كرة القدم لا تعرف مباراة تحظى بالاهتمام الذي تحظى به لقاءات القمة السودانية اهتمام يخرج بها عن كل المثل والقيم الرياضية حيث انها مباراة لايقبل اي من طرفيها ان يخرج مهزوما وان حدثت الهزيمة لاي منهما لا احد يملك ان يتكهن بما تنتهي اليه الهزيمة من انفلات وفوضى ربما تصل حد الكارثة . مباراة عادية لا تعني اكثر من نقاط يحققها الطرف الفائز في مسيرة دوري من اربعة عشر فريقا وكم من مرة حقق احد طرفيها النقاط الست او اربع نقاط مقابل نقطة ومع ذلك لم يكن هو الفائز بالدوري . ولكن وبسبب الهوس الجماهيري الذي اتخذ منه الاعلام الرياضي فرصة للترويج للصحف وللبرامج الاذاعية والتلفزيونية فان لقاءات القمة اخذت منحى لا يمت لقيم التنافس الرياضي بصلة حيث اصبحت حربا لا تمانع في تسخير كل الوسائل غير المشروعة وكأن هذا اللقاء هو اخر المطاف مع ان لقاءات هذه القمة عرفتها الكرة السودانية منذ العشرينات وستظل كرة القدم تعرفها ما بقي السودان واتحاد الكرة وطوال هذه المسيرة لم يكن الفائز او المهزوم فيها طرفا واحدا وهذا ما يجب ان يسود مفاهيم الكرة لولا ان السنوات الاخيرة شهدت هذا الانحراف الاخلاقي بعد ان تدخلت عوامل كثيرة انحرفت بمسار القمة. فالهلال والمريخ كقمة سودانية لا يختلفان عن اي قمة في كل دول العالم بل والعالم العربي والافريقي ومع هذا فان لقاءات القمة في هذه الدول لا تشهد هذا الانفلات على كل المستويات كما نشهده في السودان . فلقاءات الاهلي والزمالك في مصر والتي تفوق جماهيريتها عشرات الاضعاف لجماهير القمة السودانية وهكذا لقاءات القمة السعودية في كل من الرياضوجدة بين الهلال والنصر في الرياض والاتحاد والاهلي في جدة فانها لا تشهد ما نشهده في السودان بل فان الاهتمام بلقاءات القمة لا تلمس له اهتماما الا قبل اربع وعشرين ساعة من انطلاقة صافرة الحكم لا تحظى المباراة باي اهتمام لاكثر من يومين بعد اللقاء ليطوي الملف . اربعة عشرة سنة قضيتها خارج السودان بين القاهرة و الرياض لم اشهد مثل هذا الاهتمام الذي يوليه الاعلام للقاءات القمة قبل شهر ويتواصل الاهتمام لشهر بعد المباراة وربما اكثر وكل هذا يصب في نهاية الامر في اثارة الفتنة في مباراة يجب الا نخرج بها عن الحجم العادي ولكن اعلامنا في السودان يجعل منها قضية الموسم ومعركة حربية حتى يحين اللقاء التالي . فالصحف تفيض بالتصريحات المثيرة للفتنة والتي تؤلب الجماهير مسبقا لعدم تقبل الهزيمة لتصبح الثورات عقب كل مباراة لا مفر منها للمهزوم سواء ان تفجرت ضد الحكام وان خرج هؤلاء براءة فالويل لاداريي الفريق المهزوم اما اللاعبين الويل لهم من الجماهير ليخرجوا تحت حراسة الاجهزة الامنية هذا اذا لم يحدث تلف للاستاد كما حدث في بعض الحالات. والمصيبة تعدد التصريحات التي تصدر من اداريين ومدربين ليس بينهم من يحث الجماهير للتعامل مع المباراة بصورة عادية تقبل الهزيمة بل بينهم من يعلن الفوز مسبقا كأنها ليست مباراة في كرة القدم مفتوحة لكل النتائج حسب ظروف الملعب لقد توقفت امام تصريحات لمسئولين بينهم مدربين واداريين على مستويات عليا بينهم من يحمل اللاعبين مسئولية الفوز كان الهزيمة ليست واردة ويالها من مفارقة مدربون مسئولون عن المباراة يطلقون تصريحات مثيرة للفتنة بينهم من يعلن بانه يطالب اللاعبين بالفوز كما حدث من مدرب المريخ بل يطالب لاعب بعينه ان يحقق الفوز فهل هذا حديث مسئول وهل هناك مباراة يدخلها فريقه وهو غير راغب في الفوز اما مدرب الهلال فلقد نسب له تصريح يقول انه لاخوف على الهلال من المريخ فاي منطق هذا والمريخ ند له نفس الفرصة وهناك من صرح بان الهلال استعد للمريخ بالسلاح ولا ادري عن اي سلاح يتحدث . وكم هو غريب ان يصرح مدرب الهلال البديل للنابي والذي رفع يده عن المباراة لانه لم يقف على فريقه وخصومه بعد وهو قادم من خارج الشبكة ومع هذا يعلن انه التقى باللاعبين وملكهم في ربع ساعة وصفة الفوز وهو لايعرف قدرات اللاعبين الذين يحثهم كما لا يعرف شيئا عن خصمهم . اما كتاب الاعمدة من الازرق والاحمر فانه يروجون للمباراة حربا مدمرة يتهددون منافسهم بالرجم كانها ليست مباراة عادية في كرة القدم. لا اقول غير الله يستر من هذه الفتن التي يروج لها الاداريون والمدربون ويلعب الاعلام الدور الرئيسي فيها . وصدقوني لو كنت المسئول لقررت حسم لقاءات القمة بالقرعة من الاستاد على الهواء مباشرة وعبر التلفاز وان كنت لا اضمن سلامة من تهزمه القرعة من ثورة الغضب لانه لابد ان تكون هناك فوضى متى اعلن ان هناك مهزوماً ولايبقى اذن من مخرج الا التعادل لتخرج كل الاطراف امنة فلماذا لا يعدل الاتحاد القواعد العامة وينص على التعادل في نتيجة اي لقاء للقمة. ياجماع يلا بلا قمة بلا لمة..