من أكثر المظاهر السالبة التي تصاحب فصل الخريف دائما انتشار البعوض، وهذا الأمر يبدو منطقيا بحسب الكثيرين، لجهة هطول الأمطار التي تعتبر أرضاً خصبة لتوالد البعوض الذي يتخذ في الخريف من البرك والمستنقعات موطنا ينطلق من خلالها، ناشرا للعديد من الأمراض وأبرزها الملاريا.. بيد أن ظهور البعوض بشكل مكثف في فصل الشتاء أثار علامات التعجب والدهشة، وأخيراً ظهرت منه أعداد كبيرة بمختلف أنحاء الخرطوم، مما شكل مصدر إزعاج للمواطنين الذين ناشدوا السلطات بتكثيف حملات مكافحة البعوض للحيلولة دون توالده وانتشاره الذي أن حدث فإنه يلعب أدوار معروفة في التسبب بمرض الملاريا الذي يعتبر من أكثر الأمراض انتشارا في السودان كما تشير تقارير صحية مختلفة، ويقول المواطن صلاح الطيب من أم درمان، إن انتشار البعوض في فصل الشتاء يبدو أمراً غير مألوف ونادر الحدوث، وذلك لأن الخريف هو الفصل الذي يشهد ازدياد توالده باعداد ضخمة تسهم في تفشي الأمراض المعروفة كالملاريا والتافويد وغيرها من الأمراض. وأشار إلى أن وجود البعوض في الشتاء يعود الى عدد من العوامل المشتركة بين المواطنين، وأضاف قائلاً إن السلطات وخاصة المحليات وإدارات المياه بالمدن المختلفة تتحمل قسطا وافرا من مسؤولية انتشار البعوض في فصل الشتاء، ويتمثل الأمر في عدم اهتمام هذه الجهات بمعالجة خطوط المياه التي تتعرض لأعطال تسهم في جريان المياه خارج قنواتها المحددة، وهذا يقود الى تدفقها في الشوارع والساحات والخيران. وهذا يلعب أدواراً كبيرة في توالد البعوض المعروف بأنه يمكن أن يتوالد في كل الفصول إذا ما توفرت له العوامل المساعدة كالمياه الراكدة في البرك والمستنقعات والميادين والطرق. والسلطات تهمل وتتأخر في إصلاح الاعطاب في خطوط نقل المياه، وحتى اذا فعلت فإنها لا تجفف المياه ولا تعمل على سحبها، وغير ذلك لا تهتم السلطات كثيرا بمكافحة البعوض في الشتاء، وهذا أمر ملاحظ، ويجب أن تقوم السلطات بالمحليات المختلفة بأدوارها تجاه هذه القضية، حتى لا تنتشر الملاريا التي يعني انتشارها توقف أيدٍ عاملة عن الإنتاج. الدكتور عثمان الفاضل اتفق مع المواطن صلاح في ما يختص بمسؤولية السلطات، غير أنه رمى باللائمة أيضا على بعض المواطنين في الأحياء والتجار بالأسواق، وقال إن ضعف الثقافة البيئية يسهم في توالد وانتشار البعوض والعديد من الأمراض التي إن وجدت تعاملاً جيداً من المواطن لا يمكن أن تنتشر. وأضاف قائلاً إن هناك ممارسات خاطئة من قبل بعض المواطنين تجاه استعمال المياه، خاصة في ري المغروسات «الأشجار» خارج المنازل، بالإضافة الى عمليات البناء، عطفاً على وجود عدد من «البلاعات» خارج المنازل، وكل هذه العوامل وغيرها تسهم في توالد البعوض الذي يجب أن تكون مكافحته عملاً ومسؤولية مشتركة بين المواطن والسلطات، ولا بد أن نعمل على رفع الوعي البيئي للجميع. وكان عدد من المواطنين قد أشاروا الى أن مبيدات مكافحة البعوض التي تستعملها السلطات الصحية في الأحياء غير ذات جدوى ولا تقضي عليه، غير أن مصدراً صحياً أكد قوة مفعولها، إلا أنه أشار إلى ضرورة تكثيف حملات المكافحة يومياً حتى يمكن القضاء على جيوش البعوض التي تغزو العاصمة.