دقاتُ ساعةِ الجدارِ.. في المحطةِالأخيرة.. سالت أسى على الرصيفِ.. والأسفلت والوجوهْ.. حتى الطيور العابراتُ.. عند وقْدةِ الظهيرةْ.. لم تستظل بالأشجار في الغدو والرواح.. تبخرت في الريح.. مثلما سيفعل المغادرون.. عند رحلة الاياب عيونهم مجروحة الإوار بالدموع والأرق هنيهة هنيهتين ثم يرحل القطار!! على سحائب من الدخان والغبار والشجن.. ودمعتين في مآقي المودعي كانت رقية الخضيبة الكفين.. ترقب السماء والأفلاك في مدارها .. وترقب الزمان والمكان والمغادرين وديعة كأنما تستمطر الشفاعة لتوقف المهاجرين عند نقطة البداية وتسدل الستار.. تختم الحكاية بحلمها المسامح الغفور ومن وراء النافذة.. كانت ضفيرتها تعبثان بالهواء ومقلتاها وردتان وصدرها الصبي( توأمان ازغبان)2 وكان ثغرها يماثل الاقاح عند مطلع النهار أو نجمة الصباح ساعة السحر قد كان معزفاً للشعر والغناء والنشيد وموئلاً لروعة الحروف في مفاصل القصيد كانت تصوغ للصغار غنوتين وللشمال والجنوب رقصتين وللصباح باقة من الشموع والألق كانت طرية كالعشب في البراري وعذبة كالماء في أعالي الجبال أذكر إنني قبلتها مودعاً على الرصيف في حضرة المودعين والمسافرين فأجهشت بالدمع ثم تمتمت بصوتها المنغم الخفيت ((أخي الحبيب عذرا!!!)) سألتقيك يبنؤم حين تشرق الأنوار في نهاية المسافة أو ربما ... في منحنى الطريق ثم انحنت وأودعتني قبلتين وأفردت جناحها.. لكي تطير للبعيد في ركائب المهاجرين عصفورة تتوق للفضاء والغناء... رغم شقوة السنين 1-رقية شقيقة الشاعر ضاعت خطاها في أدغال الجنوب 2- الاشارة الى نشيد الانشاد بالعهد القديم