* لم يفاجئنا انقطاع الكابتن جمال أبو عنجة عن تدريبات فرقة المريخ بعد أن أدرك أنه مُقال لا محالة، وشرب من كأس العلقم نفسها التي سبقه إليه رفاقه الميامين من قدامى محاربي الأحمر. * لا اختلاف في النهج، ولا جديد في أسلوب إذلال الكرام الذين ارتدوا شعار القوة والفتوة ودفعوا ضريبة المريخ من رصيد دمائهم وعرقهم وشبابهم، فصنعوا له مجداً، وزينوه بالفخر، وفدوه بالبطولات الكبيرة، والألقاب الفخيمة. * ما حدث لكيغان لا يختلف عما حدث لإبراهومة وزيكو ومحمد موسى وعبد المجيد جعفر وحتى فيصل العجب، الذي تعرض لاستفزاز موجع من إداريٍ مبتدئ، نصب نفسه فرعوناً على النادي الكبير. * حدثني من أثق به أنهم عرضوا على فيصل مرتباً قيمته عشرون ألف جنيه شهرياً، تساوي أقل من مائتي دولار بسعر السوق الموازية هذه الأيام، نظير عمله مدرباً عاماً متفرغاً للمريخ، وعندما احتج عليها وأكد أنه كان ينال أكثر منها في أنديةٍ تقل قدراً ومقاماً وقدرات عن المريخ فتحوا له الباب وودعوه (من غير مطرود). * كذلك فعلوا بإبراهومة الوفي، لمجرد أنه دعم مطالب زملائه ومساعديه في الجهاز الفني، بعد أن عملوا قرابة أربعة أشهر بلا مخصصات، وما أن طالبوا بحقوقهم حتى طردوهم شر طردة مع مديرهم الفني الذي كان يدفع من جيبه، ويستخدم علاقاته الواسعة مع أقطاب النادي ومريديه لحل مشاكل الفريق، وتوفير المال لتدريباته ومعسكراته ورحلاته وتسجيلاته. * كان نصيبه جزاء سنمار، إذ طردوه شر طردة من دون أن يمنحوه حقوقه ومرتباته المتأخرة، بالنهج نفسه الذي أقصوا به الباشمهندس محمد موسى في بواكير عهدهم الجديد في إدارة النادي المنكوب. * بعدها دارت الدائرة على الليزر الخلوق عبد المجيد جعفر، ثم حل الدور على الكوبرا زيكو، الذي طُرد من منصبه بتهمة التعاون معنا في تقديم دعوى المريخ الاستئنافية لمحكمة التحكيم الرياضي الدولية في قضية مريخ الفاشر، دفعاً للظلم عن المريخ، وسعياً للحصول على لقب غالٍ وبطولةٍ مستحقة. * أقالوه مع أنه نفذ توجيهات الأستاذ محمد الشيخ مدني، رئيس النادي الذي ترأس لجنة إعداد الاستئناف بنفسه ومهره بتوقيعه. * أخيراً حل الدور على الفارس جمال أبو عنجة، الذي استكثروا عليه إخطاره باعتزامهم التعاقد مع مدرب أجنبي جديد، يأتي مصحوباً بمساعد أجنبي، مما يعني حتمية الاستغناء عن كيغان، بالنهج نفسه الذي اتبعوه مع إبراهومة وعبد المجيد ومحمد موسى. * كان بمقدورهم أن يمنحوه الاحترام الذي يستحقه، ويخطروه بقرارهم، ويشكروه على عمله المخلص في ظروفٍ قاسية، افتقد فيها كل مقومات النجاح، بعد أن استكثروا عليه منحه عربة خاصة، وفرضوا عليه الحضور إلى تدريبات المريخ ومبارياته بالمواصلات العامة. * قد نتفق أو نختلف على مدى أحقيته بشغل منصب المدير الفني للمريخ، لكننا لا ننكر أنه ابن وفِي من أبناء الكيان الأحمر، وأنه دفع ضريبة المريخ كاملةً غير منقوصة كلاعب، ولبى نداءه كمدرب في أحلك الظروف، وأنه يستحق الاحترام والتقدير والتحفيز لا الإهانة والتحقير. * لملم كيغان أطراف كرامته وذهب صامتاً محتسباً كعادته. * لم ينبس ببنت شفة كي يحتج بها على ما لقيه من تعامل لا يليق بتاريخه، ولا يشبه مجتمع المريخ المشهور بالوفاء لمن أجزلوا العطاء للزعيم. * من حقه علينا أن نقول له شكراً على عملك المخلص وجهدك المميز، وأن نلتمس له العذر إذا أخفق، لأن نجاحه في مهمته كان مستحيلاً بكل الحسابات المعلومة لكرة القدم. * عمل جيمي في أجواء خانقة، ونجزم أنه لم يتلق كامل مستحقاته وهو الذي أشرف على الفريق اضطراراُ بعد أن أقدم المجلس على طرد المدير الفني الجزائري آيت عبد الملك قبل أن يكمل شهره الأول. * اضطر جيمي إلى إعداد الفريق بلا معسكر، وأشرف على تدريباته المنقوصة من أفضل النجوم، بعد أن أفقدوه خدمات أخطر المهاجمين، واضطروه إلى ممارسة التوليف والتوظيف في مقدمة الفريق الهجومية، ووجد ضالته في المنقذ رمضان، في موسم العجب الاستثنائي. * حاشاه ما قصر. * اجتهد فأصاب وأخطأ، ونحفظ به أنه هزم الهلال في ظرفٍ قاس، ظن فيه جميع الصفوة أن فريقهم سيقع فريسةً سهلةً لخصمه اللدود، فأجاد وانتصر وفجر ثورة الحجارة بأمر رمضان (شغب). * من المحزن أن تتم إهانة أفضل فرسان المريخ بوجود اثنين من قدامى اللاعبين في مجلس الدمار الشامل، ممن توسمنا فيهما الخير وظننا أن دخولهما المجلس سيسهم في تكريم من أجزلوا العطاء للزعيم داخل المستطيل الأخضر وخارجه. * بوجود خالد أحمد المصطفى وهيثم الرشيد في المجلس تم طرد عدد من أوفى فرسان المريخ القدامى من سدة المجلس والجهاز الفني بطريقة مهينة، حتى بتنا نخشى على الأسطورة حامد بريمة والفولاذي الضو قدم الخير من مصير سابقيهم. * بالطبع لا يسعنا إلا أن نتمنى التوفيق للقادم الجديد، برغم أن سيرته الذاتية وعمره الصغير وتجربته الغضة لا تبعث على التفاؤل. * تشير السيرة الذاتية للمدرب التونسي أمين المسلمى أنه يبلغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً، وقد ولد في العام نفسه الذي فاز فيه كيغان وبريمة بكأس مانديلا، وعمل مدرباً للمراحل السنية في أكاديمية اسباير القطرية، المراحل السنية لناديي ريال مدريد وهرتا برلين الألماني ودرب شباب فريق الصفاقسي التونسي، وقيل إنه سيتقاضى راتباً قيمته ثلاثة آلاف دولار. * القادم الجديد راغب في تحسين سيرته الذاتية، ونجزم أنه مستعد كي يدفع مالاً نظير إشرافه على تدريب فريق بقيمة المريخ، لأن المريخ سيمنحه الشهرة التي يفتقدها، والمكانة التي يسعى إليها، وسيفتح له أبواباً لا يحلم بها، مثلما حدث لمواطنه الشاب يامن الزلفاني، الذي انتقل لتدريب ظفار العماني وشبيبة القبائل الجزائري، بعد أن أمضى فترةً قصيرةً مع المريخ. * تعامل المجلس الفقير مع الفريق بفقه (مد الكراع قدر الكراع) مستمر في ملف التدريب، ومع ذلك نخشى أن يخفق المجلس في الوفاء بمستحقات القادمين الجدد على قلتها، لأنها لن تقتصر على المرتبات فحسب، بل ستشمل السيارة والسكن الخاص والحوافز وتذاكر السفر السنوية، فهل بمقدور المجلس أن يوفرها لطاقمه الفني الجديد كي لا نسمع عن تذمره من غيابها؟ * نتمنى ذلك، ونرجو لكيغان النجاح في محطته المقبلة، ونقول له (نحن الصفوة نحبك يا جمال). آخر الحقائق * نحن أبناء جيل حباه الله بنعمة الاستمتاع بفنون وحماسة وحمية جمال أبو عنجة ورفاقه السحرة.. فرسان جيل مانديلا. * لن أنسى ما حييت هدفه التاريخي في شباك الترجي التونسي بإستاد المريخ. * ولن يبارح ذاكرتي هدفه البديع الذي سجله في شباك ليبردس الكيني، ونقل به المريخ إلى نهائي سيكافا ون 1986! * هدفه الرمضان البديع في شباك التنزاني بازي شعبان حارس الهلال الأسبق يستعصي على النسيان. * عندما كان خط وسط المريخ محروساً ومتروساً بمقاتلين من طراز كيغان وبتروف (بدر الدين بخيت) كانت الهجمات التي تستهدف النيل من شباك الأسطورة تموت في منتصف الملعب. * القوة في.. الحماس في.. الرجولة في، والمهارة والفن موجودان بوفرة. * خط وسط يضم سيزر وكيغان وبدر الدين وسكسك وإبراهومة المسعودية وباكمبا يستعصي على النسيان. * ويستحيل تكراره. * كنا نستمتع بترديد نغمة (سكسك وأبو عنجة وباكمبا) على نغمات قرِن إسحق الشهيرة. * عندما أصاب لاعب الأهلي الخرطومي جمال الحبر أبو عنجة بكسر في الترقوة لم تقوَ جماهير المريخ على احتمال الفقد، فاقتحمت الملعب بعد أن دمرت السياج. * عندما توقف جمال لفترة وأعلن رغبته في الاعتزال رفض سعادة الفريق منصور عبد الرحيم سكرتير المريخ الأسبق تحقيق الرغبة، وطلب من جمال أن يعود ويلعب ويستعيد صيته قبل أن يعتزل فاستجاب. * ذلك جيل من أساطير الإدارة كان يعرف قيمة المريخ ويمنح نجومه التقدير الذي يستحقونه. * جمال أبو عنجة تاريخ مجيد في المريخ ورمز من رموز الوفاء والجسارة والإقدام في الكوكب الأحمر. * لا يضير كيغان أن لا يجد الإنصاف ممن يجهلون قدره. * آخر خبر: غداً بحول الله نكتب عن قرار إقالة فني الموجات الصوتية بأمر مادبو، في عز زمن الحوكمة المزعومة!