حالة من الفزع انتابت قطاعا كبيرا من المصريين أمس، على أثر دوي طائرات حربية اخترقت حاجز الصوت في سماء عدة محافظات مصرية، وأثارت شكوكهم بشأن حقيقة ما يجري في البلاد التي لا تزال تعاني أوضاعا سياسية غير مستقرة بعد نحو عامين من الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، لكن الجيش سارع بتطمين المواطنين قائلا على لسان متحدثه الرسمي إن الطائرات كانت تجري تدريبات لاختبار وسائل إنذار الدفاع الجوي. وحلقت طائرات حربية في سماء القاهرة والإسكندرية فجر أمس (الاثنين)، وبدا أنها تطير على ارتفاع منخفض واخترقت حاجز الصوت، في إجراء غير اعتيادي، مما أصاب مواطنين بالفزع. وتلاحقت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي للاستفسار عما يجري، وسط مخاوف من وجود اضطرابات داخل المؤسسة العسكرية. وبادر العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، المتحدث العسكري، بتطمين المواطنين في تصريح صحافي له أمس، حيث قال إن «دوي الأصوات التي سمعها سكان بعض مناطق القاهرة والإسكندرية وبني سويف ودمياط، جاءت نتيجة اختراق حاجز الصوت، الناتج عن اختبارات وسائل إنذار الدفاع الجوي». وتابع العقيد علي: «الاختبارات كانت بغرض تأمين المجال الجوي المصري.. وعلى المواطنين الاطمئنان وعدم الانزعاج جراء ذلك». وبث بعض المواطنين مقاطع مصورة على الموقع الاجتماعي «فيس بوك» ظهرت فيها طائرة تحلق فوق حي كوبري القبة القريب من قصر الرئاسة في القاهرة، وأثار تصاعد أعمدة دخان من أحد المصانع الشكوك بشأن استخدام هذه الطائرة لقذائفها. وكانت تقارير إخبارية قد تناولت خلال الأسبوع الماضي معلومات وتكهنات بشأن حالة الغضب التي تنتاب ضباطا في الجيش، بسبب ما وصفوه ب«ترويج الأكاذيب» ضد قيادات سابقة بالجيش. وحذر رؤساء تحرير صحف خاصة خلال الأيام الماضية، وعلى غير المعتاد، من غضب في صفوف الجيش من خطاب بعض قيادات الإخوان المسلمين بشأن المؤسسة العسكرية، خاصة بعد إقصاء اثنين من أهم قيادات المرحلة الانتقالية، وهما المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان بقرار من الرئيس محمد مرسي في أغسطس (آب) الماضي. وتسببت أنباء عن التحقيق مع طنطاوي وعنان ومنعهما من السفر، في إقالة رئيس تحرير صحيفة قومية، في خطوة غير مسبوقة في البلاد، بعد ساعات من إعلان قادة في الجيش عن استيائهم مما اعتبروه «أكاذيب». وعقب حالة القلق من دوي الطائرات الحربية التي وجدت صداها على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تكتف المؤسسة العسكرية بإصدار تصريح صحافي لطمأنة المواطنين، وبادر المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بالقول: «إنه لا يمكن اختبار قدرات أنظمة الدفاع الجوي ومدى استعدادها لمواجهة الأزمات الطارئة لحماية سماء مصر إذا تم التنبيه مسبقا، أو الإعلان عن ذلك». وانتخب المصريون منتصف العام الحالي أول رئيس مدني للبلاد منذ إعلان الجمهورية قبل نحو ستين عاما، حيث تعاقب على حكم البلاد منذ ثورة 1952 رؤساء من المؤسسة العسكرية. وتعد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس الجديد محمد مرسي خصما تقليديا للمؤسسة العسكرية منذ محاولة «الإخوان» اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد دأبت الجماعة على نفي صلتها بالحادث الذي تسبب في صدام بين السلطات المصرية وقيادات «الإخوان». وقال مراقبون أمس إن حالة القلق التي تسبب فيها تحليق الطائرات يدل على شعور المواطنين بهشاشة الوضع السياسي في البلاد، وعدم استقرار الأوضاع بشكل كامل.