لا تزال قرى ومدن النوبيين الواقعة في شمال السودان، تتمسك بطقوسها وعاداتها الخاصة التي توارثتها الأجيال هناك منذ قرون، رغم رياح التغيير والحداثة التي اجتاحت العالم، فمراسم الزواج هناك عبارة عن تراثيات تحكمها أصول ثابتة لا تتغير. ففي القرى التي تتشكل تركيبتها السكانية من قبائل الحلفاويين والمحس والدناقلة، يعد الزواج عبارة عن لحظات لا يمكن أن تفوت على أحد كبيراً كان أم صغيراً. ويبدأ الزواج هناك بعادة حناء العريس التي تسبق عادة عقد القران، وقد تستمر لياليها عدة أيام، لكن اليوم الذي يسبق عقد القران هو يومها الرئيسي الذي تنداح فيه الأفراح، ويحتشد فيه الجميع للوقوف إلى جانب العريس في مهرجان نوبي غنائي كامل الدسم. وفي اليوم الرئيسي للزواج عند النوبيين، يتجه الجميع إلى منزل العروس لإكمال مراسم عقد القران وإحضار العروس إلى منزل العريس، ومن ثم تبدأ مراسم عقد القران بتوزيع أطيب أنواع التمور التي جادت بها أشجار النخيل الممتدة على امتداد أراضي تلك المناطق، على المحتشدين من الناس داخل المسيد لحضور المراسم. وبمجرد أن تكتمل المراسم يبادر الجميع بالتهانئ والتبريكات، كل حسب طريقته، تعبيراً عن الفرح ومشاركة العريس أفراحه. وبعد نهاية فاصل طويل من التبريكات في المسيد، يتجه العريس وهو محاط بأصدقائه إلى غرفة العروس، حيث يقوم بتقديم التهانئ بنفسه لعروسته، ولا تزال عادة تغطية العروسين ب «الفركة والقرمصيص» حاضرة في قرى النوبيين، بل وتعتبر بنداً رئيسياً لا يمكن تجاوزه في عادات وطقوس الزواج.