إزداد الحديث في خلال الأشهر الماضية عن المنافع التي تعود على الشعوب من إستخدامها لصفحات الإنترنت مثل ال(فيس بوك). فحينما خرج الشعب الإيراني إلى الطرقات عقب الإنتخابات الأخيرة لكي يرفعوا اصواتهم ويعلوا بإحتجاجاتهم على نتائجها، كانت وسائل الإعلام تتحدث عن الكيفية التي رتب بها ثوار البلاد أنفسهم. كيف اعلنوا عن مكان المظاهرات الإحتجاجية وعن موعد اللقاء والكيفية التي إستخدموا بها المواقع الجديدة لتنظيم انفسهم ضد الأنظمة الحاكمة. وحينما ثارت الآن الجماهير المصرية، ايضا وجد الإعلاميون انفسهم يتحدثون ايضا عن ذات المواقع، وكيف ان الشباب الذين ظنوا انه ضائع يقضي اوقاته يقلب صفحات الفيس بوك ويتحدث من خلاله ويتواصل مع اصدقائه قد كان به شيء إيجابي. فلقد تمكن هؤلاء الشباب من الإلتفاف حول بعضهم البعض وتشجعوا و(قوا) قلوبهم وخرجوا من صفحات الإنترنت إلى الطرقات الحقيقة لكي يطالبوا بإسقاط واحد من اكبر الأنظمة العربية واشدها قوة. وبالرغم من كل هذه الآثار المفيدة للإنترنت، وبالرغم من ان المواقع الإليكترونية الحديثة قد مكنت الشعوب المقمعة من ان تنظم انفسها وتخرج لكي تحتج على اوضاعها، إلا ان لها آثارا سيئة ايضا. فكما يتناقش المهمومون بامر الوطن في شئونهم على مواقع الإنترنت المختلفة نجد ان ذات الحكومات تتمكن من متابعة الحوار الذي يدور على صفحات الإنترنت، وبالتالي تتعرف على الكتاب وتتمكن من متابعتهم وتهديدهم وربما إعتقالهم إذا إقتضى الأمر. فالحكومة السورية على سبيل المثال باتت تحتفظ بملفات لكل سوري لديه صفحة على موقع الفيس بوك وتتابع كل ما يكتبون وتراقبه عن كثب. وهنالك ايضا السلطات الإيرانية والتي باتت تتابع الصور التي تنشر على صفحات الإنترنت وعلى موقع (فليكر) والتي كانت تعبر عن ثورة الشعب الإيراني. وليست رؤية الصور فحسب كان هو هدف الحكومة الوحيد، فلقد قامت بحفظ هذه الصورة في اجهزتها وتقريب صورة أوجه المتظاهرين من ثّم البحث عن هؤلاء الأشخاص وملاحقتهم. وكذلك كانت محاولات الشباب السوداني في خلال الأيام الماضية للإعلان عن مظاهرات وإحتجاجات عن الأوضاع التي يعيشها السودان أيضا. لكن وجد هؤلاء الشباب معاناة من حيث ان الحكومة السودانية ايضا تتمكن من متابعة نقاشاتهم ومعرفة اماكن ومواعيد لقائهم ومن ثّم العمل والإحتياط الشديد على هذه التجمعات. فكانت هنالك مراقبة وحراسة شديدة على بوابات الجامعات لمنع المظاهرات من الخروج إلى الطرقات. وحينما كان اللقاء في ميدان عقرب، قامت السلطات بالإستيلاء على الميدان منذ الليلة التي سبقت يوم الإحتجاج حتى لا يتمكن المتظاهرون من السيطرة على الميدان والبقاء فيه كما وقد اصبح ميدان التحرير في قبضة الشارع المصري وباتت الشرطة وحتى الجيش عاجزا عن فض الجمع. لقد لعب الإنترنت دورا كبيرا في الثورات التي نظمها الشباب في الدول المختلفة، لكن بعدما إنتبهت الحكومات لأهمية هذه المواقع الإليكترونية وبعدما باتت تستشعر الخطر الشديد الذي تهدده عليها، صار الإنترنت سلاحاً ذو حدين. حيث أصبحت السلطات تهتم بمتابعة ما يجري على هذه الصفحات وصار يتعين على الشباب البحث عن طرق مستحدثة لتنظيم انفسهم لمقاومة الأوضاع التي يئنون تحتها.