انتشرت في الآونة الأخيرة بولاية القضارف ومحلياتها ظاهرة المخدرات بأنواعها المختلفة، خاصة «الشاش مني والبنقو»، وذلك بعد أن ضبطت شرطة مباحث الفشقة في منطقة الهشابة ظهر الجمعة الماضي عربة لاندكروزر إثيوبية بها ثلاثة متهمين محملة بما يقارب «92» كيلوجراماً من «الشاش مني» معبأة في حقائب تقدر بحوالي «2» مليار جنيه في طريقها إلى الخرطوم، بجانب «350» قندولاً من البنقو، و«78» قطعة في محلية البطانة بأماكن تنقيب الذهب بمنطقة ود بشارة، بينما صارت عملية انتشار المخدرات وتناولها من أكبر الهواجس التي تؤرق حكومة الولاية، رغم الجهود المقدرة التي تبذلها الشرطة عبر حادي ركبها اللواء عبد القادر الأمين الجاك، فقد انتشرت وتفشت جرائم المخدرات، وذلك بعد أن تعرض أحد عمال المشاريع بمحلية القلابات الشرقية في قرية مهلة إلي عملية قتل ونهب من قبل عصابة تطلق على نفسها «النيكسس» تيمناً بعصابة المصارعة الأمريكية الشهيرة، حيث قال أحد قيادات المحلية إن ظاهرة تعاطي المخدرات والخمور بأنواعها المختلفة خاصة «الشاش مني» قد صارت إحدى القضايا الاجتماعية، بعد أن انتشرت وأصبح الشباب هم المستهلك والمتعاطي الأكبر، وهم عاطلون عن العمل، وفي سبيل الوصول إلى شراء المخدرات يضطرون إلى نهب وترويع المواطنين والعمال، خاصة أن محلية القلابات الشرقية وقرية مهلة تهتم اهتماماً كبيراً بالزراعة، وتوجد بها كثافة عمالية. وناشد القيادي الجهات ذات الصلة بوضع التدابير اللازمة للحد من ظاهرة انتشار المخدرات بالمحلية، والعمل على إنشاء نقاط بوليسية، حيث وجد مواطنو مهلة صعوبات بالغة في فتح البلاغات حتى ذهبوا إلى نقطة سندس. وفي ذات الوقت أفرط شاب في تعاطي المخدرات بقرية مريود، وقام بتسديد طعنات لخمسة أشخاص، منهم اثنان حالتهم خطرة وتم تحويلهم إلى مستشفى القضارف. فيما يرى الكاتب الصحافي مهدي سعيد أن العصابات المنظمة التي استمرأت الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية شكلت مملكة ومحمية يصعب اختراقها والوصول إليها، بحسبان السياج السري والحديدي الذي طوقت به نفسها كإجراء احترازي يجنبها ملاحقة الأجهزة الشرطية والأمنية ويد القانون الطولي. وأضاف أن المؤثرات العقلية تمثل أحد أكبر المهددات الاجتماعية والأمنية على حدٍ سواء بولاية القضارف وفي منطقة «أم الخير» التي تمثل خطاً أحمر على مستوى ولايات السودان في زراعة حشيش «البنقو» في مساحات شاسعة داخل الغابات والمشاريع الزراعية. وشهدت خلال الفترة الماضية نشاطا متنامياً من عصابات الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية. وثمن مهدي سعيد جهود الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية واللجنة القومية لمكافحة المخدرات على مستوى ولايات البلاد المختلفة التي عملت على خفض معدلات جرائم الاتجار وتعاطي وزراعة «البنقو». وتحدث عن موقع الولاية الحدودي مع الجارة أثيوبيا في أطول شريط حدودي، وميزتها النسبية باتساع الرقعة الزراعية، وطريقها القاري الذي يربط السودان بدول القرن الإفريقي، والطريق القومي «القضارف، الخرطوم، بورتسودان» وطريق «الشواك، الحمرة، قندار»، وتنامي التبادل التجاري بين السودان وإثيوبيا عبر تجارة وتنمية الحدود المشتركة بين الجانبين، مشيراً إلى أن الظهور الفجائي للذهب بمحليتي «قلع النحل، البطانة» كان محفزاً وجعل القضارف قبلة وولاية جاذبة لنشاط التجار والمزارعين والعاملين في مجال ترويج المنتج، والعمالة الموسمية التي تحط رحلها بها من كل حدب وصوب. وأضاف الصحفي مهدي سعيد أن منطقة حوض نهر الرهد تمثل رافداً أساسياً لزراعة الحشيش «البنقو»، مما ضاعف المسؤولية على أبناء المنطقة والولاية أجمع، ودفعهم إلى إنشاء منظمة حوض نهر الرهد للتنمية التي عملت على مكافحة المخدرات بوضع المعالجات الجذرية بالتنسيق مع مزارعي الحشيش في ما يعرف بمشروع الاستزراع البديل لحشيش «البنقو» بالنباتات العطرية والطبية ونباتات الزينة ذات القيمة النقدية الكبيرة، بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالمركز والولاية، لتوفير الدعم المادي اللازم بكلفة كلية تبلغ «30» ألف دولار للمشروع، بتمويل من البنك الدولي بمبلغ «20» ألف دولار، ومبلغ «10» آلاف دولار من المكون المحلي، في الوقت الذي تم فيه اختيار منطقة «أبو رخم» بمحلية الرهد لإجراء التجارب الأولية لزراعة النباتات العطرية والطبية ونباتات الزينة النقدية في حقول إيضاحية، لتقييم التجربة ومعرفة مدى المساحات التي يمكن زراعتها، وكمية الإنتاج المتوقع بواسطة مراكز البحوث العلمية وخبراء اختصاصيين في ذات المجال، توطئة لتسويق المنتج في الأسواق العالمية لزيادة الدخل القومي ومعالجة مشكلة زراعة «البنقو» على طول شواطئ حوض نهر الرهد.. فقد تمكنت شرطة ولاية القضارف من ضبط كميات كبيرة من «حشيش البنقو» بلغت «1748» قندولاً و«22» كيساً «فلت» من الحشيش و «765» ربطة من القات الإثيوبي والصومالي، وخمور بلدية وجلود حيوانات وأسطوانات مدمجة تحتوي على أفلام فاضحة، وتم فتح خمس بلاغات منها حيازة «1586» قندولاً من الحشيش صدر فيه الحكم بالسجن عشرين عاماً «مؤبد» لمتهمين ومتهم آخر بحيازة «162» قندولاً من الحشيش صدر فيه الحكم بالسجن لمدة عشرين عاماً «مؤبد»، و«875» ربطة قات وحيازتان لأكياس حشيش «فلت» وصدر فيها الحكم بالسجن لمدد متفاوتة.. في الوقت الذي تصل فيه جملة البلاغات خلال الأعوام الماضية الى ما بين «60 100» بلاغ لحيازات المخدرات والمؤثرات العقلية، لتبلغ قيمة المضبوطات الحالية أكثر من «109920» جنيها، وبحسب المصادر فقد تم ضبط حيازة «البنقو» بمدخل مدينة القضارف قادمة من الخرطوم مهربة من ولايات غرب السودان من نوع «سنقو» باهظة الثمن، بجانب ضبط القات والخمور البلدية والأسطوانات المدمجة بمدخل الولاية بمحلية القلابات الشرقية قبالة الشريط الحدودي مع الجارة إثيوبيا. وأشارت المصادر إلى تنامي نشاط تلك العصابات في الفترة الحالية، مما يتطلب مضاعفة الجهد من قبل الأجهزة الأمنية والشرطية لضبط الشريط الحدودي وتشديد العقوبات على المهربين للحفاظ على مقدرات البلاد البشرية والاقتصادية من خطر المؤثرات العقلية وإحكام جانب التنسيق والتعاون المشترك بين شرطة ولاية القضارف ومنظمة حوض نهر الرهد، لتفعيل نظم المكافحة وإنفاذ مشروع الاستزراع البديل بصورة علمية ومنهجية مدروسة تحقق النجاحات المطلوبة. وشنَّ الناشط الثقافي وعضو منتدى «شروق» جعفر خضر الحسن الهجوم على حكومة الولاية عامة ووزارة الشؤون الاجتماعية خاصة، في ظل محاربتها النشاط الثقافي وعدم الاهتمام بدور الأندية وتهديم السينما وإيقاف النشاط السياسي، بعد أن منعت أخيراً قيام منتدى «شروق» الثقافي وندوة تحالف قوى الإجماع الوطني. وأضاف خضر أن قرارات السلطات الأمنية في إيقاف تسجيل منظمات المجتمع المدني ومنتدى «شروق» تعتبر اغتيالاً للثقافة والعمل الشبابي، بعد أن أصبحت الأندية مكاناً للعب «الكتشينة»، مما أدى إلى هجرة الشباب ولجوئهم إلى تعاطي المخدرات. وطالب خضر وزير الثقافة الاتحادي والولاية بالتوسع في البرامج الثقافية والشبابية، حتى لا يفرط الشباب في تعاطي المخدرات. شرطة ولاية القضارف كمنت غير بعيد من مناطق الحدث، وأثبتت بقيادة ربانها اللواء شرطة عبد القادر الأمين، أن الشرطة باتت بحق وحقيقة عيناً ساهرة لحماية المجتمع، وصالحت مجتمع القضارف بعد طول قطيعة، وبنت جسوراً من الثقة بالإنجازات المتوالية التي ظلت تحققها على كافة الأصعدة بتقليل معدلات الجريمة وضبطها الفوري لمرتكبيها وتقديمهم للعدالة، وتوفير أسباب الأمن بتجفيف بؤر وأوكار الجريمة، على الرغم من بعض الإشكالات الإدارية التي تعاني منها بعض أقسام الشرطة. إذن هي مافيا المخدرات وانتشارها بأنواعها المختلفة من دول الجوار، تغزو الولاية وترهق الشرطة العين الساهرة لسد المنافذ والثغور، لكن تبقى الرسالة للحكومة الاتحادية ووالي القضارف ووزارة الداخلية في تقديم الدعم الفني واللوجستي للشرطة، لمزيدٍ الحماية والأمان والانتشار، بجانب التوعية وسط الشباب حول مخاطر المخدرات.