تونس - دخلت المواجهات بين قوات الامن التونسية ومجموعات جهادية مسلحة متحصنة في جبال الشعانبي من محافظة القصرين (وسط غرب) قرب الحدود مع الجزائر، مرحلة جديدة بعدما استعملت هذه المجموعات ولأول مرة الغاما مضادة للأفراد لمنع تقدم قوات الامن. والاثنين أصيب ثلاثة من عناصر الامن احدهم بترت ساقه والاخر فقد عينيه في انفجار لغمين زرعهما مسلحون في جبل الشعانبي. وفي اليوم التالي أصيب ستة آخرون في انفجار لغم ثالث حسب ما اعلنت وزارة الداخلية. وأكد خبراء عسكريون ان هذه أول مرة يتم فيها استهداف قوات الامن بألغام مضادة للافراد في تونس. وأشار عنصر الامن بسام الحاج يحيى الذي بترت ساقه، في تصريح صحافي ادلى به الخميس لاذاعة موزاييك إف إم إلى أن المسلحين منظمون ومدربون جيدا ولهم في جبل الشعانبي "ما يشبه القرية الصغيرة (..) ومخابئ وأماكن يتدربون فيها، ومعدات". وبهذا التصريح، لم يعد بإمكان قيادات حركة النهضة التماس الأعذار لميولات الجماعات الدينية السلفية الإرهابية ونشاطاتها التي أثارت الفزع في البلاد منذ مدة بينما استمر الحزب الاسلامي الحاكم في تبرير انفلاتهم واعتداءاتهم المتكررة على التونسيين والامتناع عن مواجهتم. والثلاثاء عثرت اجهزة الامن في مكان انفجار اللغم الارضي الثالث على "متفجرات وألغام وقنابل يدوية وخرائط ووثائق فيها بيانات حول كيفية صنع الالغام الارضية وهواتف خلوية فيها ارقام هواتف من خارج تونس" حسب ما ابلغ مصدر امني بالقصرين. وحذر بسام الحاج يحيي من ان المسلحين المتحصنين في جبال القصرين "لديهم ايديولوجيا خطيرة وسيضرون تونس" لافتا الى ان "كثيرا من المواطنين يميلون إليهم ويساعدونهم". وخوفا من اصابة مزيد من الامنيين خلال عمليات التمشيط وتعقب المسلحين، شرعت وحدات خاصة من الجيش التونسي الثلاثاء في قصف مناطق بجبل الشعانبي بالقذائف والذخيرة الحية لتفجير الالغام الارضية المزروعة فيها. وقال العميد مختار بن نصر المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية في تصريح لوكالة الانباء الرسمية ان "هذا النوع من العمليات العسكرية التي تتم في مناطق جبلية يتطلب فترة زمنية طويلة بحكم التضاريس الوعرة (بهذه المناطق) الممتدة على مساحة 100 كيلومتر مربع والتي تغطي منها الغابات حوالي 70 كيلومترا مربعا". ولم تتعود أجهزة الامن في تونس على مواجهة "العصابات المسلحة" مثلما اكد أمنيون. وقال سامي قناوي عضو نقابة الحرس الوطني التونسي "يجب تكوين العدد الكافي من القوات المختصة في التعامل مع الارهابيين في جميع الاوضاع سواء داخل المدن أو الجبال" مثل الشعانبي، اعلى جبل في تونس. ولفت الى انه "لا يمكن الزج بعناصر امن عاديين في مواجهة مع ارهابيين مدربين جيدا" داعيا الى التعامل مع هؤلاء "كإرهابيين وليس كمفتش عنهم عاديين". واشتكى عناصر امن من عدم توفير المعدات اللازمة لحمايتهم خلال عملهم في اماكن خطرة، مثل كاشفات الالغام التي لا تتوفر إلا عند الجيش، والمروحيات لنقل الجرحى سريعا الى المستشفيات. وأقر رئيس الحكومة علي العريض القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة الخميس بوجود نقص في بعض التجهيزات لكنه وعد بتدارك الامر. وفي العاشر من كانون الاول/ديسمبر 2012 قتلت المجموعة الجهادية المسلحة عنصرا بجهاز الحرس الوطني في قرية درناية بمعتمدية فريانة الجبلية من ولاية القصرين. وانتقلت المجموعة اثر ذلك لتتحصن في جبل الشعانبي حسب ما اعلنت السلطات. وفي 21 كانون الاول/ديسمبر 2012 اعلن علي العريض عندما كان وزير داخلية حينها ان المجموعة التي اطلقت على نفسها اسم "كتيبة عقبة بن نافع" تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وانها سعت الى اقامة "معسكر" في جبال القصرين القريبة من الحدود الجزائرية. وقال العريض ان اغلب عناصر المجموعة من ولاية القصرين وانه "يشرف على تدريبهم ثلاثة جزائريين لهم علاقة مع امير القاعدة في المغرب الاسلامي عبد المصعب عبد الودود". واضاف ان المجموعة سعت الى تكوين تنظيم في تونس تابع للقاعدة "الغاية منه القيام بأعمال تخريبية (في تونس) تحت عنوان الجهاد او احياء الجهاد وفرض الشريعة الاسلامية (..) واستقطاب عناصر شبابية متبنية للفكر (الديني) المتشدد لتدريبها عقائديا وعسكريا (..) وارسالها للتدرب في معسكرات تابعة للقاعدة في ليبيا والجزائر". وتابع ان الامن التونسي اعتقل في القصرين ثمانية اشخاص كانوا يزودون المجموعة "بالتموين وعناصر الاتصال وما شابه ذلك". وذكر بان من بين المعتقلين من شارك في مواجهات جرت نهاية 2006 وبداية 2007 بمدينة سليمان من ولاية نابل (شمال شرق) بين قوات الأمن ومجموعة سلفية جهادية أطلقت على نفسها اسم "مجموعة أسد بن الفرات" وأسفرت عن مقتل ضابط بالجيش التونسي وشرطيين اثنين و12 سلفيا.