تحفل أغلب المسلسلات والأفلام التاريخية بالكثير من المغالطات والتزوير المتعمد للأحداث وإقحام رؤى كتاب الدراما وأهواء المنتجين السياسية وفقاً لتوجهات الأنظمة الحاكمة وخدمة لأهدافها ورسائلها الثقافية . . فأفلام إسماعيل ياسين في (الجيش والبوليس والطيران والمطافي) جاءت لتمجيد حركة الضباط الأحرار المباركة في قالب كوميدي وعلى منوالها كتب الراحل يوسف السباعي رواية «رد قلبي» التي جسدها سينمائيا شكري سرحان وأحمد مظهر وصلاح ذو الفقار وحسين كمال لرفع أسهم ثورة يوليو 1952م، كما وردت على لسان أحمد مظهر في فيلم الناصر صلاح الدين عبارة (الدين لله والوطن للجميع) وهي من إسقاطات الحقبة الناصرية وخطها القومي العلماني وليست من قضايا عصر صلاح الدين الأيوبي المجاهد للحملات الصليبية . كما أنتجت أفلام مثل «الكرنك» و»إحنا بتوع الأتوبيس» في أعقاب ثورة التصحيح والقضاء على مراكز القوى في عهد الرئيس أنور السادات لذم العهد الناصري ومدح عهد الفرعون الجديد، وعلى ذات المنوال تصدرت أفلام «زمن حاتم زهران» و»أهل القمة» في الثمانينيات لنقد مرحلة الانفتاح الاقتصادي وتمجيد محاكمة النظام لعصمت السادات، ولعل من ضمن الموضة هذه السنة استغلال المسلسلات الرمضانية لتمرير بعض الأجندة السياسية ومحاربة الخصوم على النحو الذي عرض به مسلسل الجماعة . لقد كشف الشيخ/ محمد الغزالي يرحمه الله في كتابه «الحق المر» عن وثيقة تاريخية وتقرير خطير أعدته اللجنة العليا المؤلفة برئاسة السيد زكريا محي الدين رئيس الوزراء في عهد الرئيس جمال عبدالناصر بشأن القضاء على فكر الإخوان بناء على أوامر الرئيس، حيث خلصت اللجنة حينها إلى عدة توصيات ووضعت أفضل السبل لمكافحة جماعة الإخوان المسلمين، وكانت وسائل المكافحة عبر عدة سياسات وقائية منها تغيير مناهج تدريس التاريخ الإسلامي وربطها بالمعتقدات الاشتراكية مع إبراز مساوئ الخلافة خاصة في زمن العثمانيين، هذا بالإضافة إلى التضييق على المتدينين في العمل ومحاربتهم في الكسب والرزق واستخدام الشيوعيين في حربهم ومنعهم من منابر الدعوة والإعلام وتشويه صورة المتدينين والتشويش على دور الإخوان في حرب فلسطين بتكرار العزف على اتصالهم بالإنجليز ورميهم بالعمالة والارتزاق من المحتل الأجنبي، هذا بخلاف تسليط وسائل القمع وفتح المعتقلات والسجون وتصفية وإعدام قيادات الإخوان كما تم اعدام عبدالقادر عودة وسيد قطب وإخوانهم لرفضهم الانصياع للطاغوت الناصري . وما مسلسل الجماعة سوى أحد استراتيجيات المحاربة القديمة للإخوان حيث عجزت الآلة القمعية عن الحد من انتشار الجماعة في الريف والحضر. وبالإضافة للشيوعيين انضم رموز الفن وعشاق «ليالي الأنس» إلى جوقة المحاربين للتدين ومظاهره كالحجاب الذي أفتى وكيل نيابة المباحث وبطل مسلسل الجماعة ببطلانه معنفاً خادمته ليطالبها بخلعه قائلاً « ( البتاع الإنتي لابساه ده ليس بفريضة ولا فضيلة دينية) !! .