يبدو أن أوصاف الانتهازية وركائزها بدأت «تظهر» في بعض وجوه قيادات الأحزاب المعضلة التي ماتزال تحلم بإعادة الشعب الى الدائرة «الخبيثة» والصفوف الطويلة أمام المخابز وطلمبات الوقود ومجالس الظلام الدامس وجاهلية تقديس الأشخاص. اعتدنا نحن الجيل الذي رضع من ثدي مايو، أن نفهم الأشياء كما يصورها الإعلام الحكومي كما يريدها «النظام» رغم وجود رموز الأحزاب الطائفية وقواعدها في كل البقاع. الأحزاب كانت موجودة لكنها «غائبة»، فقياداتها تنتظر من أبناء «الفقراء» الخروج الى الشارع لتكرر «تجربة أكتوبر». أبناء الفقراء يزحمون «المدارس الحكومية» مع نقص «الكتاب» والمصروف اليومي، وأبناء قيادات الأحزاب يدرسون في المدارس الخاصة بالداخل والخارج والجامعات العربية والغربية، اما برسوم «منحة» أو دفع مقدم ولكنها محسوبة بالدولار. الدكتورة مريم الصادق المهدي كريمة الإمام الصادق الصديق المهدي زعيم حزب الأمة ورئيس الوزراء السابق، تعتبر «نموذجاً» ناصعا لأبناء القيادات الذين تلقوا تعليمهم الجامعي «بالخارج» حتى «يعودوا» بحكمهم للعامة..!! الدكتورة مريم الصادق ومن معها، يعتقدون أن السودان وأهله «ملكهم»، وأنهم يملكون تفويضا «بالسيادة»، وبذلك يفرضون أنفسهم على كل «مناسبة» اجتماعية وظرف «سياسي» عابر..!! مريم الأخرى ترى أن الأراضي الواسعة في أم درمان كلها لا يمكن أن تعوض نضال أسرتها صاحبة امتياز حكم السودان، رغم الأراضي و«السراي » والتعويضات المشهورة في عهد حكم والدها «الإمام». ابنة الإمام قالت وهي تشهد مظاهرة على خلفية ركن نقاش بجامعة الخرطوم «إن الأوضاع يعيشها السودان الآن هي أشد سوءاً من البلدان العربية التي اجتاحتها حمى المظاهرات» وادعت أن البلاد تعيش ابتزازاً وتغولاً دولياً واسعاً». الدكتورة ابنة الزعيم الذي ورث الحكم ويريد أن يورثه لها وأخواتها وإخوانها، تعلم جيداً أن قضية توريث الحكم في مصر كانت هي «الشرارة»، وأن كروت «التموين» كانت وقودها. توريث الحكم الذي رفضه الشعب المصري في مظاهراته الطويلة، تخلص منه الشعب السوداني في ثلاث ثورات وأغلق أبوابه تماما. حتى قواعد حزب الأمة الفاعلة رفضت توريث الحزب، فقد تمردت المئات وخرجت ببيانات ومجموعات تطالب بإبعاد أبناء «الزعيم». أبناء الزعيم وأبناؤهم يشكلون أغلبية عند اتخاذ القرار بقيادة الدكتورة «مريم»، فقد «سدوا» الطريق امام أبواب الديمقراطية في الحزب، ويسعون الى «إغلاقها» وحمل «مفاتيحها». أبناء الزعماء عليهم أن يبتعدوا عن الساحة السياسية، لأن الشعوب العربية لا تحب «الوراثة». «نواصل».