شهد سوق العقار السعودي في السنوات الأخيرة تضخما في أسعار الأراضي، سواء داخل المدن أو على أطرافها غير المخدومة. وبلغت نسبة ارتفاع أسعار الأراضي في الست سنوات الأخيرة ما يقارب 300%. وأرجع عقاريون واقتصاديون أسباب تضخم الأسعار إلى شح مصطنع في الأراضي واحتكارها، وإلى مضاربات تستغل تحركات الأسعار، بالإضافة إلى ازدواجية الصكوك، وتعدد الملكيات للأراضي السكنية بشكل خاص. انعدام منافذ السيولة كما يرى الاقتصاديون أن عدم وجود منافذ للسيولة النقدية القوية عزز من ازدياد ارتفاع السوق العقارية. ويجد أصحاب رؤوس الأموال العقار قناة آمنة خاصة أن النظام في السعودية لا يفرض زكاة أو ضرائب على الأراضي. ومن ذلك يشاع في ثقافة المستثمرين الصغار والكبار قولهم "الأرض لا تأكل ولا تشرب"، ويقصدون بذلك أن من يستثمر ماله في الأرض فلن تكلفه غير رأس المال، ومع مرور الأيام ترتفع قيمتها من دون أي خسائر. وبينما ترتفع أسعار الأراضي المخدومة داخل المدن وتكون لها أسبابها المنطقية، يعتبر ارتفاع أسعار الأراضي غير المخدومة خارج المدن غير مبرر. في هذا الإطار يرى الخبير العقاري محمد العمران أن أسعار الأراضي التي توجد في أطراف المدن أسعار ليست حقيقية، وإنما نتيجة مضاربات أدت إلى تضخمها. وتابع بقوله إن دخول بعض القرى في النطاق العمراني للمدن والتي يشملها الصندوق العقاري رفع من أسعار الأراضي في أطراف المدن. وأضاف للجزيرة نت أن هناك أراضي زراعية تباع على شكل قطع سكنية واستراحات بعضها بصكوك وأخرى من دونها، ومساحات شاسعة من الأراضي تحمل صكوكا مزدوجة. ثقافة الاستثمار والاحتكار ولا يخفى أن القنوات الاستثمارية بالسعودية متركزة في سوق العقار والأسهم في ظل غياب ثقافة الاستثمار الأخرى، وهي ما يراها الكاتب الاقتصادي محمد العنقري سببا في المضاربات. ويقول للجزيرة نت إن المضاربين دائما يبحثون عن الربح الرأسمالي السريع بغض النظر عن عدالة قيمة ما يتاجرون به. وبينما يرى الكاتب الاقتصادي عصام الزامل أن المضاربات تساهم في زيادة أسعار الأراضي بأطراف المدن، يؤكد أن الارتفاعات الكبيرة في السنوات الأخيرة ناتجة عن الشح المصطنع في الأراضي وسببها احتكار كبار التجار. ويضيف أن المضاربة تكون دائما مصاحبة لأي ارتفاعات كبيرة لاستغلال تحركات الأسعار. وبما أن الأراضي داخل المدن أسعارها مرتفعة ومحتكرة، يقول الزامل إن الأراضي خارج المدن تتبعها. وبحسب الزامل فإن الست السنوات الأخيرة شهدت ارتفاع أسعار الأراضي في المملكة بزيادة قدرها 300%. وبدوره يقول العنقري إن تأخر صدور أنظمة التمويل لسنوات عدة والبيروقراطية في منح رخص التطوير للأراضي أخّر تطوير القطاع وتنظيمه. ويرى الاقتصاديون أنه ما دام سعر النفط مرتفعا والأراضي محتكرة فسيبقى سعرها مرتفعا. ولعمل معادلة في سوق العقار تؤدي إلى عودة الأسعار إلى وضعها الطبيعي لا بد من وجود أنظمة تفرض رسوما على الأراضي وتنظم تملكها وتوفر للمواطنين أراضي من خلال الأمانات ووزارة الإسكان والجهات ذات العلاقة. وقد يؤثر ارتفاع أسعار الأراضي سلبا على قطاع الإسكان سواء للسكن أو للاستثمار، ويحد من توسعه حيث يرى العنقري أنه يرفع تكلفة الإنشاء أكثر ويضعف معه الجاذبية الاستثمارية. ووفقا لما نشرته الصحيفة الاقتصادية الشهر الماضي فإن حجم الاستثمارات العقارية في المملكة هو تريليوني ريال. وتقدر الأوساط العقارية حاجة المملكة من الوحدات السكنية بنحو 4.5 ملايين وحدة بحلول عام 2020، وحجم التمويل الإسكاني بحوالي 117 مليار ريال سنوياً لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للاستثمار لمواجهة النمو السكاني. المصدر : الجزيرة