أكد الداعية السوداني، رئيس حزب الوسط الإسلامي يوسف الكودة، أن انضمامه لتحالف المعارضة فرضته الأوضاع الراهنة التي تمر بها بلاده حاليا، مشيرا إلى أن نظام الرئيس عمر البشير لا يلتفت للأصوات التي تنادي بالإصلاح، محملاً الحكومة مسؤولية انتشار المذاهب والمجموعات السلفية المتشددة. وشدد الكودة الذى اتخذ خلال الايام القليلة الماضية مجموعة مواقف اثارت جدلاً كثيفاً أن الحكومة آوت المجموعات الجهادية المتطرفة للاستفادة منها غير أنه انقلب السحر على الساحر، مؤكداً أن الإسلام في السودان ليس مهددا كما هو مهدد أمن واقتصاد الوطن بحسب تعبيره. وابدى الكودة في حواره مع «البيان» تحفظه مما اسماه التقسيم إلى علماني وإسلامي قائلاً: إن هذا التقسيم أضر بالإسلام والسودان معا، وأشار إلى أن أغلبية أهل السودان مسلمون، وأن الشريعة الإسلامية لا تفرض فرضا على الناس، متهما النظام في السودان بالمتاجرة بقضايا الشريعة. وفيما يلي تفاصيل الحوار الذى أجرتة معه «البيان» قبل إعتقاله بأيام: ماهي أسباب انضمامكم المفاجئ لتحالف المعارضة في أشد المراحل توتراً بينها والحكومة؟ انضمامنا لتحالف قوى الإجماع الوطني قرار فرضته الأحوال الراهنة والنظام مصر على ما هو عليه من سياسات، كنا قبل الانضمام للمعارضة لنا اتصالات مع النظام ظنا أن وجودنا خارج تحالف المعارضة ربما يكون سبيلا لبناء جسور بيننا وبين النظام نبدي من خلالها ما نريده من رأي وملاحظات، لكن بدا لنا مؤخرا أن النظام لا يسمع وغير مستعد لأن يسمع لذلك وجدنا أن لابد من وضع اليد مع قوى التحالف لاسيما ونحن نتفق معها في كل ما أقدمت إليه خاصة وأن موقفها مؤخرا كان واضحا من قضية حمل السلاح الأمر الذي كان طيلة الفترة الأخيرة مانعا لنا للانضمام للمعارضة لأن موقفها من قضية حمل السلاح في تقديري كان غير واضح ولكن الآن قوى المعارضة لا تريد استخدام السلاح. متاجرة من نوع آخر حزب المؤتمر الوطني الحاكم اعتبر انضمامكم لتحالف المعارضة يجعل من حزبكم علمانياً ما تعليقكم؟ هذا نوع من المتاجرة كما تاجر النظام بالشريعة وأنا أقول لهم: من قال إن التغيير والإصلاح يشترط أن تكون وراءه حركة إسلامية وهناك حركات مباركة يدعمها كل الأحرار إسلاميين وغيرهم ولا تجد هذا الشرط الذي يشترطه هذا النظام، أنا شخصيا لدي تحفظ على التقسيم إلى علماني وإسلامي وهي قسمة أضرت كثيرا بالإسلام والوطن والموضوع أصلا ليس موضوع إسلام فنحن إسلامنا ليس مهددا كما نحن مهددون في وطننا فالوطن مهدد واقتصاده مهدد. يصفك البعض بأنك رجل مثير للجدل ومتقلب المواقف ما تعليقكم؟ أنا أصلا لم أكن في يوم من الأيام حليفا للمؤتمر الوطني ولاسيما بعد تأسيسي للحزب ولكن ما خلط على الناس فترة وجودي في جماعة أنصار السنة وهي كانت شبه متحالفة مع النظام فكنت كما يصفون عرابا لجماعة أنصار السنة لإصلاح العلاقة بينها والنظام هذا ما أظهر أن الكودة حليف للنظام. ماهي الأسباب التي جعلت الحكومة لا ترحب بحزبكم رغم التوجه الإسلامي الذي تنتهجونه؟ الحكومة ترحب بأي حزب جديد ولو كان شيوعيا أو علمانيا وليست لأنها شيوعية أو علمانية ولكن لأنها ترى من السهل أن تصوب سهامها عليه وتكلب الآخرين عليه وتتاجر بشيوعيته أو علمانيته وهذا صعب حيالنا ولذلك هي انزعجت جدا من أن ينشيء شخص حزبا إسلاميا لذا حاولت أن تعرقل قيام الحزب ونجحت في ذلك لحد كبير في تحجيم دوره لما تملك من المال والسلطة. هل يمكننا القول إن هذه واحدة من الأسباب التي جعلتكم تعلنون الانضمام لتحالف المعارضة؟ لا نحن لا نتعامل بالمكايدات وردود الأفعال نحن يحكمنا فقه ودين لذلك صبرنا كل هذه الفترة على النظام لكن انضمامنا لقوى المعارضة كان بقناعة كاملة من قيادة الحزب بأنه لابد من إزالة النظام لذلك كان لابد لنا من التعاون مع من يريدون ذلك. من يريدون إسقاط النظام الذين انضممتم لهم يسعون لفصل الدين عن الدولة كما ورد في وثيقة «الفجر الجديد»، ألا يتناقض ذلك مع طرح حزبكم الإسلامي؟ حزبنا لم يوقع على الوثيقة ولا يوجد تعارض أو تناقض بين منهجنا والانضمام للمعارضة، فالحزب الحاكم عاجلا أم آجلا سيوقع مع الجبهة الثورية اتفاقية ثنائية كما وقع اتفاقية «نيفاشا» مع الحركة الشعبية من قبل وهذا التوقيع الثنائي ستكون له أضرار على الأوضاع في السودان. والحكومة ترفض إشراك القوى السياسية المعارضة في مثل هذه الاتفاقات المصيرية لذلك نرى انفسنا مضطرين للدخول في حوار وتفاوض مع الجبهة الثورية لتأمين وضع البلاد. ألا تخشون أن تتخلى عنكم الجبهة الثورية كما تخلت الحركة الشعبية عن المعارضة قبل الانفصال؟ الآن الجبهة الثورية ترحب بالمعارضة من أجل الترتيب معها لإسقاط النظام . كثر الحديث عن الأزمة الاقتصادية كيف ينظر لها حزبكم؟ المشكلة ليست اقتصادية وإنما هي سياسية قبل كل شيء فمشكلة الاقتصاد هي عرض للأمراض التي تعاني منها السياسة فكيف تستطيع بلاد أن تنهض ورئيسها وعدد من قادتها مطلوبون دولياً. شهدت الفترة الأخيرة بروزا للتيار السلفي الجهادي في السودان ماهي الأسباب وراء ذلك؟ هذه المجموعات في السودان وخارجه يغيب عنها الكثير من أنواع الفقه الذي يمكن أن يعصمها من الوقوع في مثل هذه المزالق وأنا اطلق عليه الفقه الغائب وأنا الآن لدي كتاب بصدد طباعته أطلقت عليه الوسطية في الفقه الغائب. الأمر الثاني الذي يدفعهم إلى ذلك الشعور بالظلم الواقع على الأمة الإسلامية من الغرب. أما في السودان فالحكومة في أحيان كثيرة تأوي هذه المجموعات ظناً منها أنها ستستفيد منها في يوم من الأيام وتلوح بها ضد الغرب لذلك وجدنا هذه المجموعات اقرب للحكومة من دعاة الوسطية. فقه الحوار كيف يمكن معالجة هذه القضية وحماية الشباب من الوقوع في براثن هذه المجموعات؟ ليس هناك صعوبة في أن يكون هناك علاج وكل داء له دواء ولكن الناس أحيانا يستعجلون ويظنون أن استخدام النواحي العسكرية والسجون والقضاء ربما يعالج، هذا له دور لكنه محدود ينحصر في مطاردة القلة المنفلتة ولكن ليس لوضع قيم أو علاج وإنما العلاج الحقيقي هو الحوار بالفقه. ماهو موقفكم من الدعوة التي اطلقها البشير للمشاركة في وضع الدستور؟ وصلتنا الدعوة وشاركت في الاجتماع الأول ثم بعثت لهم باعتذار. لماذا اعتذرتم ؟ لأنني أرى أن أمر الدستور في الوقت الراهن ليس بأولوية، فالأولوية الآن للحوار مع القوى السياسية في الداخل والخارج وإنهاء الحروب وقضية التحول إلى حكومة انتقالية وعقد مؤتمر دستوري بعده يحكم السودان بالطريقة التي يختارها أهله. البيان