في بدايات الحرب الأمريكية على أفغانستان، كانت هنالك حقيقية واضحة تملأ الأخبار، ان الولاياتالمتحدة هي التي سلَّحت الشعب الأفغاني خلال حربهم مع روسيا. ولكن لماذا قدمت الولاياتالمتحدة العون إلى أفغانستان منذ البداية؟ ومن هي الشخصية التي وقفت خلف تسليح الشعب الأفغاني ضد الاحتلال الروسي؟ بل وما هي الأسباب التي دفعته إلى تقديم العون لهم؟ لقد كان «جارلس ويلسون» هو الرجل «غير» الخفي الذي ساهم في تقديم العون وتسليح الشعب الأفغاني. ولد جارلس في أول يونيو 1933م، ووقع في حب السياسة وهو في الثالثة عشرة من عمره. لقد كان جارهم في المسكن «جارلس هازرد»، منتخباً من قبل مجلس المدينة، وكان الجار يكره كلب شارلس. وفي يوم من الأيام دخل كلب شارلس حديقة هازرد فقام الأخير بتسميم الكلب. وقبيل موعد انتخابات مجلس المدينة قام جارلس بالحصول على استثناء باستخراج رخصة قيادة بسبب كونه ابن لفلاح، وقام في موعد الانتخابات بإيصال مجموعة من الناخبين إلى مكان الاقتراع، وكان يقول لهم: «إنني لا أريد أن أؤثر على اختياركم لمرشحكم، لكنني أود أن أخطركم بأن هازرد سمم كلبي». وبعد ظهور النتيجة وخسارة هازرد في الانتخابات ذهب إليه جارلس وطرق بابه وهو يقول له: «اعتقد أنك يجب أنك تتوقف عن تسميم الكلاب». كان جارلس وقت الغزو الروسي لأفغانستان، 1979م، يعيش حياة بعيدة تماماً عن حياة الجهاد والمجاهدين في أفغانستان. فقد كان شاباً يافعاً وسيماً يستمتع بالملاهي المنتشرة في ولاية تكساس وبصحبة الحسناوات، حينما بدأ يسمع عن فظائع الحرب في أفغانستان، وقرر بصفته نائباً منتخباً في الكونجرس وقتها زيارة أفغانستان. وهنالك زار المستشفيات وشاهد الأطفال وهم جرحى ومقطوعو الأطراف. وشاهد الدمار والخراب الذي كان يحيط بالبلاد، وتابع في ذات الوقت ما كان يقوم به الشعب الأفغاني. لقد كان يخرج ويحاول أن يقاوم الاحتلال بأيدٍ خالية. ووقف جارلس أمام الكونجرس الأمريكي مطالبا بزيادة حصة المعونات الأمريكية قائلا لزملائه: «سنسقط في نظر التاريخ إذا ما سمحنا للمجاهدين في أفغانستان بمقاومة الاحتلال بالحجارة فقط» وبسبب جهوده المباشرة في هذا الأمر زادت نسبة المعونات الأمريكية للشعب الأفغاني من 20-30 مليون سنويا إلى 630 مليون، ليصير الدعم الأمريكي بهذا أكبر وأغلى وأطول دعم في تاريخها وقتها. وما أن انتهت الحرب حتى انسحبت الولاياتالمتحدة من أفغانستان تماما تاركة خلفها الصراعات الداخلية دائرة، بينما قلصت مساعداتها ايضا للاجئين الافغان الذين تركوا بلادهم واحتموا بباكستان. وحينما وقعت احداث الحادي عشر من سبتمبر، يقول جارلس انه كان محتارا. كيف للدولة التي تعاطف معها وسعى لمساعدتها في محنتها بشتى الطرق، تصبح هي الدولة الوحيدة التي تعاديهم، وتأتي لتهاجمهم في عقر دارهم. لقد كان متنازعا وحائرا، كيف صار الفريقان اليوم يقفان على جانبين مختلفين من قضايا العالم، وقال إنه كان حزينا بشدة. وفي العاشر من فبراير 2010م، تألم جارلس ألماً من نوع مختلف، الم في الصدر نقل على إثره الى المستشفى، ليلفظ آخر انفاسه هناك، تاركاً خلفه قصة تحكى.. قصة السياسي الذي قاد أكبر حملة دعم في تاريخ الولاياتالمتحدة، وأضيف لها اخيرا، انها لأسباب كثيرة تحولت ضده.