قطعت الحكومة بملاحقة المتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور(شبر شبر، خور خور، غابة غابة) وأكدت حسمها للمتمردين في أي بؤرة داخل السودان داخل السودان، ووجه نائب الرئيس الحاج آدم بإعداد ألوية الردع لتنظيف المحليات والقرى من دنس التمرد. وطالبت الوزيرة إشراقة سيد محمود بتسخير كل موارد الدولة لحسم التمرد، حسب ما جاء في صحيفة(آخر لحظة) عدد الأربعاء 19 ديسمبرالجاري. ويبدو جلياً لنا أنه كلما إزدادت الأزمة الاقتصادية في بلادنا، كلما علا صوت دعاة الحرب والمطبلين لها الداعين إلى ما يسمى تطهيرالبلاد من الخونة والعملاء. وفي سياق هذه الدعوة يجري تجهيز الألوية وتجييش الخطاب الإعلامي وتصدير الحرب وكأنها فتح مكة عبر التصريحات حول الصلاة في كاودا والأضحية في الكرمك وخلافه. ومع التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية تحشد الأموال للنفرات والسلاح والمتحركات وهي أموال تصرف دون حساب ودون رقيب ودون مراجعة تحت بند ما يسمى بالحرب المقدسة. وكلما ازداد الصرف على الدفاع والأمن بهذه الحجة كلما ارتفعت الرسوم والضرائب والأسعار حتى صارت الحياة جحيماً لا يطاق لمعظم السودانيين الذين يعانون الفقر والمجاعة. هذه الحروب صنعها المؤتمر الوطني سواء في النيل الأزرق أو جنوب كردفان أو دارفور. وكلما خسر المعركة على الأرض حنى رأسه للعاصفة حتى تمضي ثم يعاود الكرة من جديد. الكل يعلم أن حروب السودان الأهلية لم تندلع إلا بأسباب سياسية أو اقتصادية تعاملت معها الحكومات المركزية باعتبارها تمرداً على النظام القائم. ولكن هذه الحروب لا تحل إلا في إطار سياسي مثلما كانت حرب الجنوب الأهلية المندلعة منذ عام1955 والتي لم تحل سياسياً إلا في عام2005م. نود أن نؤكد بإن الخطاب الحربي المتصاعد هذه الأيام المقصود منه صرف الإنتباه عن الضائقة الاقتصادية وغلاء المعيشة وهذه الأزمة الاقتصادية الخانقة. ومقصود به أيضاً تعطيل مسار ثورة الاحتجاجات التي حتماً لن تتوقف ضد ممارسات هذا النظام وسياساته وهو مخطط محكوم عليه بالفشل على كافة الأصعدة. الميدان