علمت من أحد الأصدقاء المقربين للشاعر الكبير «عبدالرحمن الريح» أنه أعجب بقصيدة صاغها رفيق أيامه الشاعر «محمد بشير عتيق» فإستأذنه أن يلحنها.. احتضن الملك المتوج على عرش الغناء.. احتضن أنفاسه الرقيقة وأخذ يدندن بكلمات الأغنية فجاء اللحن ليحلق بها عالياً.. إلى سماء غير هذه السماء.. وقد أوجد ذلك بين سُمار الليالي حالةً من الطرب الخرافي.. هكذا كان الفنان «عبدالرحمن الريح».. يتسلم الكلمة ثم يمزجها بإحاسيسه.. فيتكون منها عقد ماسي تتمنى كل عذراء أن تضعه حول جيدها.. الغريب في الأمر أن هذا الإنسان الرائع الذي كاد أن يلامس الأنجم برقته.. لم يتلقَ تعليماً أكاديمياً يذكر.. ولكنه بالرغم من ذلك كان يضيء جمالاً شهدت به أغنيات خالدات قدمها لنا.. غادرنا هذا الجمال ذات يومٍ دون أن يسمع منا كلمة شكر ولن يسمعها أبداً.. طالما كانت هنالك بنادق توجه إلى أجنحة العصافير. * ظل الفنان الراحل «خوجلي عثمان» في عدد من مقابلاته الإذاعية والتلفزيونية يؤكد دائماً أنه لولا أغنية «اسمعنا مرة» لما عرف طريقه إلى دوائر الأضواء.. وقال: إن «أسمعنا مرة» مدت له جناحاً من بين أمواج النسيان لتأخذه إلى حضن سحابة ملونة من الأنغام.. وأشار إلى أنه يعتبرها طفلته المحببة إلى نفسه يمر على ضفائرها الطويلة بأصابعه كل صباح يظل يهدهدها إلى أن تنام على حضنه.. وقال: إنه حين استمع إليها أول مرة من الموسيقار «عبداللطيف خضر» أحس أن علاقة روحيةً غير مرئية تجمعه بها.. وكان يقول دائماً: إن «أسمعنا مرة» تعتبر السيدة الأولى على كل أغانيه.. أما أنا فبالرغم من أنني كتبت العشرات من الأغنيات لعددٍ من كبار الفنانين عبروا من خلالها إلى دوائر الأضواء فإن واحداً منهم لم يفكر يوماً أن يتذكرني بكلمة فيها قليل من الإنصاف. * «ألبير كامي» صاحب أعظم كتاب يتحدث عن فلسفة الموت.. كان يؤكد دائماً في الكثير من مؤلفاته «أننا نمشي على الأرض أمواتاً وأن حياتنا الحقيقية هي في موتنا».. كان «كامي» يتحدث عن هذه النظرية بطريقة المؤمن بها.. إلا أن أصدقاءه كانوا يعتبرون إيمانه بهذه الفلسفة مجرد خرافةٍ تسللت إلى عقل كاتب عبقري.. ذات صباح توجه هذا الكاتب العظيم بسيارته إلى إحدى مزارع العنب التي تعود أن يستريح تحت ظلالها كل ما أحسّ بأنه يحتاج إلى لحظة من الدفء في حياة إحترق بنارها.. إلا أنه غيّر مساره فجأة إلى شجرة ضخمة تعمد أن يصطدم بها.. فمات منتحراً.. ولكم تساءلت: ترى هل توصل هذا الكاتب إلى حقيقة أننا مجرد «أموات نمشي على الأرض»، وأن الحياة الحقيقية التي نحياها تبدأ من لحظة إرتحالنا بالفعل؟.. أو أن ما يقوله مجرد خربشات على حوائط الزمن؟.. ليتني أعلم. عسل شرقي جداً: * تصدق من سنين نحنا بنتمناك تصابح العين بآمال لحظة تنصفنا تبين نحنا منك وين ولما نحس بيك ناسي ونقابلك بي جفا الناسين نفاجأك لما نتغير ونحزن لما تتحير بتتغير وأقول ما إنت نحنا كمان بنتغير وزي ما عيونك الحلوات بتتحير بنتحير فنون