلصنا من المجلس العسكري، هذا لم يكن متوقعا على الإطلاق». وتابع عبدالحميد، وهو ملتح لكنه يؤكد انه لا ينتمي الى اي حزب سياسي، ان «التخلص من المجلس العسكري مكن مرسي من القبض على كثير من البلطجية في مختلف المدن والإسراع في وتيرة الكشف عن الفساد مؤخرا»، مضيفا ان «بقية الأزمات تحتاج الى تكاتف مجتمعي حقيقي لحلها». أما محمد سعيد (65 عاما) الذي يمتلك متجرا صغيرا لبيع المواد الغذائية، فقال لفرانس برس ان «كل ما نبحث عنه أن تتحسن معيشتنا»، ثم أردف بإحباط «لكن شيئا لم يتغير».