من عجائب الصدف أن ثلاثة من عمالقة التاريخ ولدوا في سنة واحدة وهي عام 1889م.. أولهم كان «عباس محمود العقاد» الذي نشأ عصاميا ً ولم يرتاد جامعة قط حيث تمكن من صنع مجده الأدبي بنفسه لدرجة أن أساتذة الجامعات كانوا يزورونه في منزله لحضورمنتدى الأربعاء ليجلسوا بين يديه طلاباً.. وثانيهم «طه حسين» هذا العملاق الذي عاش كفيفاً كان يرى بنور بصيرته من العلم ما لا نراه نحن المبصرين.. وثالثهم السفاح النازي المعروف «هتلر» حيث أنه بالرغم من أفعاله الشيطانية المرعبة كاد أن يحكم العالم ولكن الثلوج التي داهمت جنوده في سيبريا أوجدت لنا خلاصاً من جنازير دباباته المعلمة بصليبه المعقوق.. لا شك أن عام 1889م شهد ميلاد الكثيرين من البشر ولكنهم ذهبوا دون أن يخلفوا من بعدهم تاريخا يذكر.. هكذا عاشوا عمالقة ثم ارتحلوا وهم عمالقة أيضاً. * قال الفنان الراحل «عبدالعزيز محمد داؤود» أنه كان يخشى كثيراً أن تكون صلعته الملساء سبباً في نفور العذارى عن حضور حفلاته الماسية المترعة بالغناء.. وقال أنه فكر مرةً أن يضع على صلعته باروكة كحال بعض الفنانين في ذلك الوقت.. إلا أنه تردد في ذلك وخشي أن يضعه ذلك الموقف في موقف ابن آوى وهو يغني للعصافير.. لم ترق له الفكرة فوضعها جانباً وقال أنه أحيا مرةً حفلاً ضخماً على إحدى المسارح وكان يومها يضع العمامة على رأسه.. فأخذ المستمعون يطلبون منه أن يعمل على خلع العمامة لأن رؤية صلعته وهو يغني تزيده جمالاً.. منذ تلك الليلة تمنى الفنان الذي عرف بالنكتة الحلوة والعبارة الساخرة أن لا تغادره صلعته الملساء بل تمنى أن تظل معه إلى الأبد. * قال شاعر البطانة المعروف «ود الفراش» «في جناك ليك حبيب».. جميع الآباء يتفقون مع «ود الفراش» على هذه المقولة.. ولكنهم يتعاملون معها بطريقة الضمير المستتر تقديره حتى لا يؤدي ذلك إلى نوع من التفضيل المباشر بين الأبناء.. فيجد الأب نفسه مضطراً على كتمان مشاعره تجاه من يحب خوفاً عليه من أن يحدث له مثل الذي حدث لنبي الله يوسف عليه السلام من إخوته.. وقد تلاحظ دائماً أن إبنك المقرب إليك هو أكثر الأبناء بكاءً على غيابك حين تغيب وأكثرهم فرحاً بعودتك حين تعود.. أما إذا شعر أنك تشكو من مرض ما فإن ليله يلاقي نهاره وهو يحوم من حولك إلى أن تشفأ.. أذكر أن غرة عيني رقد مريضاً على سرير المستشفى فتمنيت من أعماق أعماقي أن أكون أنا المريض في مكانه وأن يكون هو الزائر جاء للإطمئنان على صحتي. عسل شرقي جداً: * حرام تقضي العمر عطشان وعينك للبحر مليان حليلك لما كنت زمان بترسم للفرح ألوان بقيت بحار قديم تايه كلامك كلو كنا وكان الأشواق ملت دربك يا عطشان والبحر جمبك رذاذ الموج يرش قربك تشرب منو ما قادر تبرد آهة في قلبك فنون