وضع مواطنو الولاية الشمالية آمالاً عراضٍ على ثورة الطرق التي إجتاحت مؤخرا أرض الحضارات كما أصبحت الولاية ترتبط بشبكة طرق بكل أنحاء السودان والولاية توقع المواطنون أن ينعكس هذا ايجابا على أوضاعهم الحياتية المتمثله في سهولة التنقل وإنخفاض الأسعار وغيرها من فؤائد توقعوا ان تحققها ثورة الطرق ،ألا أن الرياح لم تأتِ كما يشتهي أهل الشمال وتحديدا فيما يختص بإنخفاض الأسعار والتي ظلت تشهد إرتفاعا ملحوظا مما حدا بالمواطنين الجأر بالشكوى من الغلاء الفاحش الذي بات السمه المميزة لمدن الولاية وخاصة حاضرتها دنقلا ..ويقول المواطن أحمد سيد أحمد إن مدينة دنقلا ربما تكون هي الأغلى في السودان على صعيد أسعار السلع الغذائية ،وأبدى دهشته من هذا الغلاء لجهة أن وصول السلع من العاصمة وبورتسودان لم يعد يأخذ وقتا طويلا مثلما كان في الماضي حيث كانت تكلفة الترحيل عالية بسبب وعورة الطرق ،وقال إن الكثير من مواطني دنقلا خاصة شريحة العاملين بالدولة باتوا يفضلون شراء المواد الغذائية من الخرطوم نهاية كل شهر بواسطة مكاتب الترحيلات وأبان عن سفر البعض صوب العاصمة قبل الأعياد وذلك لشراء المستلزمات المختلفة خاصة الملبوسات ،من جانبها كشفت المواطنه سعدية عبدالله عن الارتفاع المتصاعد لمختلف السلع وأشارت الى ان سعر جوال الدقيق يبلغ 88 جنيهاً رغم ان سعره في العاصمة لايتجاوز الخمس وخمسين جنيه ،وان سعر جوال السكر يبلغ في دنقلا 150 جنيه وفي مدن شمال الولاية مثل أرقو ودلقو وحلفا القديمة مائه وستون جنيه ،واوضحت حجم المعاناة التي تواجههم في أسعار الخضروات والتي تستورد من العاصمة رغم وجود 12 مليون فدان صالحة للزراعة بالولاية ..ولم يختلف حديث السائق حسن منور عن سابقيه حيث أشار الى أن جالون البنزين يبلغ ثمانية جنيهات وهو سعر يخفض كثيرا من أرباحهم في نقل الركاب ،اما المزارع سليمان عبدالله فقد اكد أن إرتفاع تكلفة الزراعة أسهم في تقليص المساحات الزراعية المستغلة وقال إن السبب المباشر في إرتفاع تكلفة الإنتاج يعود الى عدم ثبات سعر برميل الجازولين الذي يشهد سعره إرتفاعا ملحوظا ومتواصلا حيث بلغ أمس بفارق يقترب من المئة جنيه عن سعره بالعاصمة وهذا انعكس على ندرة الخضروات والأعلاف والولاية باتت تستورد الخضروات والفواكهه من الولايات الأخرى . الغريب في الأمر ومن خلال جولتنا بسوق دنقلا وجدنا أن سعر جوال الفول التركي يبلغ 320 جنيه والفول المتوسط 240 وهذا الغلاء أصابنا بالدهشه وذلك لان الولاية الشمالية اشتهرت بانتاج الفول والقمح والذي يبلغ سعر جواله 110جنيه وهو سعر لايختلف كثيرا عن الأسعار بالعاصمة ،وأيضا يبلغ سعر جوال الأسمنت ثلاثون جنيه رغم قرب الشمالية من ولاية نهر النيل صاحبة الإنتاج الأعلى من الأسمنت بالسودان ..من جانبه حمل عضو بالغرفة التجارية طلب حجب اسمه جهات عديدة المسؤولية الكاملة في إرتفاع الأسعر وقال إن التجار باتوا يشعرون بالأسف والخجل من الزبائن الذين يعتقدون أن التجار جشعون ويبحثون عن الثراء فقط ،وكشف عن معاناة التجار خاصة بدنقلا من الضرائب الباهظه المفروضة عليهم والتي تبلغ خمسة أنواع مفروضة من ديوان الضرائب وأبرزها القيمة المضافة والدخل الشخصي وضريبة الأرباح ،واوضح أن المحلية تمثل هاجساً للتجار وذلك بسبب رسومها المتعددة وغير المنطقية والتي تتجاوز الإثنين مليون في العام وقال إن تكلفة تجديد الرخصة التجارية هي الأعلى بالسودان وبسبب الضرائب المفروضة أيضا من المواصفات وإدارة أسواق المحاصيل والدفاع المدني وإدارة البترول والمرور أفلس العديد من التجار ولم يجدوا أمامهم غير ترك مهنة التجارة وحتى الذين تمسكوا بالمهنه يواجهون معاناة وصعوبات بالغة مع الجبايات الكثيرة المفروضة عليهم حتى إن بعض التجار أكدوا أنهم أضحوا يمارسون التجارة مكرهين وذلك لعدم وجود البديل... المواطن سيد محمد حسن طالب الجهات الرسمية بحكومة الولاية والمجلس التشريعي بضرورة تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بإرتفاع الأسعار وعدم توفر العديد من الخدمات الضرورية ،وتساءل كيف تدعو حكومة الولاية الى العودة الطوعية لمواطني المهجر بالداخل والخارج في ظل الأوضاع الحياتية المعقدة . محمد عثمان تنقاسي رئيس المجلس التشريعي للولاية الشمالية اعترف بارتفاع الأسعار ووصف الأمر بغير المبرر وقال إن المجلس يعمل على تخفيف الضغوط وأعباء المعيشه عن كاهل المواطنين عبر حزمة من الإجراءات التي تهدف الى إيقاف الضرائب والرسوم غير القانونية ،وأشار الى ان سياسة التحرير الإقتصادي تعد أيضا من الأسباب المباشرة التي جعلت التحكم في الأسعار غير ممكن، الا انه كشف عن عزم المجلس التشريعي بحث زيادة الاسعار وكيفية الحد من الإرتفاع المتصاعد وذلك عبر الجلوس مع كل الجهات ذات الصلة ومع الغرفة التجارية لازالة المعوقات التي تقف وراء إرتفاع الأسعار ،ونفى أن تكون الرسوم التي تفرضها المجالس التشريعية هي السبب في زيادة أسعار السلع وقال إن فرض الرسوم يكون حسب القانون وذلك للإيفاء بالخدمات التي تقدم للمواطن ويراعي معقولة قيمة الرسوم ،وكشف تنقاسي عن جهات عديدة تفرض رسوماً بالولاية مثل المرور والمواصفات واسواق المحاصيل وأنهم في هذا الصدد خاطبوا وزير المالية للنظر في الرسوم المفروضة من قبل عدد من الجهات وعلى رأسها أسواق المحاصيل على السلع والمحاصيل ،وأكد رئيس المجلس التشريعي حرصهم على الوقوف بجانب المواطنين وتخفيف الأعباء عنهم وأن المجلس سيلتقي الاتحادات والجمعيات والنقابات وذلك بهدف توفير السلع باسعار في متناول اليد توزع عبر هذه الجهات . إرتفاع الأسعار بالولاية الشمالية يبدو غير خافٍ على كل من زارها ،والمواطنون حسب قولهم جاءت فرحتهم بالطرق ناقصة وذلك لانها لم تزح عنهم رهق السنين ومعاناة الأمس والمتمثلة في توفير اسباب الحياة الكريمة والرغدة ،فهل ينجح المحامي الذي كثيرا مادافع عن الفقراء والمظلومين في ردهات المحاكم ان يزيل الغبن الذي اعتمل في صدور مواطني الولاية طويلا؟