تتسبب الأوضاع والصراعات الداخلية، التي يمر بها السودان في مشاكل مؤلمة للاقتصاد والمجتمع السوداني. فالسودان رغم أنه غني بالموارد الطبيعية الواعدة، يعتبر من أكثر دول العالم النامي فقراً. ويقابل ذلك، وفي مفارقة عجيبة لا يكاد العقل يدركها أن الأسعار، بما في ذلك السلع الغذائية تقارب أسعارها السائدة في أكثر مدن العالم غلاءً، بما في ذلك مدن دول، كالإمارات واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. ونتيجة لذلك، فإن المرء يحتار في فهم كيفية قدرة المواطن السوداني البسيط على تصريف أمور حياته اليومية في بيئة اقتصادية واجتماعية كالتي يعيشها. ويعاني السودان حالياً نقصاً حاداً في العملات الأجنبية اللازمة للاستيراد، وفي مارس 2013، وصل سعر صرف الدولار الأميركي إلى ذروته مقابل الجنيه السوداني. إن السودان ممنوع من الحصول على القروض من صندوق النقد الدولي ومعزول من قبل المجتمع الدولي، وتعاني قياداته ملاحقات محكمة الجنايات الدولية، ويتهم بممارسات مخالفة لحقوق الإنسان وباستصدار فتاوى دينية ضد معارضي النظام، وبالتحالف مع دول تقف مواقف معادية من المجتمع الدولي كإيران، وهي أمور تعزز من المقاطعة الاقتصادية التي يفرضها المجتمع الدولي ضده. ونتيجة لذلك، فإن حجم وقيمة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الإمارات والسودان تراجع كثيراً في الآونة الأخيرة، رغم استمرار التجار السودانيين على المستوى الفردي في استيراد الكثير من مستلزماتهم من أسواق الإمارات. إن اهتمام الإمارات بشؤون السودان يهدف إلى تحقيق المصالح الوطنية بين الطرفين ضمن الأطر، والأهداف التي يرسمها المجتمع الدولي لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع السودان الشقيق الذي يهم الإمارات وأهلها كثيراً أن تراه... وقد عاد إلى طبيعته الأولى. لذلك فالملاحظ أن الإمارات تنأى بنفسها عن التدخل في شؤون السودان الداخلية، لكن يبقى أنه نتيجة للظروف التي تمر بها المنطقة منذ يناير 2011 وأثرت بشدة على الأهمية الجيوبوليتيكية لها، فإن سياسات الإمارات تجاه السودان تأثرت أيضاً نتيجة لوجود اعتبارات سياسية وأمنية واقتصادية ترى الإمارات بأن على السودان أن يأخذها في الاعتبار قبل أن يتوقع من الإمارات المضي قدماً في استثماراتها ومشاريعها وخططها التنموية لديه. وعلى الصعيد السوداني الداخلي، تعتقد الإمارات بأن توسعة مشاريعها الاستثمارية تتطلب قيام السودان بمبادرات جوهرية، تتمثل في محاربة الفساد، والدعوة للشفافية والنزاهة وطريقة وضع وتطبيق القوانين التي تخدم المستثمر وفعاليتها، ووضع ضمانات الاستثمار، والسياسات الاقتصادية الميسرة، وتسهيل التحويلات المالية إلى الخارج، والحد من الضرائب والرسوم غير المبررة، وتطوير البنى التحتية، والحد من الروتين والإجراءات الإدارية المرتبطة بالفساد، وفتح الأنظمة البنكية والتسويقية، والتأمين على المشاريع، لكي تتواكب مع ما هو موجود على النطاق العالمي بعيداً عن التعقيدات السودانية، والتشتت بين ما هو قومي ووطني وولائي، وغير ذلك من مسميات وإجراءات منفرة لتدفق الاستثمارات من الخارج، سواء من الإمارات، أو غيرها من دول العالم. الاتحاد