* لا يقولن لكم أحدٌ إنكم لم تنتصروا. * ولا يدعينَّ أحدهم أن نصركم أتى ناقصاً أو مشوَّهاً يا شباب الثورة. * أنتم أنجزتم ما أعجز السابقين، وأدهش المُجايلين، وأنار دروب اللاحقين، لأنكم وضعتم نقطةً دونتموها بمداد الدم في خاتمة آخر سطرٍ لكتاب الإنقاذ، التي استعصت حصونها على جحافل الجيش الشعبي، وحركات دارفور، وقوات التحالف الوطني، وكل أحزاب المعارضة على مدى ثلاثين عاماً. * لا يزعمنَّ مكابر أنكم أخفقتم، ولا تسمحوا لأحدٍ بأن يقارن ثمار ثورتكم الظافرة بما حصدته رفيقتها الجزائرية، التي انحصر سقف مطالبها في منع الرئيس بوتفليقة من الترشح. * أنتم تخطيتم ذلك السقف في شهركم الأول، ثم زدتم عليه إسقاط ثلاث حكومات اتحادية، وإطاحة ثلاثة رؤساء للوزراء، وثماني عشرة حكومةً ولائية، وأقلتم 36 والياً، ومئات الوزراء الولائيين والمعتمدين، كما تسببتم في حل مجلس الولايات، والمجلس الوطني الذي يضم أكثر من خمسمائة نائب، وأوديتم بحياة ثمانية عشر مجلساً تشريعياً ولائياً، وختمتم نضالكم النبيل بخلع رأس النظام نفسه، وخلعتم قبله حزباً ركيناً تربع على كل مفاصل السلطة ثلاثة عقود طوال، ودمرتم أسطورة التمكين، وأجبرتم نائب البشير على أن يقول فيه وفِي فترة حكمه ما لم يقله مالك في الخمر. * فعلتم ذلك كله في أقل من مائة يوم، فهل من مبخِّس يستطيع أن يجهل فعلكم، ويزدري إنجازكم، ويتجاهل نضالكم وصبركم وجرأتكم وشجاعةً مهرتها الدماء، وحرسها الشهداء في عليين؟ * أنتم حررتم آلاف المعتقلين السياسيين من سجون الإنقاذ دفعةً واحدةً، وفِي لحظةٍ واحدة، بإنجازٍ خالد سيبقى محفوظاً للتاريخ، لأنكم فعلتم به ما أعجز الأممالمتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، وأمريكا وكل المنظمات الحقوقية في العالم أجمع. * أنتم، وبفضل ثورتكم المجيدة أوقفتم مهازل محاكم الطوارئ، وأعفيتم عشرات الآلاف من رفاقكم من التعرض للسجن والجلد والغرامة والمهانة، وأنقذتم، بفضل جسارتكم، أمثالهم من خطر القتل والإعاقة، وأوقفتم التعدي على حرمات البيوت ومنعتم ضرب الحرائر في الشوارع والمحاكم، وأعدتم قبل ذلك الاعتبار لشهداء الثورة، الذين بذلوا دماءهم رخيصةً في حضرة الوطن الجميل. * أنتم وضعتم وطنكم في واجهة الدول، وأجبرتم كل فضائيات العالم ووكالات أنبائه ومنصات تواصله الاجتماعي على أن تُزيِّن باسم السودان مقدمة نشرات أخبارها، وأن تضعه فِي أعلى (ترنداتها)، فأصبحت قصة ثورتكم المجيدة الأولى في كل التغطيات الخبرية، بكل لغات الدنيا. * أنتم فرضتم كلمتكم على العالم أجمع، وأكدتم لكل شعوب العالم أن شعبكم لا يزال رائداً، وأن العبقرية التي دفعته لتفجير أعظم ثورتين في تاريخ البشرية ما زالت باقيةً تتفجر عطاءً وفداءً وفخراً للوطن. * تعداد إنجازاتكم يصُعب، إن لم يقرع أبواب المستحيل، يا من كان من يفوقونكم عمراً يطلقون عليكم لقب (جيل السيستم)، استخفافاً بكم، وتجاهلاً لقدراتكم، وازدراءً لإمكاناتكم ومناهج تفكيركم. * يكفيكم فخراً أنكم جعلتموهم يفغرون أفواه الدهشة تعجباً من جرأتكم وعزمكم وشجاعتكم وإقدامكم، يا من جدتم بالأرواح، وبذلتم الدماء رخيصةً في حياض الوطن الحبيب. * لم نشهد معركة كرري، لكن التاريخ سمح لنا بتمثُّل فصولها البهية الخالدة، كي نرى (فرساناً لنا) يواجهون الموت، ويتحدُّون (مدافع المكسيم) وزخات الرصاص ودانات الدوشكا بصدورهم العارية، غير هيابين، ويبذلون الروح رخيصةً لأجل وطنهم غير وجلين. * لا تسمحوا لكائنٍ من كان بأن يسخر من ما أنجزتم، أو يزدري ما صنعتم.. أنتم فوارس التغيير الميامين، أحفاد بعانخي وتهراقا ومهيرة ورابحة الكنانية وروعة الكنداكات، أنتم حريق المك في قلب الدخيل، أبناء ود حبوبة وصاحب المحمل (كاسي الكعبة) علي دينار، أنتم وود حبوبة وعلي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ سواء في عوالم النضال والذود عن حياض الوطن الحبيب. * ارفعوا رؤوسكم، وكفكفوا دموعكم، فأنتم مصدر الفخر كله.. (جيل العطاء المستجيش ضراوةً ومصادمة)، أبدعتم الدنيا الجديدة وفق ما تهوون، وتحملتم عبء تُبنى الحياة وتُبتكر. * جيلكم.. من غيره أعطى لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر؟ * من غيره ليُقرِر التاريخَ والقيّم الجديدة والسيَّر * من غيره لِصياغة الدُّنيا وترتيب الحياة القادمة، (جيلُ العطاءِ المُستجيشُ ضراوةً ومُصادمة المُستميتُ على المبادئ مؤمنا، المُشرئبُ إلى النُجومِ لينتقي صدرَ السماءِ لشعبِنا). * جيلكم (هَدَمَ المحالاة العتيقة وانتطى سيف الوثوقِ مُطاعِناً، ومشى لِباحاتِ الخُلودِ، عيونُهُ مفتوحَةٌ، وصُدوُرُهُ مكشوفَةٌ، بجراحِها مُتزينة).. مُتخيِّراً وعِر الدروبِ وسائراً فوقَ الرصاصِ مُنافِحاً، جيلُ العطاءِ لَكَ البُطولاتُ الكبيرَةُ والجِراحُ الصادِحة، ولَكَ الحُضورُ هنا بِقلبِ العصرِ فوقَ طُلُولِهِ المُتناوِحة، ولَكَ التَفَرُدُ فوق صهواتِ الخُيُولِ روامِحا).. أو كما قال الرائع محمد المك إبراهيم، بنبوءةٍ سبقت عصرها بخمسة عقود، حين ترنم لكم قبل مولدكم، وربما قبل مولد آبائكم وأمهاتكم. * أو كما تغنَّى لكم الحبيب عبد المنعم محمد أحمد حين قال: (ده جيل مختلِف.. عيال من دهب.. علي بالطلاق وبعيد الحلف.. ده جيل من محنَة ووداعة ولهب، كتير من شراسة.. كتير من وِلِف.. عناقيد غضب.. ده جيل لا بِخاف لا بِدور لا بِلفْ.. إذا قالوا كَب.. عيال دُخري حوبة وفتحنا البلف، ولاد ركبوا راسهم.. ده جيل فورتو ألف، ولاد السرور.. ده بِر مختلف، ألوف من عيال صبوا غيظاً شديد، فتحوا باب الجحيم. * حصل شفت موج يرغي من آدمين؟ * قريت عن هلمة هوايل الوعيد؟ * حصل شفت تسونامي من البشر؟ * حصل شفت يوم النشور يا وِليد؟ * حصل شفت ناس وقفتهم من أمس على فدْ كراع.. سووا صبر البعير.. لقمتهم من أمس شوية بتاع.. رضا وكل خير.. وصَّرة وشيهم تخم النفس.. وحين يحِر الضُراع.. خطاهم تخلي الهجير يستجير.. ده كُوع ما بيلين.. فكيف يتلحس؟ * بناتاً جباهن تكسف الشمس * بعيد عن حماهن تخُتْ ليك خط * سماحة وجوهن تشهِّي العِرس * خطاهن رسوخن يدُك الظلط * عفافن يخجِّل.. حديثهن همِس * وطيبة كلامهن تنسِّي الغلط.. فراقهن صعبياً.. يشق الرِمس * فهل ريدنا ليهن هبالة وعبط؟ * عليهن عزيمة تفِل الحديد.. بي عناد من حديد.. بنات أبّهاتن.. فكيف الهزيمة.. عليهن وداد التقول بُكرة عيد.. خدارهن تقيل التقول فوقو غيمة.. سخانة زفيرهن تذيب الجليد.. حصل يا صبي.. حصل شفتهن؟ * تعال القيادة.. تشوف العجب * تشوف الألوف نوافير غضب * الكتوف في الكتوف * سماحة وأدب * تشوف ما تشوف.. تشوف حُسن ظن.. تشوف الولاد في عيونهن حُتوف.. البدور يضفرهم يا غبي ويا نبي.. وبما إنو زولك بعيد عن نبي.. فيبقى وأكيد ده حد البلادة.. واكتر كتير من بليد أو غبي. * تعال القيادة.. تعال شوف جموعنا.. دميرة بنات.. حباب فزعتن.. حصل شفتهن.. وضربهن بالسياط.. تسُر ركزتن.. دخولن حراسة اللئام الكلاب وزغريتتن.. يشهَّن جبال كردفان الثبات.. وسيول من وِلاد، صُغار في العُمُر.. كُبار في الجِلاد.. قُساة في الأمُر.. خطوط الجبين تحكي قصة عِناد.. عيونهم تبِقْ.. بس مناقد جمُر.. أخوان مكارم.. بنونة وسعاد.. أحفاد بعانخي وسلالة نِمر.. خريف أمهاتن خصوبة الأمومة، حناناً يفيض.. تشيل ليلها سُقدة.. وتلاقيبو يومها، فهل نستعيض عن سماحة قدومها بواقع بغيض)؟. * ده جيل مختلف * لا يجب أن يُحبط، ولا أن يصيخ السمع لكائن من كان، يريد أن يُبخِّس فعله، أو يُهوِّن قدره، أو يضعضع ثباته. * يكفيكم فخراً أنكم رفعتم رؤوس آبائكم، وانتزعتم زغاريد أمهاتكم، واستوجبتم استحسان جدودكم، وشرفتم وطنكم. * يكفيكم شرفاً وجرأةً ومنعة أنكم رسمتم معالم التاريخ، وأعدتم رسم فواصل المستقبل، ورميتم عهد الظلم في مزبلة التاريخ، وفتحتم أبواب الأمل المغلقة لشعبكم وأمتكم.. * أفبعد هذا تحزنون؟