هنالك بعض المحطات تفرض نفسها مهما حاول المرء مقاومتها بالرغم من أنها خاوية المحتوى ومن هذه المحطات ما يشهده الهلال أو يعيشه طوال الفترة الماضية وهي الأحداث التي بلغت هذا المشهد الدرامي أو المأساوي لهذا فرضت عليَّ هذه المحطة أن أقطع سلسلة الحلقات عن لائحة ترخيص الأندية لأتوقف عند هذه المحطة.. ليس السبب في هذا أن أقحم نفسي في قضية لا شأن لي بها أو لأنصب نفسي حكماً على هذا أو ذاك، وأنا لست طرفاً ولكن ما أشهده من أحداث في الساحة الهلالية فيه جانب عام يدعو للحسرة لما يمثله من خلل عام يجب معالجته حتى لا نشهد تكراراً له. فما يحدث في الهلال يحير ويصعب على الإنسان أن يدرك إن كان هو مخيّر أم مسيّر وإن كان مسيّراً فمن الذي يقود فيه هذه الأحداث الغريبة وغير المألوفة في تاريح الكرة والتي تشكل سابقة نأمل أن تكون الأخيرة. أ ن تبلغ مشكلة لاعب مع نادٍ هذه الدرجة من الغليان وأن تكون سبباً في تشرذمه وانقسامه إدارياً وجماهيرياً وربما تتطور فنياً في الوقت الذي يفترض ألا تأخذ أي مشكلة مهما بلغت هذا الحجم في نادٍ يفترض أنه تحكمه المؤسسية وفق القانون والمؤسسية تقول إنه نادٍ يخضع لجمعية عمومية صلاحياتها مفوضة لمجلس إدارة هي التي انتخبته ومن حقها أن تسحب الثقة عنه وفق القنوات القانونية.. ليس فيما أوردته هنا جديد ولكن الجديد هذه المرة إنني أسمع لأول مرة أن أغلبية مجلس إدارة منتخب تتقدم باستقالتها لتفقد المجلس شرعيته وأشهد لأول مرة زخماً إعلامياً وجدلاً قانونياً عن مثل هذه القضية والسبب في ذلك ما يدور من لغط أن أغلبية عضوية المجلس تقدمت باستقالاتها الأمر الذي يعني حسب ما يروج له البعض أنه يفقد المجلس شرعيته لاستقالة أغلبيته, وهكذا غرقت الساحة الرياضية في هذا الجدل ولكن أحداً منهم لم يلتفت لهذه البدعة والتي إن صحت أن تكون الأولى ونتمنى أن تكون الأخيرة في الساحة الرياضية. هي بدعة لو صحت لكانت أم الكبائر في تاريخ الديمقراطية التي تقوم عليها المؤسسية فكيف تستقيل الأغلبية حتى تفقد المجلس شرعيته حتى يسقط المجلس تلقائياً. بدعة إن صحت فإنها تعني لأي مدى تعاني مؤسساتنا الرياضية من أبسط قواعد الثقافة الديمقراطية ويا لها من سابقة إن صحت فإنها تمثل إدانة لمن يقفون وراءها أكثر مما تمس المجلس إذ كيف تستقيل الأغلبية وهي صاحبة السلطة والحق وتهرب من مجلس إدارة تملك أغلبيته بسبب ما تدعيه من فردية القرار وهم أصحاب القرار وسلطتهم فوق الفرد مهما بلغ لهذا فإن هيمن فرد على مجلس فهذا ضعف فيهم وهم الذين يملكون فرض المؤسسية التي يكفلها لهم القانون. أشك في أن تكون هذه عقلية من تقدموا باستقالاتهم وهم يحسبون أن استقالة الأغلبية تفقد المجلس الشرعية مع أن الأغلبية هي السلطة العليا التي تملك أن توقف الفردية إن وجدت بما تملكه من سلطة القرار فكيف تهرب الأغلبية صاحبة السلطة وتدعي في حجتها أنها تعاني من الفردية، فإن صح مثل هذا الادعاء وأتمنى ألا يكون حقيقة لأنه إن صح فإن من استقالوا غير جديرين بثقة الجمعية التي أولتهم لها لإدارة المؤسسة، فما داموا أغلبية فكيف لهم أن يسخروا الأغلبية لإفقاد المجلس شرعيته هرباً من هيمنة فرد بعينه على المؤسسة.. إن صح ما يدعون فلماذا لا يسخرون أغلبيتهم لفرد المؤسسية ولتحجيم الفرد مهما بلغ في أن يلتزم برأي الأغلبية. هذا الجدل العقيم في رأيي الشخصي يخصم من المستقيلين إن كان ظنهم أنهم كأغلبية يفقدون المجلس شرعيته باستقالاتهم فإنهم بهذا يدينون أنفسهم ويؤكدون عجزهم في الوفاء بما أولته لهم الجمعية العمومية من ثقة وملكتهم السلطة فيعجزون عن توظيفها لتفعيل المجلس ليكون أهلاً للثقة، أما إن كانوا أقلية ضاقوا بتهميش الأغلبية لهم فهذه قضية إذن مبررة ولكنها لا تبرر أي جدل حول فقدان المجلس شرعيته فإن كانوا حقاً أغلبية، وإن كانوا أقلية فلماذا الجدل حول شرعية المجلس. الأمر الثاني أي جمعية عمومية تنعقد وتنتخب مجلس إدارة فما لم يكن هذا المجلس فائزاً بالتزكية فإن هناك احتياطي شرعي له حق ملء أي مقعد يخلو بالاستقالة حسب ترتيب الأصوات الانتخابية وإن لم يكن هناك احتياطي شرعي فإن المجلس يتعين عليه دعوة الجمعية لملء المقاعد الشاغرة فقط والأمر في النهاية لا يبرر هذا الجدل (ليغرق الهلال في شبر مية) في قضية لو خضعت للمؤسسية لما أثارت كل هذه الزوبعة. أمر مؤسف أن يكون الجهد خارج الملعب يستحوذ على الاهتمام أكثر مما يتطلبه الموقف داخل الملعب. سؤال أخير لا بد منه: أعضاء المجلس الذين استقالوا ماذا يعنون بالفردية في الهلال واحتكار الرئيس للقرارات فهل هذه الفردية أنه يملي قراراته على المجلس في اجتماعاته الرسمية وبهذا يكون القرار قرار المجلس وواجب عليهم احترامه أما إن كان المجلس نفسه لا يجتمع وتصدر قرارات فردية باسمه في غيابه وفي هذه الحالة لماذا لم يرفعوا الأمر للمفوضية لأنها الرقيبة بنص القانون على أداء المجلس وفق القانون وأنها تملك أن تفرض على الرئيس دعوة المجلس وعدم الانفراد بإصدار القرار وهذا حق قانوني لهم وإن لم يفعلوا فهم الملامين لتفريطهم في حق يكفله القانون وبيدهم أن يبطلوه بالقانون فأي قرار لم يصدر عن مجلس الإدارة يفقد الشرعية لا أن يسكتوا عنه ثم يقدموا على الاستقالة لسحب الشرعية عن المجلس إن صح ما نسب اليهم في الصحافة الرياضية.