هكذا هو الطغيان..سلوك لا يمكن احترامه ولذلك يصبح كافة الطغاة ملةً واحدةً وكلما أهلك الله طاغية لم يستوعب أمثاله الدرس وراحوا يتبجحون ويتغطرسون علي الجماهير ، وحينما قالت الملكة الفرنسية لقومها لم لا تأكلون ( الكيك ) بدلاً عن الخبز المعدوم كما تصفون .كان مصيرها المقصلة ليتحرج رأسها الجميل ذو الشعر الناعم المعطر من فوق خشبة حكم الشعب جزاءاً نكالاً لما فعلته في قومها ، واليوم يعيش الشعب الليبي أسوأ فترات حكم القهر حينما تقصف حكومته المدنيين الابرياء بالطائرات دون رحمة لا لشئ سوي خروج الجماهير للمطالبة برحيل القذافي كما رحل زين العابدين ومبارك غير مأسوفٍ عليهما . ان العالم اليوم يتابع عن كثب هبة الشعب الليبي كما تابع من قبل هبة الشعب التونسي و المصري والآمال معلقة بإمكانية نجاح الجماهير كلما سقط شهيد متضرجاً بالدم وكلما صرح طاغيةً بأنه عصي علي الزوال وكأنه لا يسمع ولا يري ولا يحس بالعالم من حوله ، إنه المرض العضال الذي لا شفاء منه إلا بالزوال ولذلك يتوجب علي بقية حكام الوطن العربي من عملاء امريكا وعبدتها ان يرحلوا بهدوء فحسب دون ان يضيفوا الي جرائمهم المرتكبة من قبل جرائم جديدة بهدف منع الجماهير من تحقيق رغباتها وتطلعاتها المشروعة في الحرية والديمقراطية والتنمية والرفاه . ان مطالب الشعوب بسيطة تتمثل في الحصول علي الحياة الكريمة من مأكل ومشرب صحيين وتعليم وخدمات صحية وحفاظ علي المال العام ، وحينما يصبح الحكام لصوص او يسمحون لأقاربهم ومنسوبيهم بالتصرف في المال العام ويطلقون أيدي المجرمين للنيل من كرامة الشعوب فإن الطبيعة تنادي المستضعفين تلقائياً لتكسير القيود وإرغام الطغاة علي الرحيل المهين مع الملاحقة القضائية لإسترداد الثروات المنهوبة المكنوزة في حسابات سرية في البنوك الاجنبية . كان القذافي ذات يوم رمزاً من رموز التحرر العربي والافريقي ولكن من الواضح انه طال عليه الأمد فنسي مبادئه المكتوبة في كتابه الأخضر وأطلق أيدي يبطانته وأقاربه لتفعل ما تشاء بما أفضي الي الأحداث التي تدور حالياً في عدد كبير من المدائن الليبية ، إن رحيل القذافي مما أترف فيه مسألة وقت ..هذه هي طبيعة سير الأشياء كلما ازداد الطغاة تجبراً كلما تسارعت وتيرة الاحداث لتنهي المسألة ..انظروا الي الزمن الذي استنفذه الثوار لإجبار زين العابدين ومبارك علي الرحيل كم هو بحسابات الأيام ؟ . علينا قبل إجترار نظرية المؤامرة ان نتساءل عن الاسباب التي تجعل من الحكام طغاة ، الإجابة ببساطة تتمثل في عدم إلتزامهم بالتداول السلمي للسلطة والتمادي في تزوير الانتخابات او إدعاء الحديث باسم الرب دون تفويض طبعاً ولذلك يبقي الدرس المستفاد من الثورة التونسية والمصرية وما سيلحق بهما من ثورات هو اعتماد الشعوب العربية كافة ميثاق حكم يحدد فترة بقاء اي رئيس أربعة سنوات فقط لا تمدد منعاً لتحولهم الي طغاة جبارين في الأرض . من عجائب الشعر وسحر البيان ان الشاعر السوداني العاشق للتراب الليبي كتب ذات يوم كلمات تتجسد اليوم كإنما توصف ما يجري في ذلك البلد فهو يقول في قصيدته الموسومة ب ( الفارس الحلم ) : كل طاغية صنم دمية من خشب وتبسمت..كل الطغاة ربما حسب الصنم الدمية المستبدة وهو يعلق اوسمة الموت فوق صدور الرجال انه بطلاً ما يزال