اليوم وكالعادة يهيمن على ساحة كرة القدم الأكثر شعبية في السودان بل في العالم طوال السنوات الماضية التي شارفت الخمسين عاماً منذ حقق السودان كأس الأمم الأفريقية للمرة الوحيدة في مسيرته ومنذ نشأته وهو من أول أربعة دول أسست الكرة الأفريقية يهيمن على ساحتها الصراع المحموم -حول الشخصيات التي تقود الاتحاد بينما الحقيقة التي لا ينكرها إلا جاهل أو مكابر تقول أن السودان لا يفتقد الكوادر المؤهلة والمتجردة لتحقق له ذلك، ولكن تبقى الحقيقة الأكبر أن أياً من هذه الكفاءات لو قدر له أن يتولى هذا الأمر- وكلكم تعلمون أن هذا مستحيل لأسباب لا تجهلونها- إلا أنهم رغم ذلك لن يحققوا للسودان ما يتطلع إليه رغم كفاءتهم وتجردهم وذلك لسبب بسيط لا ينكره إلا مكابر أو جاهل أو صاحب مصالح وذلك لأن النظام والهيكل الذي يحكم الكرة السودانية خاصة والرياضة عامة والذي تمثل الاتحادات المحلية السلطة الحاكمة فيه رغم انعدام أي صلة لها بالمنظومة الدولية والذي تسأل عنه الحكومة وتتحمل مسؤوليته فإنه غير مؤهل لتحقيق هذا الحلم، بل سيبقى نفسه العلة التي تضاعف من سوءاته أكثر من عام لعام وهذا ما ظل يشهده اتحاد الكرة حتى اليوم وسيظل يشهد ما هو أسوأ منه طالما بقي هذا الهيكل العشوائي الذي وصمه رحمة الله عليه أبوالعائلة بأنه ليس إلا (حشائش بروس) ومع ذلك ظل يحكم الكرة السودانية حتى اليوم رغم المتغيرات التي شهدها العالم ثم كانت الطامة الثانية الكبرى أن العلة لم تعد قاصرة في الهيكل الرياضي الذي تتحمل مسؤوليته الحكومة وإنما أصبحت الرياضة الأهلية نفسها شريك في الدمار الذي تعانيه الكرة السودانية لفشلها في أن تواكب الكرة قارياً وعالمياً والتي فشلت في أن تحقق طفرة نوعية قوامها النظام الاحترافي الذي تشكل الأندية الاحترافية قاعدته الرئيسية بل والوحيدة حسب متغيرات النظام الكروي الدولي والذي أحدث ثورة شاملة في إدارة الاتحادات نفسها وإدارة الأندية ومقوماتها الفنية والمالية كأهم مقومات الانتماء للمنظومة الدولية فإن الاتحاد السوداني بتكوينه العشوائي منذ ما يزيد عن القرن وأنديته بواقعها الحالي فإنه غير مؤهل لمواكبة النظام الاحترافي الذي تقوم عليه العلاقات والانتنماءات الخارجية كما أنه مخالف للدستور يؤكد هذا ويضاعف من مخاطره أن الاتحاد السوداني منذ قيادة البروف شداد نفسه للاتحاد وبسبب تواطؤ بلاتر الذي دمر الفيفا لفساده معه فلقد ظلت الأندية السودانية بواقعها الذي يفتقد أي تأهيل للأندية الاحترافية كحالة استثنائية مجاملة من بلاتر للسودان ليبقى من الدول القليلة التي بقيت على وجودها في المنظومة الدولية رغم عدم أهليتها لذلك لعدم مواكبة تطور الأندية الاحترافية وإن كان الحال قد تغير اليوم بعد أن أطيح ببلاتر وفرقته الفاسدة في الفيفا لسلة المهملات والقضاء ليصبح السودان اليوم في مواجهة فيفا جديدة لا أظنها ستسكت على ما ظل ينعم به السودان من استثناء لا مبرر له غير مصالح قادة الاتحاد السوداني الموالي لبلاتر حتى يبقى على رأس إدارة النشاط وما يترتب عليه من تسويق الرعاية والإعلان وغيرها من المكاسب المادية والتي كانت ستؤول لرابطة الأندية الاحترافية ليصبح السؤال اليوم: كيف سيكون موقف السودان اليوم تحت ظل الاتحاد الجديد، وهل يملك الهروب من الالتزام بلائحة الأندية المحترفة وماذا سيفعل السودان في مواجهة الفيفا الجديدة التي يتوقع أن تضع حداً لتواطؤ الفيفا مع قادة الاتحاد حرصاً على مصالحهم مما أعجز السودان أن تكون له أندية احترافية مؤهلة لعضوية الفيفا تحت واقعها الجديد بعد زوال بلاتر وفساده وما سببه من ضرر للسودان الذي يفتقد الأهلية لأن تكون له أندية مستوفية الشروط الاحترافية حتى يبقى في المنظومة الدولية. خلاصة ما أرمي إليه أن السودان اليوم بل واللحظة مطالب بأن تصحح الدولة من هيكلها الرياضي ليواكب متطلبات العصر بل وليواكب الدستور الذي شاء قدره أن يواكب متتطلبات الفيفا فيأتي تكوين جمعية الاتحاد العام من الأندية الاحترافية وليس الاتحادات المحلية ثم ثانياً والأصعب أن يعمل الاتحاد من اليوم وليس الغد ليكون للسودان أندية احترافية مستوفية للشروط لتؤسس شكل الاتحاد العام الجديد حتى لو كانت هذه الأندية من خارج المنظومة الرياضية الحالية لو فشلت في التحول لأندية احترافية بشروطها الصعبة وأن توفر العدد المطلوب من الأندية الاحترافية فيفتح الباب للمؤسسات التجارية القادرة على تأسيس أندية احترافية مستوفية للشروط. ترى ماذا نتوقع للسودان في الفترة القادمة بعد أن تحررت الفيفا من تلاعب بلاتر الذي ظل يوفر الحصانة لقادة الاتحاد السوداني الذين ظلوا يتهربون من تطبيق لائحة الاحتراف لأنها تعني مصادرة سلطتهم ومصالحهم (والله يستر من الجاي على السودان).