دمشق - قتل ثمانون شخصا على الأقل الثلاثاء في انفجارين في جامعة حلب في شمال سوريا تضاربت المعلومات حول طبيعتهما، في يوم أبدت روسيا حليفة نظام الرئيس بشار الاسد، معارضتها إحالة ملف النزاع السوري على المحكمة الجنائية الدولية. يأتي ذلك غداة تأكيد مسؤول سوري كبير حق الأسد الذي تطالب المعارضة ودول غربية بتنحيه فورا، في الترشح مجددا الى الانتخابات الرئاسية العام 2014، في حين يشكل طرح الاسد لحل الازمة محور زيارة بدأها رئيس وزرائه وائل الحلقي الى طهران. وقال محافظ حلب وحيد عقاد ان "82 شهيدا واكثر من 160 جريحا هي حصيلة التفجير الارهابي الذي استهدف طلابنا في أول يوم امتحانات لهم في جامعة حلب حتى الآن". واكد مصدر طبي في مشفى جامعة حلب هذا الرقم، مشيرا الى ان "العدد قابل للتزايد بسبب خطورة حالات الجرحى". وقال مصدر طبي في مشفى الرازي ان "المشفى استقبل 65 جريحا اصاباتهم بين المتوسطة والخطيرة". من جهته، اشار المرصد السوري لحقوق الانسان استنادا الى "مصادر متطابقة الى وقوع 52 قتيلا في انفجارين وقعا في الجامعة ولم يعرف سببهما بعد"، مرحجا ارتفاع العدد الى ما هو اعلى من ذلك بكثير نظرا لخطورة اصابات الجرحى. واوضح المرصد ان القتلى هم من الطلاب والنازحين الذين لجأوا الى السكن الجامعي. وتضاربت المعلومات حول سبب الانفجارين، اذ ذكر الاعلام السوري الرسمي ان "مجموعة ارهابية مسلحة استهدفت جامعة حلب بقذيفتين صاروخيتين"، في اليوم الاول للامتحانات الجامعية. وقال مصدر عسكري في المدينة ان المقاتلين المعارضين اطلقوا صاروخ ارض جو مضادا للطائرات في اتجاه طائرة حربية كانت تحلق في المنطقة، لكنه اخطأ الهدف وسقط على الجامعة. وقال ناشطون معارضون لنظام الرئيس السوري بشار الاسد على صفحات على موقع "فيسبوك" على شبكة الانترنت ان طائرة حربية قصفت الجامعة بقنبلتين، في حين تحدث آخرون عن سيارة مفخخة. ويمكن بوضوح من خلال اشرطة الفيديو التي نشرت على موقع "يوتيوب" رؤية عمودي دخان كثيفين ينبعثان من الجامعة، في حين يتحدث الطلاب عن انفجارين. وبث ناشطون شريطا قالوا ان طالبا التقطه من داخل كلية العمارة، وبدت فيه حال من الهلع بين الطلاب الذين سمع بعضهم يجهش بالبكاء، في حين تراجع آخرون الى اقسام في داخل المبنى وبدت قطع من الزجاج المتناثر واجزاء محطمة من الأسقف. وعرضت قناة "الاخبارية" السورية لقطات لمكان الانفجار، تظهر سيارات تحترق واخرى شبه مدمرة، بينما تبدو جثة واحدة على الاقل ممدة وسط الطريق التي يغطيها الركام. وبدأت جامعة حلب سنتها الجامعية الجديدة في منتصف تشرين الاول/اكتوبر. وقال مصدر مسؤول ان الجامعة ارجأت امتحانات يومي الأربعاء والخميس الى موعد لاحق. وتشهد حلب معارك يومية منذ تموز/يوليو 2012 بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة تسيطر على اجزاء واسعة من المدينة. ومع دخول النزاع الذي حصد اكثر من 60 الف قتيل شهره الثاني والعشرين، رفضت موسكو مبادرة اكثر من خمسين دولة تطلب من مجلس الامن التحقيق في ارتكاب جرائم حرب من خلال المحكمة الجنائية الدولية. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "نعتبر ان هذه المبادرة تأتي في غير وقتها كما ستكون لها نتائج عكسية على مستوى الهدف الرئيسي حاليا وهو الإنهاء الفوري لسفك الدماء في سوريا". وتابعت "اننا مقتنعون بأن التكهنات بخصوص ملاحقات جنائية دولية للبحث عن المذنبين لن تؤول الا الى تعزيز المواقف المتشددة لدى الأطراف المتنازعة". وكانت 57 دولة في مقدمها سويسرا وجهت الاثنين رسالة الى مجلس الامن الدولي تطالبه باحالة ملف التحقيق في جرائم حرب مرتكبة في سوريا، مؤكدة ان التحقيق سيكون "من دون استثناءات وايا كان المسؤولون". في الجانب الرسمي، رد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في حديث بالانكليزية ادلى به الى هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) من دمشق الاثنين على سؤال عن رغبة الاسد بالترشح الى الانتخابات المقبلة، بالقول "اين الخطأ في ذلك؟". واعتبر ان "نظاما جديدا بقيادة الرئيس الاسد هو نظام يتمتع بالمصداقية، فلم استبعاده بشكل تلقائي؟". واضاف "الرئيس والعديد من الذين قد يتقدمون بترشيحاتهم سيتوجهون الى الشعب، وسيضعون برامجهم لينتخب الشعب أحدا من بينهم". وقال المقداد "اننا نفتح الطريق امام الديمقراطية او امام ديمقراطية اكثر عمقا. في الديمقراطية، لا يطلب من شخص معين الا يترشح الى الانتخابات". وتطالب المعارضة السورية والدول الغربية برحيل الاسد تمهيدا لمرحلة انتقالية للسلطة في سوريا، فيما طرح الاسد في السادس من كانون الثاني/يناير "حلا سياسيا" للازمة القائمة في بلاده منذ 22 شهرا يقوم على عقد مؤتمر وطني بإشراف الحكومة الحالية يتم فيه التوصل الى ميثاق وطني يطرح على الاستفتاء، وتلي ذلك انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة جديدة. ولم يأت على ذكر تنحيه عن السلطة. وفي طهران ابرز الحلفاء الاقليميين للاسد، افادت وكالة فارس للانباء ان الحلقي وصل على رأس وفد سياسي واقتصادي كبير حيث من المقرر ان يلتقي المرشد الاعلى آية الله علي خامنئي والرئيس محمود احمدي نجاد ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، للبحث في "تطوير العلاقات الثنائية والخطة ذات المراحل الثلاث" التي طرحها الاسد. ميدانيا، كثف الطيران الحربي السوري غاراته الثلاثاء على مناطق عدة، ما تسبب بمقتل العشرات. وقتل 12 شخصا بينهم سبعة دون سن ال18 عاما في قصف تعرضت له منطقة الحولة في ريف حمص، بحسب المرصد. وشملت الغارات مدينة الباب في ريف حلب حيث قتل ثمانية اشخاص من عائلة واحدة بينهم بينهم طفلان وثلاث نساء، وبلدة سرمين في محافظة ادلب (شمال غرب) حيث قتل شخصان، وحماة (وسط)، ودرعا (جنوب)، واحياء محاصرة في مدينة حمص (وسط)، ومناطق في ريف دمشق حيث تستمر الاشتباكات والعمليات العسكرية الواسعة. وادت اعمال العنف في مناطق مختلفة الثلاثاء الى مقتل 118 شخصا في حصيلة غير نهائية، بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في سوريا.