كتب بعض النقاد الغربيين والعرب منذ الثمانينات ان هذا العصر هو عصر الرواية.. وفي السودان اتجه معظم الكتاب في العقدين الاخيرين الى الكتابة السردية (الرواية والقصة القصيرة بالتحديد) وبزغت في هذا المجال اسماء كثيرة، وتداخلت الاجيال.. فبعض الكتاب ممن برزت اسماؤهم في الستينيات، وكانت بواكير أعمالهم حاضرة قد نضجت تجاربهم. وبطبيعة الحال فإن الابداع هنا يختلف من شخص لآخر، فبعض الذين بدأوا بدايات حسنة قد توقفوا وكفوا عن فعل الابداع.. والبعض الآخر قد تراجعت كتاباته وآخرون حافظوا على مستواهم، ولكن دون ان يحدثوا اختراقا يتجاوزون به المألوف. وينتج عن هذا تداخل في الكتابة الابداعية، واختلاط طرائف الكتابة، والتداخل بين الاجيال، وفي بعض الاحيان تصبح بعض الاصوات اصداء لأصوات أخرى في الداخل او الخارج.. والرواية التي وصفت بأنها ملحمة القرن العشرين وبالضرورة ما بعده حتى اشعار آخر، مرت بتطورات مهمة، ودخلت فيها تقنيات جديدة، وكذلك تطور النقد الخاص بالرواية خاصة ما يتعلق بإدخال المناهج الحديثة، وما بعد الحداثة، فصارت الكتابات النقدية تحاول اللحاق بركب التحديث النقدي المتسارع في الغرب، وفي الوطن العربي خاصة في تلك المراكز الثقافية في المغرب العربي، وفي بغداد ودمشق وبيروت والقاهرة والرياض في المشرق العربي. وقد كشفت مسابقة الطيب صالح للابداع الكتابي في فرع النقد الادبي ان هناك استخداما متزايدا لمناهج النقد الحديثة في قراءة النصوص الروائية، بينما ظل نقادنا متمسكين بالمناهج النقدية التقليدية. ولكن بما ان الامر يتعلق هنا بالنقد فإننا نأمل أن تلتفت جامعاتنا الى ضرورة الاهتمام بالدراسات النقدية الحديثة، والاحاطة بها حتى لا ننعزل عن العالم في الشرق والغرب.