كانت فرصة للسودانين في الشمال والجنوب، لتكريس اتفاقهم على إنهاء الحرب، بوحدة كان من شأنها. كانت فرصة للسودانين في الشمال والجنوب، لتكريس اتفاقهم على إنهاء الحرب، بوحدة كان من شأنها، أن تحول السودان إلى دولة إقليمية كبيرة لها شأنها في التوازنات الإفريقية والعالمية. غير أن الاتفاق على إنهاء الحرب الأهلية كان محكوما بفترة زمنية يعقبها استفتاء على الوحدة أو الافتراق ، مما أعطى للقوى الدولية الكبيرة حرية التصرف بمصير السودان السياسي عبر التدخلات، وعبر اختراع المشكلات الداخلية التي كان آخرها مسألة في دارفور وما أعقبها من اتهامات للسلطة المركزية بارتكاب جرائم حرب ضد أبناء الإقليم وتفريخ منظمات عسكرية وتزويدها بالسلاح لقتال الخرطوم، ثم خلق صراعات محلية حول قضايا إدارية لا يمكنها لو صفت النوايا، ضرب الوحدة التي يتمناها كل مواطن سوداني، وتاليا كل مواطن عربي. قبل أن "يستقل" الجنوب، بدأت النوايا تظهر من خلال ما يطرحه قادة الإقليم. فهم لا يضيرهم في ظل الانفصال من فتح سفارة لإسرائيل في عاصمة الإقليم جوبا، كما صرح سيلفا كير زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، وهو ما يكشف الارتباط التاريخي بين إسرائيل وهذا الفصيل منذ كانت الحرب، وهو يدل أيضا على التغلغل الإسرائيلي في مناطق إفريقية أخرى تحت مسميات كثيرة ومهام متعددة. ألا يعني تصريح سيلفا كير دعوة للجنوبيين إلى الانفصال، رغم زعمه أنه "وحدوي التفكير"؟ صبحي زعيتر