في يوم 18 فبراير 2010 يكون قد مر على رحيل الطيب صالح عام كامل - وكعادتنا نحن السودانيين فقد توالت المقالات والقصائد والاحتفالات والندوات - فقد جاء يوم شكره - ولكنِ الكثيرين في السودان وخارجه قد كانوا في حياته يكيلون له آيات الثناء والمدح. وقلة من هؤلاء هاجمت ابداع الطيب صالح من نواح ايديولوجية - سياسية.. ولكن بعضهم آثر الصمت أمام هذا الطوفان الجارف من الحب والتقدير وان كان البعض - كصافي ناز كاظم قد استمر على موقفه المبدئي - وهذا يدخل في باب احترام الرأي والرأي الآخر - وهو يمثل قيمة من القيم التي كان يدافع عنها الطيب صالح - قيمة الحرية - حرية الرأي والفكر والتعبير. وفي هذا العام جرت - فيما اعلم - محاولتان لانتاج فيلم عن الطيب صالح - وقد شهدنا عرضاً للفيلم الاول الذي بدا انه أعد على عجل لادراك المناسبة - والله اعلم - رغم ان مخرجه سيف الدين حسن قد انجز من قبل عدة أفلام وثائقية من بينها فيلم عن التشكيلي د. احمد عبد العال - وضح فيه تماسك الرؤيا - وسلاسة الانتقال من مشهد إلى آخر. وربما كانت العلاقة الحميمة والمعرفة الدقيقة لكاتب السيناريو - الأستاذ عيسى الحلو بأحمد عبد العال ذات اثر في ذلك - وفارق جوهري هو ان فيلم عبد العال قد انجز في حياته - وبمشاركة منه وحضور في الفيلم.. وننتظر خلال ايام عرض الفيلم الثاني الذي اخرجه الاستاذ قاسم أبو زيد. وقد انجز - فيما نعلم - كتاب عن الطيب صالح - نخلة على جدول الابداع - وقد بدا أيضاً ان الكتاب قد انجز على عجل - وهذا أمر قد تمت الاشارة إليه. وخرج مركز عبد الكريم ميرغني على الناس بكتاب ضخم (بعد الرحيل - في تذكر المريود الطيب صالح) وهو بحق يعد مرجعاً مهماً من المراجع التي وثقت للطيب صالح - سيرته واعماله - ومع وجود مقالات نقدية تناولت تجربته.. وملف اعدته مجلة الخرطوم عن الطيب صالح وقد كان دائماً في مثل هذه المناسبات ان نغفل بعض المقالات المهمة والتي تخرج عن السياق المألوف والمكرور - ولهذا فإن استدراكاً لا بد ان يتم لمثل هذه الكتب وإلحاقها بجزء ثانٍ لأن الكتابة عن الطيب صالح لن تتوقف. فهذا دائماً شأن الكتاب الكبار ابتداءاً من أبي الطيب المتنبي وشكسبير وتولستوي وطاغور ومحمود درويش والمجذوب وعبد الحي وصلاح أحمد ابراهيم وغيرهم.