قبل أيام، صرح الفنان المغربي يونس ميكري، لإحدى المجلات الأسبوعية، الصادرة نهاية الأسبوع الماضي، بأن ليس لديه مشكل في أن تمارس إبنته الجنس، بدون عقد زواج، مع من تشاء، فوق سن 18 سنة. وقال بالحرف على صدر غلاف المجلة 'معنديش مشكل بناتي يمارسو الجنس بلا زواج بعد 18 عام'! وقبل أيام، تحدث مخرج فيلم 'موشومة' لحسن زينون، لإحدى الإذاعات الخاصة، قائلا بأنه 'تنقصنا التربية الجنسية' وأن الضجة التي أقيمت، حول مشاهد العري والجنس، ما كانت لتكون، لو تحررنا من عقدة الجسد، وقبل ساعات، على هامش مهرجان مراكش الدولي للسينما، صرحت الفنانة المسرحية لطيفة أحرار، بأن 'الجسد ليس عورة' وقبلها بشهور، تحدثت مخرجة مسرحية 'ديالي' إلى الصحافة، عقب الضجة الإعلامية، التي أثارتها مسرحية 'ديالي' التي جعلت من العضو الجنسي للمرأة، محور عملها الدرامي، بأن عقدة 'الجسد والبكارة' من الإشكالات العميقة، التي تحول دوننا والتقدم والتطور، في عالم يعرف عدة متغيرات وتحولات على جميع الأصعدة. وغيرها من التصريحات الصحافية، التي تطلق هنا وهناك، في العديد من الملتقيات والمحافل الفنية، التي ينتهزها نساء ورجال الفن، ببلادنا، للقول بأننا قاصرون، على فهم مضمون الأعمال الفنية، وأن نظرتنا للإبداع الفني، ما زالت حبيسة 'الحلال والحرام' ولم تتطور بعد إلى تفكيك العمل الفني، بأدوات فنية بعيدة، كل البعد عن ميزان الأخلاق والقيم، وهي الوجهة النظر، التي دافع عنها الممثل السينمائي سعيد باي، بإعتباره أحد المشاركين في فيلم 'زيرو' للمخرج نور الدين لخماري، قائلا في أحد البرامج الإذاعية ب'أن المشاهد المغربي، عوض أن يستوعب الرسالة الفنية برمتها، يطيل الوقوف عند اللقطة العارية، كأنها هي محور الفيلم، في حين أن هناك رسائل عديدة في الفيلم نفسه 'وهي تصريحات فنية، تكاد تكون متشابهة من حيث المعنى والدلالات، وإن إختلفت أسماء قائليها والأعمال الفنية، التي شاركت فيها، لكن، تبقى جميعها تحوم حول المعطى ذاته، بأن 'الجمهور المغربي بحاجة إلى تغيير نظرته إلى الفن والفنانين المغاربة وأن تقييم أي عمل فني، يستدعي بالضرورة إستحضار، آليات مفاهيمية، لتقييم أبعاده الفنية والجمالية، حتى لا تبقى النظرة الدينية والأخلاقية، هي المعيار في تقييم الأعمال الفنية'. وهي وجهة نظر، تكاد تكون المشترك، بين الكثير من المتدخلين، في المجال الفني، حين تثار ضجة إعلامية، حول عمل فني ما، سواء في الصحافة الورقية أو الإلكترونية أو في الشبكات الإجتماعية، لفتح باب الحوار وضع حد لسوء التفاهم القائم بين الفنانين المغاربة والجمهور المتعطش لكل جديد. وبالرجوع إلى الانتاج الفني، للأعمال الفنية التي أثارت ضجة، بسبب مشاهد الجنس والعري، ضمن أحداث الفيلم، يمكن القول بأن طابو 'الجنس' في المغرب، قد حظي باهتمام واسع، من المبدعين المغاربة، لدرجة أن الفيلم الأخير، للمخرج نبيل عيوش تضمن مشهدا جنسيا شاذا، بين أبطال الفيلم، لدرجة يمكن القول معها، بأن الجنس، أصبح محور تفكير الكثير من مبدعينا، في الوقت الذي يتعطش فيه، العديد من المشاهدين، إلى رؤية أفلام تتحدث عن المعيش اليومي للإنسان المغربي، الذي تنخره الكثير من الفيروسات ك'الرشوة، الوساطة، الغش، الفساد، المحسوبية، البطالة' وغيرها من القضايا الأساسية، ذات الأولوية، في حياة رجل الشارع المغربي. رجل الشارع الذي يعاني من غلاء المعيشة وضعف القدرة الشرائية ومن التحولات والمتغيرات في العديد من المفاهيم والقيم، في مجتمع الإستهلاك. لكن، للأسف الأخبار التي تتصدر الصفحات الأولى للمجلات والصحف الورقية منها والإلكترونية، عن الفن والفنانين، تكاد تجمع كلها حول تيمة 'الجنس' في حين تغيب المواضيع الأكثر حساسة، لدرجة يمكن معها طرح أكثر من سؤال، لعل أبرزها: إلى متى، سيظل هاجس الجنس يرخي بظلاله على الإبداعات الفنية ببلادنا وهل هذا الإهتمام الزائد عن حده، موجة فنية عابرة في طريقها إلى الزوال وذلك من أجل تجاوز عقدة الجسد إلى مواضيع أكثر إلتصاقا بقضايا وراهنية المجتمع المغربي؟ القدس العربي