القاهرة – كشفت مغادرة رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء محمد رأفت شحاتة القاهرة الأربعاء متوجها على رأس وفد إلى أبوظبي، القلق المتصاعد داخل أروقة الحكومة المصرية وتنظيم الاخوان المسلمين من تداعيات اكتشاف خلية اخوانية في الامارات بدعم مصري. وقالت مصادر مسؤولة بمطار القاهرة إن مغادرة شحاتة جاءت بعد سفر وفد من رئاسة الجمهورية ضم عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية والتعاون الدولي وخالد القزاز سكرتير رئيس الجمهورية للقاء عدد من المسؤولين الإماراتيين لبحث التطورات الأخيرة بشأن القبض على عدد من المصريين العاملين بدولة الإمارات. وكانت السلطات الإماراتية اعتقلت عددا من المصريين المقيمين بالإمارات بتهمة إدارة تنظيم محظور بالإمارات ينتمي لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين بمصر. وتأتي الزيارة التي تكتسي طابع الاستعجال، بفارق زمني بسيط عن الإعلان في دولة الإمارات العربية عن تفكيك شبكة إخوانية على صلة مباشرة بتنظيم الإخوان المسلمين الذي يتولى الحكم في مصر، الأمر الذي خشي مراقبون أن يمثل زلزالا في العلاقات المصرية الإماراتية، والخليجية عموما. ومن هنا فُهم على نطاق واسع أن زيارة المسؤولين المصريين تهدف إلى تطويق تداعيات عملية تفكيك الشبكة والحد مما يمكن أن تلحقه من خسائر للجانب المصري على صعد اقتصادية وسياسية، فضلا عن آثارها السلبية على سمعة تيار الإخوان في مصر، والذي يحاول جاهدا تسويق صورة له باعتباره تيارا مسؤولا منضبطا لاشتراطات إدارة الدولة والإيفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي. وقال مراقبون إن استهداف الإخوان لدولة الإمارات بالذات يضاعف من الحرج المصري كون هذه الدولة الخليجية معروفة بالتزامها التام بعدم التدخل في شؤون الغير، وذات سجل حافل في مساعدة الشعب المصري منذ عهد مؤسس الدولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وحال الإعلان عن تفكيك الشبكة المذكورة، انطلقت تقييمات الخسائر التي يمكن أن تلحق بمصر في حال أدى الأمر إلى إحداث قطيعة مصرية خليجية. وأجمعت مختلف التحليلات على أن من شأن ذلك أن يغلق بوجه مصر أفقا اقتصاديا كبيرا في مرحلة أزمة خانقة جعلت كلمة "الإفلاس" تتردد كثيرا على ألسنة رجال الاقتصاد والسياسة في البلاد. وبعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك اتجهت آمال المسؤولين المصريين إلى دول الخليج الثرية لتوجيهها المزيد من الاستثمارات نحو مصر بما يساهم في تنشيط اقتصادها، وبما يحد من التداعيات الاجتماعية للأزمة من فقر وبطالة. ويقول خبراء إن تواصل الأوضاع الاجتماعية في مصر على ما هي عليه سيقود في النهاية إلى ثورة جديدة على حكم الإخوان المسلمين، بعد الهزة القوية التي شهدتها مصر مؤخرا لأسباب سياسية بالأساس. إلى ذلك لا تخلو القضية من خسائر سياسية، بفعل ما تلقيه من شكوك حول النوايا الحقيقية للإخوان المسلمين في "تصدير الثورة المصرية"، ما يطرح إمكانية مراجعة دول كثيرة لحساباتها بعد أن كانت قد قبلت على مضض بالاعتراف بالإسلاميين كطرف في اللعبة الديمقراطية، قادر على قيادة مصر في مرحلتها الانتقالية الحرجة. وبدا الاضطراب واضحا على السلطة المصرية في التعامل مع فضيحة الشبكة الإخوانية في الإمارات، بين الاعتراف بالأمر ومحاولة تطويق تداعياته من خلال المبعوثيْن إلى أبوظبي عصام الحداد وخالد القزاز، وبين إنكار جماعة الإخوان للأمر على لسان محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الجماعة لما نُشر بشأن تجنيد مصريين بالإمارات في تنظيم سري. وقال غزلان، في تصريحات صحفية إن ذلك "مجرد كلام الهدف منه إثارة البلبلة حول جماعة الإخوان المسلمين". وأضاف أن "الجماعة لا تتدخل فى شؤون الدول الأخرى ونحن حريصون على العلاقة الطيبة بين مصر والإمارات". وكانت تقارير إماراتية كشفت في وقت سابق عن إلقاء السلطات الأمنية الإماراتية القبض على خلية تضم أكثر من عشرة أشخاص من قيادة تنظيم الإخوان المسلمين المصري. وتناقلت الصحافة قول مصدر مطلع إن التحريات والمتابعة لفترات تجاوزت السنوات لقيادات وعناصر التنظيم أكدت قيامهم بإدارة تنظيم على أرض الدولة يتمتع بهيكلة تنظيمية ومنهجية عمل منظمة، وكان أعضاؤه يعقدون اجتماعات سرية في مختلف مناطق الدولة في ما يطلق عليه تنظيميا "المكاتب الإدارية"، ويقومون بتجنيد أبناء الجالية المصرية في الإمارات للانضمام إلى صفوف التنظيم، كما أنهم أسسوا شركات وواجهات تدعم التنظيم على أرض الدولة، وجمعوا أموالا طائلة وحولوها إلى التنظيم الأم في مصر بطرق غير مشروعة، كما كشفت المتابعة تورط قيادات وعناصر التنظيم في عمليات جمع معلومات سرية حول أسرار الدفاع عن الدولة. كما أكد المصدر وجود علاقات وثيقة بين تنظيم الإخوان المسلمين المصري وقيادات التنظيم السري في الإمارات والمنظورة قضيته في نيابة أمن الدولة، حيث كان هناك تنسيق مستمر بين الطرفين ولقاءات سرية، ونقل للرسائل والمعلومات بين تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وقيادة التنظيم السري، وقدم تنظيم الإخوان المسلمين المصري في الإمارات العديد من الدورات والمحاضرات لأعضاء التنظيم حول الانتخابات وطرق تغيير أنظمة الحكم في الدول العربية. وتوقّع المصدر أن تكشف التحقيقات في القضية معلومات خطيرة عن المؤامرات التي كانت تحاك ضد الأمن الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما توقع أن تشمل قائمة التحقيقات مئات العناصر المرتبطة بالشبكة الإخوانية. وقال إن بعض هذه العناصر قد أدرجت بالفعل في قائمة الممنوعين من السفر خارج الدولة تمهيدا لاستدعائها للتحقيق.