* اليوم سيخوض المريخ أولى مبارياته الإعدادية في دوحة الجميع أمام فريق المرخية القطري. * سيتم خلال المباراة تكريم لاعب المريخ السابق، أسامة آدم ريحان، الشهير بسكسك. * لأن معظم شباب الجيل الحالي لم يعرفوا سكسك، ولم يتفرجوا على أسطورة النجم الملقب بالساحر، الذي كان من أهم أسلحة المريخ التي قادته للظفر بأهم وأغلى لقب في تاريخه الطويل، بطولة كأس الكؤوس الإفريقية (مانديلا 1989) لذلك سنخصص هذه المساحة لتعريفهم بسكسك. * لن أنسى ما حييت اللحظة التي سمعت فيها بانضمام سكسك للمريخ، وفي الوقت نفسه لن أنسى لحظة إخلاء خانته من كشف الفريق، لأن اللحظتين محفورتان في الذاكرة تماماً. * أذكر أننا كنا قد فرغنا من تناول وجبة الغداء في الداخلية، وكنا وقتها طلاباً في الجامعة الإسلامية، بمعية الاخوة الزملاء عز الدين ميرغني أبو شورة وجمال بشير الناير والطيب البشرى (القويز)، حين سمعت خبر انتقال سكسك للمريخ في برنامج عالم الرياضة الإذاعي، فطرت فرحاً، وتناولت قلم (شيني) بالحجم الكبير، وكتبت عبارة (سكسك للمريخ) على دولاب الملابس المخصص لنا داخل الغرفة. * كان سكسك وقتها لاعباً لفريق التحرير البحراوي (بعد أن لعب لفريق أبي روف الأم درماني)، وقد ذاعت شهرته وانتشر اسمه بعد أن نجح في تسجيل هدفه التاريخي في شباك فريق ليفربول الإنجليزي، الذي زار السودان بدعوة من الرئيس الراحل جعفر النميري، ولعب مع منتخب الخرطوم الذي ضم إلى جوار سكسك عدداً من اللاعبين الموهوبين الذين انتقاهم المدرب الراحل سليمان فارس رحمة الله عليه بعناية، ومنهم جمال أبو عنجة وجعفر عبد الرازق والراحل شيخ إدريس كباشي رحمة الله عليه. * كان السد العالي يدرب فريق التحرير، ويقال إنه كان يخصص لكل لاعب مهام بعينها أثناء محاضرته، ويقول له أفعل كذا وكذا، وعندما يصل إلى سكسك كان يقول له (إنت ألعب على كيفك)، تقديراً لموهبته الفذة. * لعب سكسك للمريخ، فصار أنشودةً حلوة المقاطع في شفاه أنصار الزعيم. * موهبة سكسك يصعب أن تتكرر. * سيحفظ التاريخ لقطب المريخ الكبير وسكرتيره الأسبق فتحي إبراهيم عيسى أنه أشرف على ضم سكسك للمريخ، بمعية عدد من النجوم المتميزين وعلى رأسهم رفيق دربه باكمبا. * كلف تسجيل الساحر للمريخ مبلغاً ضخماً بحسابات ذلك الزمن، وبلغ 135 ألف جنيه، وكان أغلى اللاعبين وقتها، وقد حاول الإعلام الهلالي تبخيس الصفقة بحجة أن سكسك كبير في السن، لكنه رد عليهم في المستطيل الأخضر، وسكب فنه الجميل بالقميص الأحمر. * قيض الله له وقتها مجموعة نادرة من اللاعبين المتميزين، الذين منحوا المريخ والكرة السودانية أول وآخر لقب قاري على صعيد الأندية في تاريخها، ومنهم الأسطورة حامد بريمة، والراحل المقيم سامي عز الدين، ورباعي الدفاع الأشهر في تاريخ المريخ، عاطف القوز وكمال عبد الغني وإبراهيم عطا وعبد السلام حميدة، وخط الوسط الرهيب الذي قاده سامي مع سكسك وأبو عنجة وبدر الدين بخيت إبراهومة المسعودية وباكمبا، وخط هجوم يصعب إيقافه بقيادة فتح الرحمن سانتو وعيسى صباح الخير وحسن دحدوح وعاطف منصور. * تخصص الفريق المذكور في جلد الخصوم، وقادت معظم أعمدته الرئيسية المريخ للفوز بأول لقب خارجي في تاريخ الكرة السودانية (سيكافا 1986)، قبل أن تحصد لقب كأس الكؤوس. * كان سكسك ساحر اللمسات بقدمه اليسرى، لكنه كان يجيد المراوغة والتسديد بذات البراعة بقدمه اليمنى. * تفرد سكسك بأن المريخ لم يخسر بوجوده أي مباراة أمام الهلال، وبالطبع لن أنسى الهدف الرأسي الجميل الذي سجله في شباك الهلال، وقاد به المريخ للفوز بهدفين نظيفين، ونال المنتصر زيكو الهدف الثاني برأسه أيضاً، وجرت المباراة في دوري الخرطوم. * كذلك لن ينسى جمهور المريخ ما قدمه سكسك في مباراة المريخ الشهيرة مع المنتخب النيجيري. * أذكر أهدافه الجميلة في شباك الإفريقي التونسي في البطولة العربية، وفي مرمى النسر شندي، وتمريرته التاريخية لزميله عيسى صباح الخير في مباراة الإياب الشهيرة أمام باتروناج بطل الكنغو. * كان سكسك صانع ألعاب ماهر، وهدافاً لا يشق له غبار. * ذكرت أنني لن أنسى لحظات إخلاء خانته، بعد أن تعرض إلى استهداف مقيت من بعض المخربين (ومنهم من ينشط في التخريب حتى اليوم)، عندما أسروا للألماني هورست مدرب المريخ بأن سكسك طاعن في السن، فركنه ورفض إشراكه أساسياً. * وقتها سافر هورست إلى بلاده في إجازة قصيرة، وأشرك مساعده سكسك في مباراة دورية، فتألق وحصد نجومية المباراة وأجبر جماهير المريخ على اقتحام الملعب لحمله على الأعناق. * ظلت جماهير المريخ تتغنى بإبداعات الثلاثي الرهيب (سكسك وأبو عنجة وباكمبا) على أنغام قرن إسحق الشهير، حتى حانت لحظة الفراق في العام 1995، وسجل المريخ أمير كاريكا في خانة سكسك. * رافق سكسك زميله الجديد إلى مكاتب الاتحاد فتركت جماهير المريخ نجم التسجيلات وحملت المودع لأول مرة في تاريخ النادي، وحملته وطافت به أرجاء إستاد الخرطوم، في مشهدٍ مهيب انتزع دموع الكثيرين. * نحيي سكسك في يوم تكريمه، بقدر ما أبدع وخدم المريخ وأسكر محبيه بفنه الجميل. آخر الحقائق * تميز سكسك بالأدب والأخلاق الرفيعة مثلما تميز بالمهارة والإبداع. * كنت أسارع إلى إستاد المريخ مبكراً، كي أتفرج على سكسك وهو يداعب الكرة بأسلوبه الخاص أثناء عملية الإحماء، ويفعل بها ما يعجز غيره. * كانت تطاوعه وتسايره بمحبة مدهشة. * من أشهر تمريراته الحاسمة تلك التي أهداها لزميله زيكو في مباراة المريخ والأهلي المصري الشهيرة في الجبل الأخضر. * يعتبر سكسك أحد أحرف من داعبوا الكرة في السودان. * لمساته بديعة، وتمريراته دقيقة، ومراوغاته ساحرة. * في عهده تخصص المريخ في جلد الهلال، وفاز عليه بكل النتائج. * أذكر أن جماهير المريخ كانت تهلل لكل رمية تماس تحتسب للمريخ بالقرب من راية الكورنر لأن عاطف القوز ومن بعده إبراهومة (الكلاكلة) كانا يرميان الكرة على رأس سكسك، الذي يحولها خلفية برأسه للرمح الملتهب فتح الرحمن سانتو فيهز بها الشباك. * بالطريقة المذكورة سجل سانتو هدفه الجميل في مرمى قورماهيا الكيني في نصف نهائي بطولة مانديلا. * تذمرنا من ملاقاة المريخ لفريق المرخية. * لكن تخصيص المباراة لتكريم الساحر جعلنا نرحب بها. * سكسك يستحق أن ينال أضخم مهرجان تكريم من المريخ. * بعد اعتزاله كرة القدم سافر إلى الدوحة وانضم إلى فريق الجيش القطري. * وبعدها تفرغ للتدريب، ونشهد له أنه لم ينقطع عن المريخ مطلقاً. * يزور إستاد المريخ ويحضر مبارياته كلما حضر إلى السودان، ولا يفارق بعثة الأحمر كلما زارت قطر. * خط وسط يضم سكسك وسامي عز الدين وباكمبا وجمال أبو عنجة وإبراهومة المسعودية وبدر الدين بخيت لن يتكرر مطلقاً. * كل واحد فيهم حكاية ورواية. * جمعوا المهارة والفن والقوة والرجولة والإبداع والتفاني للزعيم، فمنحوه أجمل البطولات. * عندما نتحدث عن ضرورة تقوية الشق الأيسر للمريخ فإننا نحلم بوجود رباعي شبيه بعاطف القوز وباكمبا وسكسك ودحدوح في الجهة المذكورة. * صواريخ تدك جبهة الخصوم بلا رأفة. * توليفة مريخ مانديلا لن يجود بها الزمان بسهولة. * أتمنى من كل قلبي أن يكرم المريخ حارسه الأسطوري حامد بريمة في مبارياته المقبلة بالدوحة. * جمعتني به علاقة وطيدة قوامها الحب والاحترام. * للساحر المحبة كلها في يوم تكريمه الجميل. * آخر خبر: سكسك كورة وأخلاق.