الجرتق من العادات الاجتماعية السودانية المتوارثة، ولها طقوسها وأدبها في انحاء البلاد المختلفة، وترتبط دائماً بمظاهر الأفراح، وتمارس ايضاً بنفس طقوسها في مراسم الختان. وقال الباحث في التراث السوداني، حيدر محمد حيدر ل «أبواب» إن الجرتق من طقوس الزواج ويعتبر حرزا من الجن والحسد او لجلب الحظ والثروة، وهو عادة مازالت تحتفظ بكلياتها في بيوت الأعراس، ويعتقد الكثيرون أنها وقاية ضد العين، وأضاف حيدر ان الجرتق في قعدته لا بد فيه من مراعاة استقبال القبلة، بمعنى أن يتجه العريس ناحية القبلة، وتطمس رجليه ويديه في الزيت، وبعد ذلك تبدأ مراسم الجرتق، وعند النوبيين يسمى «فوكريه» وتعني المراسم، والجرتق لا بد أن تتم ممارسته قبل مغيب الشمس، ويكون «عنقريب» الجرتق في اتجاه القبلة. وهذا اعتقاد له اهميته في المجتمع السوداني، ويعقب الجرتق عادة بخ اللبن او رش اللبن، ويقوم به كل من العريس وتكرر ثلاث او سبع مرات، وهي نوع من الحماية الجماعية، ويقال إن له مدلولا عقائديا مرتبطا بأحد انهار الجنة. وتجدر الإشارة الى ان صينية الجرتق تشمل عدداً من الأوني الخشبية وتعرف ب «الحُق» بضم الحاء، وتعرف بالعديل والزين بالإضافة الى «كوريات» تستخدم لحفظ زيت الطيب والبخور المسبع ولبان الشب بجانب «كورية» بها لبن لممارسة عادة «بخ اللبن» بين العروسين، وهناك صحن الضريرة وهي عبارة عن خليط من المحلب والقرنفل والصندل المسحون، وتحتوي الصينية ايضا على الحريرة الحمراء وبها خرزة كبيرة زرقاء او خضراء، بالاضافة الى خرزة السوميتة وعظم «الحوت» والسبحة. ويعد الجرتق في مراسم الزواج يوما مشهودا يذاع فيه الخبر والدعوة على نطاق القرية والأهل، فيحضر الجميع من الجنسين بعد صلاة العصر، وتأتى أم العريس بفروة تفرشها مع البرش على «عنقريب الجرتق» الذي عادةً ما يكون باللون الأحمر، فيجلس عليها العريس متجها ناحية القبلة والي يمينه الوزير، وتأتي أم العريس ورفيقاتها بكمية من الحنة معجونة في أوانٍ خشبية ويجلسن متجهات نحو الغرب واجهة العريس، ويقف جميع الحاضرين من الجنسين في شكل دائري حول العريس، ومن ثم تبدأ الأهازيج من الحبوبات «الليل العديل والزين والليلة يا عديلة الله» ومن خلفهن الفتيات «إن شاء الله العديلة تقدموا وتبرا»، وفي جو مشحون بالزغاريد وأغاني السيرة يبشر العريس عادة ب «الزعفة» من جريد النخل وفي يده الأخرى «سيف وسوط من العنج»، ومن ثم يتجه العريس الى بيت العروس يتبعه موكب مهيب «السيرة» والجميع يترنح على انغام الدلوكة وزغاريد الحسان تتسابق رغم الغبار العالق.