لم يجد التعليم بولاية القضارف حظه من برنامج التغيير الذي ينشده والي القضارف كرم الله عباس الشيخ، بسبب انهيار البنيات التحتية بمدارس بلدية القضارف ومحليات الولاية المختلفة، بجانب ضعف القوي العاملة من المعلمين بالمدارس وهي تعاني شح المياه وانعدام الكهرباء، بعد أن افترش التلاميذ الأرض في عدد من مدارس القضارف بسبب الإهمال وغياب الزيارات الميدانية من قبل وزيرة التربية والتعليم آمال عبد اللطيف ومعتمد بلدية القضارف محمد عبد الفضيل. «الصحافة» قامت بجولة ابتدرتها بمدرستي الوحدة الأساسية ومدرسة الشعبية المختلطة، وتلمست معاناة المعلمين والطلاب في ظل تدهور البيئة التعليمية التي أدت لتسرب الطلاب وضعف الإقبال على العملية الدراسية بعد انهيار ثلاثة فصول مشيدة بالمواد المحلية بمدرسة الوحدة، جراء الاعاصير والأمطار التي ضربت الولاية أخيراً، مما تسبب في إعاقة العملية التعليمية، حيث يتم تدريس التلاميذ في العراء، وقد تم تقسيم الدراسة بالمدرسة الى مجموعتين، حيث يبقى الصف الأول والثاني والثالث في العراء لفترة الحصة الأولى والثانية والثالثة حتى الساعة العاشرة والنصف، حيث يتم إخلاء الفصول لاستيعاب الصف الخامس والسادس، فيما تعاني المدرسة من شح المياه لعدم توقف عربة المحلية التي كانت تجلب المياه للمدارس منذ بداية العام، وتعاني المدرسة نقص المعلمين للمواد الأساسية وبعض معلمي الصف، حيث يوجد اثنا عشر معلماً يواجهون ظروفا مأساوية، إذ يؤدون مهامهم في غرفة ابعادها «3 4» امتار، وهي بالتالي لا تسع لاستيعاب المعلمين. ويشير أحد المعلمين إلى أنه يقود دراجته الهوائية لمسافة 7 كيلومترات وسط الاعاصير والامطار لاداء رسالته التربوية. وانتقد ذات المعلم سياسة الوزارة والبلدية في توزيع المعلمين على المدارس العاملة لتنفيذ أجندة شخصية لمتنفذين في الإدارة، مضيفا ان بعض المعلمين قد مكثوا أكثر من خمسة عشر عاما يعملون في مدارس تتوفر فيها البنيات التحتية الجيدة، ولم تشملهم كشوفات النقل. وتساءل ذات المعلم لماذا لم تطل زيارة الوزيرة والمعتمد المدارس الطرفية عند بداية العام الدراسي للوقوف على مشكلات المدارس وتدني البنيات التحتية، منتقدا السياسيات الخاطئة المتبعة القائمة على الاهتمام بمدارس محددة تحظى بامتيازات خاصة، ما دفع المعلمين لابلاغ إدارة التعليم والبلدية بانهيار مباني المدرسة، لكن لم تحرك اي من الوزارة والبلدية ساكناً. أحد الشباب الناشطين بحي الوحدة، تحدث عن ضعف أداء المجلس التربوي للمدرسة واللجان الشعبية، مما أدى لانهيار المدرسة. وانتقد سياسة الحكومة بتوظيف الإمكانيات لمدراس محددة، وقال إن حي الوحدة يضم الفقراء والمساكين والمهمشين، لذا لم يجد الاهتمام من الحكومة. ويعاني طلاب مدرسة الشعبية المختلطة الإسهالات المائية، حيث بلغت نسبة الإصابة 10% لانعدام مياه الشرب في الحي والمدرسة، حيث لجأ الطلاب الى تناول المياه من إحدى البرك الراكدة، حيث أشار الأستاذ إسماعيل عمر مدير المدرسة الى صعوبات بالغة تواجه المعلمين في أداء رسالتهم التربوية لانهيار فصلين مشيدين من المواد المحلية جراء السيول والأمطار، بجانب انعدام المواصفات الصحية والهندسية والتربوية داخل المدرسة، واكتظاظ التلاميذ في الفصول، والاختلاط الذي سبب آثارا اجتماعية سالبة، حيث يضم الفصل «64» طالباً، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه أبعاده «3 4» أمتار، مما يصعب على التلاميذ الاستيعاب في ظل بروز قضايا الاجلاس والكتاب. وأضاف إسماعيل بأن الطلاب يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على مياه الشرب مما دفعهم لجلب المياه من طريق الأسفلت القاري على بعد خمسة كيلومترات من المدرسة، وأحياناً من مزرعة الشرطة ومنطقة ود وديدة، وذلك بسبب غياب الدعم الشهري وإيقاف إمداد المياه عبر عربة البلدية. وطالب إسماعيل السلطات بزيادة المعلمين بالمدرسة، وحذَّر سيادته من الآثار السالبة جراء اختلاط التلاميذ والتلميذات بالمدرسة، في ظل ارتفاع أعمارهم التي تتراوح بين «15 18» عاماً في الصفوف السادس والسابع والثامن، فيما أكد الدكتور محمد المعتصم أحمد موسى أستاذ المناهج بجامعة القضارف، أن انهيار البنيات التحتية للتعليم سبب رئيسي في تدني التحصيل الأكاديمي، وهي قضية عامة انتشرت في الريف والمدارس الطرفية. ودعا المعتصم إلى ضبط أداء الإدارات التربوية في المحليات والوزارة والمدارس لتفعيل عملية التحصيل الأكاديمي، بجانب تنفيذ برامج فعَّالة لتدريب المعلمين أثناء الخدمة، وإبراز دور الجهد الشعبي في تحسين البيئة المدرسية.