ظل مسجد التقوى من اهم مساجد الخرطوم شرق، لكونه المسجد الوحيد بين مسجد الخرطوم العتيق ومسجد القوات المسلحة بشارع الطابية، فهذا الوضع جعله وجهة لكافة سكان المنطقة الممتدة من شارع الجمهورية شمالاً وحتى مستشفى الخرطوم، ومن شارع القصر وحتى شارع المك نمر. وكان مسجد التقوى مسجدا متكاملا يضيق بالمصلين في صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات. وبالرغم من أن المسجد كان مسقوفا بالزنك فقد كان الأهالي يتمنون اليوم الذي يكتمل فيه تشييد هذا المسجد. وكانت المفاجأة التي أذهلت المصلين عندما وجدوا المسجد وقد أغلق تماما، فاضطر المصلون للصلاة في الشوارع خاصة شارع السيد عبد الرحمن. «الصحافة» التقت بعدد من المصلين بجوار المسجد القديم، فتحدثوا بمرارة عن اختفاء المسجد بين عشية وضحاها، في وقت برزت فيه العمارات الحديثة وآخرها أحد المستشفيات الحديثة التي لا تخدم سوى فئات معدودة من المجتمع نسبة لتكاليفها الباهظة. وتباينت آراء المواطنين بشأن اغلاق مسجد التقوى، فبعضهم أشار إلى أن مسجد التقوى راح في ذمة الله، بعد أن انتهت فترة الوقف، وأن الأمر عاد للورثة. وقال محدثي محمد صلاح: إن صاحب إحدى البنايات المجاورة وعد بأنه سيقوم بإعادة تشييد المستشفى، غير أن المواطنين فوجئوا بأن المسجد قد تحول لساحة انقاض للمبني الحديث، وانهم سمعوا بأن صاحب البناية بصدد تحويله الى «موقف خاص» بالمشروع الاستثماري، وأياً كانت الأسباب فالنتيجة واحدة، وهي أن المسجد قد أُغلق، وأن على المصلين البحث عن سبل أخرى، ليأتي ذلك في وقت أقيمت فيه المساجد بكل المؤسسات والوحدات الحكومية. يقول بشير الشيخ الذي يسكن الخرطوم شرق، انهم فوجئوا بإغلاق المسجد في وقت كانت فيه اعداد المصلين تتزايد في كل يوم. ويرى الشيخ أن عدد المصلين في صلاة الجمعة بهذا المسجد يتجاوز عدد المصلين في أي مسجد في كافة أحياء الخرطوم. وطالب الشيخ ادارة العقيدة والدعوة وهيئة الأوقاف الاسلامية، بالعمل على عودة الحياة لهذا المسجد العتيق الذي تجاوز عمره الخمسين عاما، مشيراً إلى أنه بات معلماً بارزاً من معالم شرق الخرطوم. ومن جانبه ذهب الحاج محمود الى ان اصحاب المال باتوا يفكرون في الاستثمار ولو كان الامر على حساب مسجد تقام فيه الصلوات. وطالب الشيخ هيئة الاوقاف الاسلامية وادارة العقيدة والدعوة واصحاب الوقف، بالجلوس وايجاد سبيل يمكن من اعادة صوت الأذان ومجموعات المصلين، مشيرا الى وجود نفر كريم من ابناء الوطن اكدوا استعدادهم لتوفير متطلبات اية معالجة مهما كان المبلغ المطلوب. منتصر الحاج من سكان الخرطوم شرق، قال انه ظل يتردد على هذا المسجد مع والده منذ طفولته الباكرة قبل اكثر من ثلاثين عاما. وأن المسجد ظل يزدحم بالمصلين سواء من داخل الحي او اولئك الذين اضطرتهم ظروف مرض ذويهم الى ممارضتهم او زيارتهم للمستشفى. وقال منتصر انه سمع بأن إحدى الجهات قد التزمت بتشييد المسجد وفق احدث سبل المعمار، غير أنه تحول الى انقاض، وكأنما هنالك جهة تريد أن تمسح المسجد من ذاكرة الناس تمهيدا لاستغلاله، خاصة انه يقع في منطقة استراتيجية جاذبة لأصحاب التوجهات الاستثمارية، وقال منتصر إن الناس في حاجة للمسجد أكثر من البنايات «خمس نجوم».