تحول البرلمان نهار أول من أمس الثلاثاء، لسوق «ملجة» وفصل دراسي لتلاميذ مدرسة المشاغبين، ولم يجد رئيسه مولانا أحمد إبراهيم الطاهر بداً من أن يضرب بمطرقته على الطاولة طلباً للهدوء والانضباط، وتارة الصياح بأعلى صوته وهو رجل وقور لا يجيد الصياح منادياً «خليكم منضبطين».. «إنضبطوا يا جماعة إنتوا في جلسة».. لكن المشهد كان أكبر من هذا كله!! البرلمان الذي هو رقيب على الحكومة ويمثل إرادة الشعب، يسقط حتى توصياته التي أعدتها لجنة الصياغة التي كونها لمراجعة مشروع الموازنة والتعديل في الضريبة التي فرضت على المركبات العامة والسيارات!! وبقدرة قادر تحول النواب من رقباء على الحكومة لمجرد مصفقين لها مطبلين لسياساتها، وارتضوا بموقع الذيل في السير خلف الحكومة، لو دخلت جحر ضب لدخلوا وراءها، حتى لو امتلأ الذيل ب «الحسكنيت»، كما قال والي جنوب دارفور قبل أيام.. متهماً بعض مواطني ولايته بالاشتراك في المحاولة الانقلابية!! لوحة سيريالية، أو مشهد في مسرح اللامعقول، حدث في البرلمان، حيث اختلطت أصوات النواب ببعضها البعض، وتهارجوا وتصايحوا، وفي لجة التناقضات ضاعت الحقيقة، وتلطخت صورة الشعب الذي يمثلونه، فتواطأوا مع الحكومة ووزارة ماليتها ضده، ففرضوا على الشعب المسكين رسوماً على السيارات وخالفوا الدستور نفسه الذي لا يعطي وزارة المالية الحق في فرض رسوم على ترخيص السيارات ولا فرض رسوم أخرى عليها خلافاً لرسوم الجمارك أو رسوم الترخيص السنوية، وهي شأن ولائي لا علاقة بالمالية به، وعندما تراجعت المالية عن ذلك وجاءت بالشباك، تناصر النواب مع الجهاز التنفيذي، امسكوا الشعب من رجليه ويديه وطرحوه أرضاً لتعمل فيه المالية سكينها الحاد في رقبته وتمتص دمه من جديد وهي لا ترتوي أبداً!! وصفق النواب بشدة بعد إجازة القانون كما هو وكما طلبته وزارة المالية!! في سابقة لا مثيل لها في برلمانات الدنيا!! ثم تبادل النواب مع بعضهم البعض الاتهامات، ووصف بعضهم ما جرى بأنه يوم حزين هزم فيه البرلمان نفسه، وأنهم أعطوا المالية أكثر مما تستحق، وبعضهم اتهم رئيس البرلمان بإرباك النواب لتمرير الضريبة دون استثناء.. وبعضهم طالب النواب بمراجعة وطنيتهم وذمتهم وقسمهم المغلظ أمام الله والشعب .. ألا يتعلم البرلمان الكبير من المجالس التشريعية الولائية والمجلس التشريعي بولاية الخرطوم على مقربة منهم.. كيف هي مناقشاتهم في تقرير اللجنة الاقتصادية ورسوم المحليات؟! إذا كان ذلك كله حقيقة.. فعلى الدنيا السلام!! بعد أن فات الأوان حكمت محكمة باريس الابتدائية بالسجن على الفرنسي أيريك بريتو مدير منظمة «أرش. دي. زوي» وآخرين في قضية الأطفال المخطوفين من شرق تشاد عام 2007م وعددهم «103» أطفال أغلبهم من أطفال لاجئي دارفور الذين لجأوا لشرق تشاد على خلفية الوضع في دارفور، وقامت المنظمة باختطافهم وترحيلهم لفرنسا وبيعهم والمتاجرة فيهم، وألقي القبض على منسوبي المنظمة وموظفيها وحكمت عليهم محكمة تشادية في العاصمة إنجمينا بالغرامة المالية، ثم عفا عنهم الرئيس التشادي إدريس دبي بعد تفاهمات بينه وبين الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي، وعقب وصول مدير المنظمة ومن معه جرت محاكمة لهم في 3/12/2012م وصدر الحكم عليهم بالسجن. لكن الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها، أين هؤلاء الأطفال؟ وما هي أماكن وجود من تم ترحيله إلى فرنسا؟ وما هي العائلات التي اشترتهم أو تبنتهم؟ وتعيد هذه القصة قصص تجارة الرقيق في القرون الماضية، وقصة «فليكس دارفور» الذي اختطف في القرن الثامن عشر الميلادي واشتراه جنرال فرنسي في مصر جاء مع الحملة الفرنسية.. وتلك قصة أخرى. نائب الرئيس ومحاكاة القذافي لا نريد من كبار المسؤولين السقوط في مصيدة التصريحات غير الموفقة والجالبة للاستغراب، فنائب الرئيس الحاج آدم يوسف، استلف من قاموس القذافي ما ورد في خطابه الشهير «شبر شبر.. بيت بيت.. دار دار.. زنقة زنقة» ليطرح التزاماً سياسياً بأن ملاحقة المتمردين ستتم «شبر شبر.. خور خور.. غابة غابة» في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وتعهد بأن الصلاة ستكون في كاودا خلال أيام!! يجب ألا يكون الخطاب خطاباً حماسياً فقط، فإن كان غير ذلك فلا يصح التعبير عن هدف الخطة والتحرك العسكري هكذا، وسبق أن وعد الرئيس بالصلاة في كاودا، لكن الأوضاع على الأرض لم تحسم المعركة، ولم تدخل قواتنا كاودا حتى اليوم.. فالتريث مطلوب وكل شيء يجب أن يكون بقدر معلوم، والتعبئة السياسية والجهادية لها ألف طريقة غير هذه الوعود التي تحتاج لترتيبات كبرى حتى تتوافق مع المواقيت!! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.