٭ رأى احد العلماء في العصور الوسطى الناس يجتمعون حوله وينظرون اليه بإعجاب، وكلما سألوه عن شئ كانت اجابته حاضرة وبلا تردد وبكل اقناع. ٭ عندها ظن العالم الكبير ان الله قد اتاه علم الاولين والآخرين، وانه اصبح في حكم من لا يفوت عليه شئ فقال للحضور وبكل ثقة سلوني عما تحت الارض وما فوق السماء...! ٭ نظر اليه احد الاعراب الحاضرين فأدرك ان الشيخ قد داخله العجب والكبرياء فقال في نفسه : لأهزمن كبرياءه ثم وقف قائلا: يا شيخنا لا نسألك عما تحت الارض وعما فوق السماء، وانما اسألك عن شئ على سطح الارض. اسألك عن كلب اهل الكهف ماذا كان لونه؟!! ٭ اطرق العالم الى الارض وادرك ان الاعرابي قد اقحمه، وادرك كذلك ان خيلاءه وكبرياءه اوقعاه في فخ كبير، وادرك الحاضرون من صمت شيخهم انه لا يعرف الاجابة ويا له من عار..!! ٭ الترف الفكري اصاب الامة الاسلامية في وقت مبكر من عمرها فأقعدها عن ريادة الامم التي بهرها نور الاسلام فأسلمت، واضافت للمد الاسلامي ثقافات وافكارا متعددة، فأي شئ يستفيد الناس ان عرفوا لون كلب اهل الكهف او شكله او حجمه؟ هذا هو الزخم الفكري وما اكثره في ما حوته كتب الامة الاسلامية. ٭ اكثر ابناء الامة الاسلامية اضاعوا وقتا ثمينا في العلوم الفلسفية والنظرية التي تحصلوا عليها عند بقية الامم التي دخلت الاسلام، بينما تجاوزوا العلوم التطبيقية التي تسهم في بناء الامم. ٭ بل وضعوا شكلا محددا للعلماء يجعلهم لا يصفون اي شخص بأنه عالم الا اذا كان بارعا في الفلسفة الكلامية سواء كان ذلك في فقه الدين او اللغة.. اما من عداهم من العلماء في مجال العلوم التطبيقية فقد صنفوهم كحرفيين وارباب صناعات، وهم طبقة دنيا يأتي تصنيفها متأخرا جدا بعد التجار والشعراء، بل وحتى بعد طلاب العلم الشرعي.. ٭ لذلك عندما جاء المستعمر الغربي الى العالم الاسلامي وجد شراذم من المسلمين الذين يمسكون بقراطيس يختلفون حول كل شئ فيها، ولا اسهام لهم في مجال العلوم التطبيقية رغم انهم يعرفون اهل الكهف بأسمائهم.