بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس بقلم: أبوبكر يوسف إبراهيم* توطئة: ألم أقل لكم أن الأستاذ مكي المغربي، هذا الصحفي الشاب المتقد الذهن يدس لي السم في العسل ففي نهاية مقاله يطرح عليّ، على حين غرة أصعب الأسئلة ومع ذلك سأتوكل على الله وأجتهد في الإجابة فإن أصبت فلي أجران وإن أخطأت فلي أجر واحد وهذه غنيمة أخرج بها من هذه الفانية، ومن نافلة القول أرى أنه لزاماً عليّ أن أسلط إضاءةً عليه، إذ تفاجأت بأنه كنز معرفة بأحوال القارة الافريقية وخبير لا يُختبر في شئونها، وعجبت لحكومتنا التي لا تهتم كثيراً بالفكر الاستراتيجي أو مسارعتها في إنشاء مركز معلومات استرتيجي يلحق برئاسة مجلس الوزراء ليساعد متخذو القرار عند الحاجة لتجويد قراراتهم لتصبح مؤسسة على معلومة ودقائق لا تتوفر إلا لمن ثابر وصبر وحصل على زخيرة من المعلومات الموثقة، خسارة أن يكون في بلدي أدمغة مثل الاستاذ عبدالمحمود الكرنكي صاحب الفكر والثقافة والعقل الاستراتيجي المتعمق المتفكر، والذي يعتبر كنز معلومات متحرك يمشي على قدمين، وكذلك أمثال الاستاذ مكي المغربي المتخصص في الشئون الافريقية الذين يمكن أن تستقطبهما الصحافة العربية لكونها تفتقر لأمثالهما، أخاف أن يصبح الصبح علينا ويختطف أحد عباقرة التسلق الفكرة فيُنَصّب قيماً على مثل هذا المركز!!.. إن رأيتم وسمعتم مثل هذا الخبر فلا تتعجبوا، هناك قنّاصون يختطفون الأفكار ويسوقونها لصالحهم ويتربحون منها، ولا غرو إن كنا شعبٍ لا يعرف قيمة بنيه إلا حينما يطمروا في جوف الفانية وآية في ذلك إدريس جماع وكثٌ من أمثاله، يومها نتبارى ونسارع في ذكر مناقبهم وعندما كان حياً يمشي على ظهر الفانية كان لا يجد لقمة تقيم أوده!! ، نحن وبكل فخر أكبر بلد عربي يملك عدداً يماثل كل ما تملكه الأمة العربية من النرجسيين الخفافيش أصدقاء الظلام، أعداء النور والاستنارة، نحن دولة لا تجيد فن صنع رموزها الذين هم فراقد لا تجد فضاءً لتسطع فيه نحن أمةٌ لا تعرف كيف تروج لنجومها لتفاخر بهم على المستوى الاقليمي والعالمي مما يُمَكِّن من إعلاء شأن الوطن!! وآ أسفاي.. كما يقول المبدع الراحل إسماعيل حسن!!! المتن: يطرح عليّ الأستاذ مكي المغربي سؤالاً شديد التعقيد، ولكنه هين المعالجة إذ يقول"[ هنالك جوانب نقد كثيرة تعرض لها الدكتور ولكنني أطالبه مجددا بأن يقترح لنا ما يمكن فعله لاستفادة الدولة واستفادة المغتربين من «تحويشة العمر»!]. فأقول له لنبدأ بأول خطوة في طريق إصلاح ذات البين بين الحكومة وجهازها والمغترب والمغتربة وهي المصارحة والمصالحة بين الحكومة والمغترب/ المغتربة، فالثقة منعدمة تماماً ولا أحد يستطيع أن يزايد أو ينكر هذا الشعور المتأصل لديهما، وإن لم يبدياه وصبرا عيه في صمتٍ الحيي ولكنها ممارسات لا يمكن أن توصف إلا أنها فرض أمرٍ بقوة السلطان، وللأمانة أن الكل يزايد بقضايا المغتربين والمغتربات وللأمانة فأن ضرائب المغتربين والمغتربات لم تبدأ في عهد هذه الحكومة وإنما أول ما بدأها عهد حكم المشير النميري ثم الحكومة الانتقالية ثم حكومة الصادق المهدي ولم يتكرم أيٌ منهم بإلغائها رغم أن بعض قادة هذه الاحزاب بدأ بالمزايدة بعدم دستوريتها وكأنهم لم يعتلوا ذات يومٍ سدة الحكم!! ، وأنا شخصياً من الذين يقولون بعدم دستوريتها مستنداً إلى أحكام قضائية صادرة في هذا الشأن في دولٍ مجاورة عربية ودول أوروبية وأخرى أسيوية بصدده، وسأتناول بريطانيا مهد الديمقراطية وبمصر التي تمثل الثقل في أعداد المهاجرين الاقتصاديين العرب أقول " المهاجرين وليس اللآجئين" خلافاً لتعريف الأممالمتحدة التي تعرفهم " باللآجئين الاقتصاديين"، ومثلهما الفلبين كأكبر دولة رفدت كثير من الدول باللآجئين الاقتصادين كما ذكرت بحسب تعريف الأممالمتحدة. بريطانيا: في بداية النصف الأول من عقد السبعينيات بدأت الدول البترولية في استقطاب الخبراء وحتى سائقي الشاحنات من بريطانيا التي كانت تعاني من ركود اقتصادي، فشرّق وغرّب رئيس الوزارة وقرر فرض ضرائب على الانجليز العاملين بالخارج، فرفعوا قضية على الحكومة وأسموها: "الحكومة التي لا تشكر أو النكرة للجميل"، فقالوا: أنها بدلاً من أن تشكرهم فرضت عليهم ضرائب دون أن يجنوا أرباحاً أو يحصلوا على مرتبات من حكومة صاحبة الجلالة، ودفعوا امام أولدز بيلي بأنهم وفروا على الحكومة إعانات البطالة وتكلفة الرعاية الطبية، وكسبوا القضية وألغيت الضرائب رغم أن الحكومة طعنت في الحكم ودفعت بأنها وقعت مع بعض دول الخليج اتفاقات بعدم الازدواج الضريبي!!، ولما أعيت الحيل حكومة صاحبة الجلالة عمدت إلى سن تشريع يبيح للمقيم الأجنبي في بريطانيا حق التصويت في الانتخابات طالما كان يدفع ضرائب للدولة ويُحرم منه الانجليزي الذي يعمل في الخارج ولا يدفع ضرائب لحكومتها. باعتبار هذه أقصى عقوبة برأيها يمكن توقيعها عليهم!! والانجليز كما نعلم يسخرون ببرودهم حتى من ملكتهم فما كان منهم إلا أن قالوا ما معناه : " طظ في ستين داهية "Hell to voting"!! الحالة الثانية في مصر حينما فرضت حكومة المعزول مبارك اللآ مبارك ضرائب على كل مصري يعمل في الخارج ، فكانت ضريبة مقطوعة على كل رأس (150) دولاراً.. عدالة مباركية!!، ونسق العاملين في مهاجرهم فيما بينهم وقرروا رفع دعوى قضائية أمام الدستورية العليا بعدم دستورية القرار لكونه لا يرتكز على منطق القانون والعقل أي ما باب أكل أموال الناس بالباطل!!، إستمرت الدعوة ثلاث سنوات وأخيراً حكمت لصالحهم فأعادت الحكومة لهم ما جملته(350) مليون دولار، وبدلاً من أن يقبض كل واحدٍ منهم ما دفع ، قرروا اختيار أكفأ الشخصيات في مجال إدارة الأعمال ممن يشهد لهم بالعلم والخبرة والكفاءة وأسسوا شركة قابضة أسموها "المصريين القابضة" وكل تملًّك أسهم بذات حصيلة الضرائب فالطبيب والعامل والمهندس والأستاذة الأكاديميون والخبراء متساوون جميعاً فيما يملكون من أسهم واعتبروا أن هذا هذه الشركة تعتبر كصندوق معاش وملاذ لعيشٍ كريم عند عودتهم للوطن ، فتأسست شركة تأمين وتأسست شركة لتجارة وتوزيع السيارات، بالمناسبة العام قبل الماضي قاربت أرباح الشركة المليار جنيه!! نأخذ الحالة الفلبينية فقد تأسست عبر مؤسسة مدنية كونها الرعيل الأول من قيام صندوق إطلقوا عليه إسم (Overseas Filipinos Employment & retirement Fund) بإشتراك سنوي قدره(25) دولار لمن هم دون عمر الثلاثون، (35) لمن هم فوق الثلاثون ، و(50) لمن هم فوق الأربعين عاماً واتفقوا مع الحكومة الفلبينية أن يقدم الفلبيني العمل بالخارج إبراء ذمة بسداد إشتراكاته في الصندوق، للعلم بلغت جملة استثمارات هذا الصندوق العقارية مليار ونصف المليار دولار بالاضافة إلى استثمارات زراعية في زراعة وتصنيع زيت النخيل ومشروعات أخري لصيد وتعليب سمك السردين والالأولية في العمل لأبناء المغتربين والمغتربات مع استثمارات في التعليم المهني في مجال التمريض!!. لدينا زملاء في العمل من الفلبين ما أن يبلغ أحدهم سن الستين حتى تصله رسالة من الصندوق تفيده ببلوغه سن المعاش وأن الصندوق بدأ بإيداع معاشه التقاعدي في حسابه المصرفي مع اشعار بتوقفه عن دفع الاشتراكات!!، كل هذا دون أن يجري وراء تسوية معاشه أو يتسول المسئولين فكرامة المعاشي لها قدسية في كل مكان إلا بلادنا فهو يؤكل لحماً ويرمى عظماً!!، كل هذه التجربة الناجحة بكل المقاييس تمت دون أن تفرض عليهم الحكومة الفلبينية ضرائب أو جبايات!!.. السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أوجدت إستثمارات المغتربين الفلبينين والفلبينيات فرص عمل داخل الفلبين؟! الاجابة طبعاً نعم!!. السؤال الثاني هل أثمرت استثماراتهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني؟!.. الاجابة بلا أدنى شك نعم!!... هل كفى الصندوق هذه العمالة الفاقة وذل السؤال عندما تبلغ سن المعاش وتعود لوطنها؟!.. الاحابة بالتأكيد نعم!!.. إستمعوا معي لحوار دار بيني وبين سائق يعمل معنا في نفس الشركة عندما وصله خطاب صندوق التقاعد وتقدم بإستقالته فحاولت ثنيه عن ذلك، تصوروا ماذا قال لي؟، قال: أنه تغرب كثيراً ع، وإنه لا بد أن يعود إلى وطنه الذي لفظه اقتصادياً وقد نجح هو في صنع معاشه التقاعدي دون عونٍ منها وأن الحنين يعاوده كيما يعود ليمتع بأحفاده فهو يريد أن يعود ليحس يهذا الشعور الانساني وليتمتع بما تبقى من عمره مع أحفاده!! وختم إلى متى أقبل بأن أكون خادماً لغيري وقد اتيحت لي الفرصة أن أكون سيد نفسي!! الحاشية: من الرياء أن نقول أن نقول إن الدولة قد أفادت واستفادت من ضرائب المغتربين حتى وإن أقامت ستين جهاز تنظيم للمغتربين ، لأن قيام جهاز فوقي يبدو أن المراد به إختزال أدوار مثل وزارة الخارجية التي من اولوياتها رعاية عايانا بالخارج لذا قإنها تسمى مثلاً في لبنان بوزارة الخارجية والمغتربين!!وقد يكون منطقياً أن يلحق بوزارة الخارجية وزير دولة لشئون المغتربين ، كما أنها اختزلت أيضاً دور وزارة العمل التي من واجباتها رعاية حقوق العاملين بالداخل وبالخارج عبر ملحقيات عمالية.!! دعونا نسأل بمنتهى الشفافية عن ميزانية هذا الجهاز الذي يضم جيشاً عرمرم من العاملين.. دعك عن الامتيازات؟! دلوني عن عبقري واحد يجيبني عن عدد المرات التي نشر الجهاز فيها الجهاز ميزانيات هذه الشركات التي تتبع له كالمهاجر مثلاً، وهل افصح عن هذه المؤسسات وأنشطتها وما عملاً بمبدأ الافصاح، وما مدى استفادة المغترب والمغتربة من أرباحها إن كانت جميعها قامت وأُنشأت بأموال مجباة من المغتربين والمغتربات؟!! الهامش: يفترض أن هذه الهجرة اقتصادية وقتية وهل لدى الجهاز دراسة احصائية تحدد اعداد من يقرر العودة للوطن بعد أن حقق هدفه؟!! أصدقكم القول لن تصل النسبة 1% ، إذاً ما أسباب عزوف المغتربين والمغتربات عن العودة للوطن؟!. والاجابة أن هاجس العودة يمثل غول يقلق المضاجع، تخيلوا معي شعور المغترب المغتربة بالخوف من العودة للوطن.. وليس :عن" العودة!! فهل هناك اغتيال لشخصية المغترب والمغتربة اكبر من تحويلها لمسخ وبقايا إنسان!! قصاصة: لماذا نعمل بكل ما أوتينا من جهد أن نغتال حتى أجمل بيت شعرٍ عربي في حب الأوطان.. لماذا..: بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام بلادى وأن هانت على عزيزة ولو أننى أعرى بها وأجوع ولى كف ضرغام أصول ببطشها وأشرى بها بين الورى وأبيع تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها وفى بطنها للمجدبين ربي أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى خلاصا لها؟ أني اذن لوضيع وما أنا إلا المسك فى كل بلدة أضوع وأما عندكم فأضيع!! عوافي... (عضو المكتب الاستشاري لرابطة الاعلاميين بالرياض) [email protected]