* لا أستحسن كتابات كتاب الأعمدة في الصحف الرياضية قبل المباريات الكبيرة في هذا الزمن، لأنها تكتب بمداد البطر والغرور والخيلاء الزائد عن الحد، وأحس في داخلي أن مثل هذه الكتابات التي تستخف بالخصوم من منطلق (أدب المناكفات) قد تجلب النحس، أو (الكجوجية) بمصطلح العصر. * * وأدناه أحاول استرجاع مثل تلك الكتابات، فاخترت نموذجين، الأول ما كتبه الزميل الراحل صلاح سعيد، له الرحمة، قبل مباراة المريخ الثأرية أمام قورماهيا الكيني بالقلعة الحمراء في إياب نصف نهائي كأس الكؤوس الأفريقية ليلة السبت 4 نوفمبر 1989م، وضمن مسيرة المريخ نحو اللقب الأفريقي في ذلك العام، وكان المريخ قد خسر لقاء الذهاب في نيروبي بهدف.. أما النموذج الثاني ما كتبه القطب والكاتب المريخي سيف الدين حسن بابكر عقب الثأر من قورماهيا والتأهل للنهائي.. وإليكم ما كتبه الراحل صلاح سعيد قبل المباراة التاريخية: * كعادتهم كانوا ينتظرون هزيمة المريخ ليلحق بهم، كما حدث لهم في السعودية، ولعل هذا الشعور بالراحة الذي انتابهم يوم السبت الماضي بعد خسارة المريخ في نيروبي قد لا يطول.. ولا أعرف سبباً لتلك الابتسامات الصفراء سوى الدلالة على شماتة مكبوتة قد يموتون بها.. أو قد يتحقق حلمهم "لا قدر الله" ويخرج المريخ من البطولة ليتفرغ للدوري المحلي الذي يحلمون بتحقيقه دون هزيمة أو تعادل.. فالمريخ الذي انشغل بالبطولة الأفريقية هيأ لهم فرصة كبيرة لتحقيق إحدى معجزاته القديمة.. ولكن خروج المريخ سيقلب الموازين ويمنعهم من تحقيق الأمنية المستحيلة!! * لم تهزنا عثرة نيروبي، فلا زال فرساننا على صهوات جيادهم، وستظل سيوفهم المرصعة بالنجوم ساطعة كعظمة المريخ.. الحرب لم تنته بعد، وسنشعل معركة السبت 4 نوفمبر باستاد المريخ الذي لم نعرف فيه خسارة الحروب أبداً. * سنشعلها ناراً لا تبقي ولا تذر، وبإذن الله لن يكون قورماهيا آخر من نقابله في مشوار البطولة.. سنقاتل قتال الجبابرة وسنجعل من موقعة 4 نوفمبر تاريخاً ونهاية لأسطورة قورماهيا. * ستكون المعركة أشرس من موقعة حطين الصليبية.. ولن يدرك المقتول من قتله!! ولن يعرف القاتل من الذي مات!! * المريخ أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق البطولة الأفريقية، وقد لا تتحقق هذه الفرصة مرة أخرى بسهولة، فالمسؤولية عظيمة، ولكن ثقتنا في أبطال المريخ أعظم ولا تحدها حدود.. * على كل مشجعي المريخ التدافع لمعركة السبت بالمريخ، وليس منا من جلس بعيداً عن ميدان المعركة ينتظر النتيجة.. وأتمنى أن يكف المسؤولون والإداريون عن التصريحات التي لا تخدم غرضاً.. وليكن حديث اللاعبين داخل ساحة المعركة فقط.. ولنا عودة. * وننشر أدناه قصاصة الباشمهندس سيف الدين حسن بابكر بعنوان "المريخ رحل الكحل.. قدح اليتامى .. جبل الداير" التي كتبها عقب فوز المريخ الباهر على قورماهيا الكيني بهدفي سانتو رفاعة ودحدوح وتأهله لنهائي كأس أفريقيا، وأهدى قطعته لأديب المريخ القبطان حاج حسن عثمان متعه الله بالصحة والعافية. * مالي أراك وقد غشيتك القارعة.. وما أدراك ما القارعة.. يوم أن ذاب جليدك الذي لا يذوب.. وغشيتك رياح صرصر عاتية مبعثها المريخ.. النجم الأحمر.. طيب الأرض.. ملح رغيف الخبز.. إعصار الصيف الساكن.. فتهاوت حجارتك الصلبة الصلدة.. وتصدعت أطرافها وتزحزحت عن مكانها وأخذناها أخذ عزيز مقتدر!! واقتلعناها كأنها إعجاز نخل منقعر!! فإذا بها كالعهن المنفوش.. تذرها شظايا وحمم براكيننا المستعرة الملتهبة، بإذن الله. * قلت كأنها الساعة.. وكأنها القارعة.. وكأنه يوم الحشر.. وكأنها سعر تذيقكم من مسها.. وكيف لا وهو يوم الوغى.. فجئناكم بقوة لا عهد لكم بها.. وملأنا كنانتنا بكل سهام الأرض شاردها وواردها.. فقبل الرماء تملأ الكنائن.. وقبل الرمي يراش السهم. * وكانت الدقيقة الخامسة وأسلمنا الكرة لباري ترك السيف ناحية.. فأبان إن للفن لا للقوة الغلبة.. فسر العبقرية حين يسري ينتظم الصنائع والفنونا.. كيف لا؟.. وهو من معادن ومناقب أورثن مجداً. * الزين هيبة.. شاخور.. قرعم.. برعي.. ماجد.. بشارة.. حموري.. كمال عبد الوهاب.. سانتو الخرطوم.. سانتو مدني.. سانتو رفاعة.. فشبه الشيء منجذب إليه!! * وأشبهنا بدنيانا الطغام.. ومن بعدها أملتم علينا فتسوخت أقدامنا.. و ركزنا في أحشاء الأرض ببيارقنا وتواصينا.. دقوا طبل التمجيد لأمتنا.. غنوا للشعب ملاحم عزتنا وحريتنا.. * المريخ رحل الكحل.. قدح اليتامى.. جبل الداير الما بنطلع لزول.. فركزنا وأملنا عليكم.. إن زحفنا لحثيث.. وسرينا في الملعب طولاًَ وعرضاً وانتصرنا.. فويحكم هل يجتمع السيفان في غمد؟!.. وما كل سنيور صياح يصطاد شيئاً!! * وقدروا لأرجلكم قبل الخطو موضعها فما أبقينا شبراً فارغاً ولا ثغرة نافذة.. وأقمنا سداً دونه خط "ماجنو" وخط "بارليف".. وأسميناه "سد كيمو العظيم".. نرى فيه الأيام معركة.. ونرى الصنديد فيه من صبر.. * فسمعنا صوتكم ورأينا قوتكم ونسيتم أن الحديد بالحديد يفل!! * أعمالاً.. ألعاباً.. وليس أقوالاً، فقد عجلتم بالأنباض قبل التوتير.. وعبرتم سد كيمو العظيم قبل أن تبلغوه!! * فالخطأ زاد العجول.. وقد يدرك المتأني بعض حاجته.. وقد يكون مع المستعجل الزلل.. * وبما أن لكل كلام يا بثين جواب.. أملنا عليكم بهجمة ثانية أطارت صوابكم وزلزلت أقدامكم، فوجفت قلوبكم وشخصت عيونكم.. واقتلعنا شباككم بتصويبة "دحدوحية" المسمى!! أصابت المقتل منكم، وأهالت النقع فوق رؤوسكم وانشقت الجيوب.. فتجندل حارسكم وكأنه عقنقل قدموس.. وانشقت الجيوب ولطمت الخدود ونعى الناعي. * الحي الله .. الدائم الله.. قورماهيا راح في حق الله.. وغنينا لبلادي سلام.. ولشباب بلادي سلام.. ولهلال بلادي سلام!! * ومشينا في الأرض هوناً لا يبطرنا نصر.. ولا تهزنا هزيمة.. وإذا خاطبنا الخاسرون.. قلنا سلاماً