قبل أن نتحدث عن الهوية السودانية سأتحدث عن ضرورة وجود متحدث رسمي مؤهل في كافة المجالات التربوية والأمنية والوزارات، والمتحدث الرسمي والذي نحن بصدد الحديث عنه هو الذي يتحدث باسم الجهة التي ينتمي إليها ، وعلى سبيل المثال المتحدث باسم وزارة الخارجية من المنطقي أن يتعرف على السياسة الداخلية والخارجية للدولة بالاضافة إلى معرفته إلى الامكانات بالاضافة إلى الذي ينتمي إليه، فوزارات الخارجية كما يعلم الكل بها أقسام عديدة مثل الادارة السياسية والعلاقات الدولية وادارة افريقيا وادارة آسيا وادارة اوربا (الغربية والشرقية) والادارة الامريكية وادارة امريكا اللاتينية وادارة الاعلام وادارة البيئة وادارة الاتفاقات الدولية والادارات القنصلية والادارة الاقتصادية والادارة الثقافية ...الخ من الادارات ، فالمتحدث الرسمي عليه ان يعرف معرفة تامة بالاعمال والوظائف التي تقوم بها هذه الادارات لأن معرفته بها تمكنه من الرد على مختلف التساؤلات التي تأتي من البعثات الدبلوماسية وكافة العاملين في وسائط الاتصال، ويعتبر المتحدث الرسمي همزة وصل بين مختلف الادارات التي ذكرناها آنفاً وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية (مثل وزير الخارجية - وزير الدولة - وكيل الوزارة) ، وكبار المسؤولين في هذه الوزارة يمدونه بكافة الاحداث التي تجري في الساحتين المحلية والعالمية بصورة منتظمة وهو في العادة من أولئك الدبلوماسيين الذين يتحدثون اللغات الاجنبية مثل اللغة الانجليزية والصينية والاسبانية وغيرها ويمتازون بسرعة البديهة والثقافة الموسوعية والكاريزما وفن التعامل مع العاملين في الوزارة وزوار الوزارة.. في السبعينيات من القرن الماضي قمت بإعداد دراسة عن ضرورة وجود المتحدث الرسمي في كافة مؤسساتنا وقدمت هذا البحث لوزارة الثقافة الاعلام ومدير التلفزيون القومي، ولكن بعض الحاقدين الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب وهم ينتمون لحزب الصاديين!!! قدموا شكوى ضدي في الاتحاد الاشتراكي السوداني، وجاء وفد من الاتحاد الاشتراكي برئاسة الصحفي الكبير الأستاذ/ ابراهيم عبد القيوم الذي كان يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة الأيام العريقة، ولكنه - حفظه الله وأطال في عمره - لم يتحدث معنا عن الشكوى الكاذبة بل احتسى كوبا من الشاي مع العاملين في التلفزيون. وسنتحدث عن الهوية التي هي عنوان موضوعنا، البعض منا في السودان يتشدق دوماً عن هويتنا ونقول لهؤلاء ان الدول المتطورة في الغرب والشرق مثل الولاياتالمتحدة لم يشغلوا وقت شعوبهم بالبحث عن هويتهم ، فالشعب الامريكي كما يعلم الجميع شعب يتكون من المهاجرين من مختلف دول العالم وهم لا يتحدثون عن هويتهم التي كانوا يتفاخرون بها من بلادهم الاصلية التي هاجروا منها إلى امريكا ،وهم يفتخرون بأنهم امريكيون ولكن في سوداننا الحبيب البعض منا يتحدث في ببغائية ممجوجة عن هوية السودانيين، وقد ذكر الله في كتابه الكريم: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) «الحجرات: 13) هذه الآية الكريمة تؤكد في جلاء تام ان هوية المسلمين قد وضحت في هذه الآية، والناس كما جاء في الآية ينتمون لقبائل عديدة ومتنوعة وإذا أخذنا مثلاً السودان هناك قبائل عديدة لا يمكن حصرها في هذا الحيز الضيق وجاءت بعض قبائل من خارج السودان وانصهرت في بوتقة السودان وأصبحت هذه القبائل جزءا عزيزا من السودان وهي تضع سوداننا العزيز في حدقات عيونها، وهذه القبائل بالرغم من اعتزازها بقبائلهم الاصلية الذين ينتمون إليها ويتحدثون اللغات التي ينتمون إليها إلا انهم يفتخرون بأنهم سودانيون، ولكن البعض في بلادنا وكما ذكرت آنفاً يتحدثون عن ان هوية السودانيين لم تتضح ونحن لا نشاطرهم في ما ذهبوا إليه ،ففي المملكة المتحدة هناك أحزاب سياسية مثل حزب العمال والمحافظين وحزب الاحرار. ومواطنو ويلز واسكتلندا يطالبون بالانفصال عن المملكة المتحدة ويعتزون بلغاتهم ولكنهم يدونون في مختلف الوثائق مثل جواز السفر انهم بريطانيون والهوية لم تكن في أي حال من الاحوال مشكلة وتعوق تطور الدول في كافة الميادين ولكن الفيصل في تقدم البلاد يكمن في ان يعيش كافة المواطنين بمختلف هوياتهم في انسجام وتعاون وعمل مشترك في سبيل تقدم بلدانهم، ولكن نحن وكما ذكرت في مرات عديدة نرقص على أنغام مصطلحات لا يعرفها حوالي 90% من الشعب السوداني مثل أبستوملوجيا (المعرفة) الحداثة وما بعد الحداثة والدولة الثيوغراطية (الدينية) والتيكنوقراط (طبقة المديرين الذين يعملون في مجالات تخصصهم) ، ونحن نحبذ أن يعمل المشير عمر البشير وأن يكون حكومة من التيكنوقراط لأن هؤلاء في اعتقادي هم الذين سيساهمون في تقدم السودان في كافة المجالات لا سيما وأنهم مؤهلون تأهيلا رفيعا في مجالات تخصصهم ولا يضيعون وقتهم في مناقشات بيزنطية!!! وفي هذه الآونة يدعو البعض منا إلى تسمية السودان بالسودان الجديد ونحن لا نشاطرهم الرأي بل المهم في اعتقادنا أن نعمل من أجل تقدم السودان في كافة الميادين وأن ننسى خلافاتنا في سبيل تقدم السودان في كافة الأصعدة، والبعض منا يعمل من أجل إنشاء جامعة شمال الخرطوم هل هؤلاء لم يجدوا اسما مناسبا لاطلاقه على الجامعة التي ينوون إنشاءها في السودان؟ والله من وراء القصد خارج النص: نحن كما ذكرنا في مرات عديدة نؤمن ايماناً مطلقاً بوحدة السودان لأن في هذه الوحدة سفينة النجاة لنا جميعاً ولكن بما أن حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وحزب الشعب وحزب الأمة والحزب الوطني وغيرها من الأحزاب وقعوا في اريتريا على وثيقة تمنح جنوب البلاد الانفصال بالرغم من أنها لا تمثل كل الشعب السوداني لذا من المنطقي والعقل والوطنية أن نعمل على توطيد العلائق بين حكومة جنوب البلاد وشمالها لأن في هذا مصلحة أكيدة للبلدين، ونقول للسيد رئيس المجلس الوطني الذي نحترمه نحن لسنا مع افتعال مشاكل مع أخوتنا في دولة الجنوب وكفانا المشاكل التي نعاني منها لذا نرى أن يستمر النواب الجنوبيون في المجلس الوطني حتى التاسع من يوليو 2011م، وقد قرأت في احدى الصحف المحلية ان جمهورية مصر العربية ستعتبر دولة الجنوب حليفا استراتيجيا لها في جنوب البلاد!!!!! وأين نحن من هذا. لذا يجب علينا أن نعمل كل ما في وسعنا في سبيل تدعيم العلائق الاخوية بين سكان جنوب البلاد وشماله وأن نمنحهم الجنسية المزدوجة، وهذا هو التحدي الذي يواجهنا جميعاً وكما ذكرت في مرات عديدة علينا أن نشجع وأن يواصل أبناؤنا وبناتنا من جنوب البلاد دراساتهم في مختلف المؤسسات التربوية في شمال البلاد. نحن في السودان اتحنا الفرصة للطلاب الوافدين من مختلف دول العالم لذا من المنطقي ان نتيح الفرصة لأبنائنا وبناتنا في جنوب البلاد أن يواصلوا دراساتهم في الشمال لا سيما وان هناك قواسم مشتركة عديدة بيننا. ونقول لبعض الانفصاليين من جنوب البلاد إنكم وبكل أسف قد طالبتم بتغيير الدينار إلى الجنيه السوداني وقد استجابت الحكومة لرغبتكم والآن تطالبون بأن يكون لكم عملة غير الجنيه السوداني لا سيما وأن العملة الجديدة لدولة الجنوب ستكلفكم أموالا طائلة ومن المنطقي أن تستخدموا الجنيه السوداني خلال مدة عشر سنوات أن تنفقوا المبالغ التي ستخصص لطباعة العملة الجديدة في التنمية وفي مختلف ميادينها. وأخيراً نرجو لبلادنا من الله سبحانه وتعالى الاستقرار والرفاهية إنه نعم المولى ونعم النصير. * ماجستير ودكتوراه في فلسفة التربية من جامعة كيندي ويسترن الأمريكية