يقدم الظفيري تبسيطا مخلا عن موقف الإمارات وقطر من الأخوان. القضية تكمن فيما يريده الأخوان من الإمارات وقطر. بقلم: حمد المزروعي يحاول الزميل علي الظفيري في مقالته الموسومة "ما بين الإمارات وقطر" في صحيفة العرب القطرية، أن يختزل ما يعتبره أمورا "ليست على خير ما يرام" بين الدولتين بأنه خلاف في وجهات النظر في النظرة إلى الإسلاميين (يقصد الأخوان بالطبع). يريد زميلنا السعودي الذي حط رحاله في قناة الجزيرة القطرية أن يصف هذا الخلاف بأنه واحد من الأزمات العابرة في العلاقات بين دولتين خليجيتين برهنت الأحداث التاريخية أنهما - وغيرهما من دول الخليج - قادرتان على تجاوزها ما أن تبرز أزمة أكبر أو أن يتدخل من يصلح ذات البين. هذا التبسيط المخل لا يتفق مع حقائق الأمور. الإمارات وقطر ليستا مشجعين يجلسان أمام فريقين في مباراة كرة قدم. موقف الإمارات ليس تشجيعا للفريق الأحمر العقلاني في مواجهة تشجيع قطر للفريق الأزرق الأخواني. كما أن فوز الفريق الأزرق الأخواني ليس قضاء وقدرا كما يحاول أن يعلمنا الظفيري مقدما. الأخونة مشروع سياسي طويل الأمد، عابر للمراحل والجغرافيا. والأخوان، بتنظيمهم العالمي، لا يخفون طموحهم في حكم العالم الإسلامي دولة بعد أخرى تحت راية المرشد. جوهر الفكر الأخواني مثلا يتناقض مع وجود قطر كدولة، دع عنك موقفهم من الإمارات. وهم إذا هادنوا قطر فذلك لأسباب مالية معروفة أساسها التقاء المصالح وليس تغيير طبيعة الفكر. وهم إذ حلوا تنظيمهم في قطر، باعتبارها "دولة المقر" للتنظيم، فأن هذا لا يعني استبدال مرجعية المرشد بمرجعية دار الحكم في الدوحة. اعتراضنا على الطبيعة التبسيطية لمقالة الظفيري ينبع من أن موقف الأخوان من الإمارات، لا يتحدد بموقف الإمارات منهم في مصر مثلا. فللأخوان مشروعهم الخاص بدولة الإمارات وهو مشروع يمتد إلى عشرات السنين حاولوا من خلاله، وعلى مراحل، الاستيلاء على الدولة الفتية. أول ما بدأوا كان بالتبشير ثم التمكين ثم التحايل مع الدولة التي انتبهت لمشروعهم ثم الكمون لحين بروز الفرصة، وصولا إلى حال اليوم وهو الخروج إلى العلن من خلال تنظيم متهم على رؤوس الأشهاد بالتخطيط للاستيلاء على السلطة. لم يشاهد الإماراتيون قناة الجزيرة ليراقبوا تغطيتها (لعل وصف المنحازة متواضع هنا) لما حدث في مصر أو تونس، وعليه قرروا أن يتصدوا للإخوان. الأخوان هم من أتى إلى الإمارات في تحد لكل معطيات السيادة والقيم الأخلاقية لكي يسعوا إلى الاستحواذ على مقدرات البلد. وإذ أرى أن للأخوان مشروعهم العالمي، لكن أي محلل سياسي مبتدئ لا يلبث إلى الخروج بقناعة أن دول الخليج هي درة التاج على رأس خليفة الأخوان. المشروع الأخواني في مصر أو تونس أو غزة مشروع مترنح فاشل كما نرى الآن. ولا بد لكي ينجح من أن يكون قادرا على توفير التمويل. الخليج هو المال للأخوان. فأمامهم تجربة "الشقيق" الإيراني الذي واصل الحكم بأموال النفط وليس بعبقرية الإسلام السياسي الشيعي. والخليج قضية مختلفة الأولويات بالنسبة للأخوان. فإن كانوا قد أجلوا المواجهة مع السعودية خوفا من خسارة تحالفهم مع السلفيين، أو أنهم تجنبوا المواجهة في البحرين لأسباب أزمتها الداخلية والأصابع الإيرانية فيها أو عمان لأسباب مذهبية واقتصادية، فأنهم يعلمون أن فرصتهم تكمن في الدول الثلاث الأخرى: الإمارات والكويت وقطر. قطر في جعبتهم، على الأقل ماليا. وتبقى الإمارات والكويت. والتصعيد الأخواني مع هاتين الدولتين لا يمكن إلا أن يفسر بهذه الطريقة. ثروتا الإمارات والكويت الكبيرتان هما المحرك الأساسي لإثارة الفتنة، وليس موقف هاتين الدولتين مما يجري في شوارع القاهرة. الإمارات لا تعمل على أساس المراهنات كما يعتقد الظفيري عندما يصف موقف البلدين بالمراهنة على الأخوان أو أضدادهم. مصير تونس ومصر وغزة وغيرها من دول العبث الأخواني، ليس طاولة قمار، ولا فرجة من على شاشة قناة الجزيرة. حمد المزروعي كاتب من الإمارات