أكثر من شهر ونصف والغاز منعدم بالأسواق في الريف البعيد والقريب حتى ارتفعت اسعاره الى عنان السماء وفي قلب الخرطوم حيث بلغ سعر انبوبة الغاز 12 ك اكثر من 20 جنيهاً، وفي محلات أخرى اكثر من ذلك كما جاء في جريدة السوداني الاحد 20 مارس 2011م في استطلاع بعض أصحاب المحلات بالخرطوم الذين عزوا الامر للصيانة الدورية للمصفاة مع ذكرهم بأنه لا يوجد سبب لهذا الارتفاع في الاسعار مع ملاحظة ان السعر 20 جنيها ليتضاعف الى اكثر من ذلك، حيث صار السعر اليوم للانبوبة هذه اكثر من 35 جنيها في الحداد والحاج عبد الله بجنوب الجزيرة، ولا احد من المسؤولين سواء في المعتمدية او الولاية يسأل عن هذه الزيادات التي تصب في جيوب المحاسيب والاقرباء الذين يمتلكون هذه التوكيلات، وكأنه موسم للعمرة والحج ينتظره اصحاب هذه المحلات التجارية. وأغرب ما في الامر تطالعنا الصحف اليومية بتصريح لوزير الدولة بالنفط يصف فيه ازمة الغاز بالمفتعلة وكأنه لم يسمع بها من قبل، وهي تتكرر كل عام ويعاني منها المواطن الضعيف والفقير الذي لا يدري ماذا هو فاعل ازاء هذا الغول الذي يلتهم كل دخله ويجعله ذليلاً مكسور الخاطر، لا يجد من يدافع عن حقوقه اللهم الا هذه التصريحات الجوفاء التي لا تشبع ولا تغني. في حين نجد ان مدير ادارة الامداد يصرح بأن الوزارة استوردت 88 ألف طن تكفي حاجة البلاد لأكثر من 3 أشهر اذاً أين ذهبت هذه الكميات ولماذا تترك لحرية الموزعين الجشعين الذين لا هم لهم الا اكتناز الاموال بغير وازع او ضمير؟. ثم تأتينا الطامة الكبرى من المؤسسة السودانية للنفط بإعلان مدفوع القيمة على كل الصحف، تنوه للمواطنين بعدم الانزعاج لما يتعلق بالغاز الخاص بالطبيخ، مشيرا لوصول كميات متتالية حتى تعاود المصفاة عملها في الخامس من ابريل، محددا ستة اماكن بالخرطوم لتوزيع الغاز لأم درمان والخرطوم وبحري وكأن الغاز لا يستعمل الا في هذه المدن فقط، تاركاً بقية الوطن للنهب والسلب حتى إعلان آخر، وهو يعتقد ان مشكلة الغاز قد حلت بهذا الطرح أليس في بقية الاقاليم حقوق اهدرت وضيعت بسبب هذا التخصيص؟. ان موضوع الغاز الذي صار لغزاً كل عام يحتاج الى حسم من قمة الدولة لكي تحتفظ من الآن بالاحتياطي الذي يغطي مدة الصيانة حتى لا يترك نهباً لأصحاب الاطماع في كل عام. ثانياً لابد من محاسبة المسؤولين الذين تسببوا في هذا النقص الواضح والفاضح في الغاز حتى يغتني منه بعض أصحاب الاطماع والانتهازيين الذين لا يتعاملون الا بالسوق الاسود. وثالثاً: على وزارة النفط البحث والتحقق عن هذه الاخفاقات التي ظلت تتكرر كل عام، ووضع الحلول لها والا عليهم بالاستقالة حتى يأتي من هم اقدر وأجدر بالتعامل فيما يخص معاش المساكين والغلابى. اما جماعة حماية المستهلك فهم في وادٍ والمواطن في واٍد آخر، يتكلمون عن الحملات لضبط المخالفات في مجال سلعتي السكر والخبز، أليس الغاز هذا من اختصاصاتهم حتى يعملوا ويساعدوا على توفيره ومراقبة أسعاره هذه؟.