نعاني نحن المغتربين في دول المهجر أقسى أهوال الحياة القاسية، ونحن المهاجرون من بلادنا بلد سماها غيرنا من الدول الأخرى السودان سلة غذاء العالم بكل موارده الطبيعية وإنسانه المبدع، وإذا لم يكن سلة غذاء العالم فإنه سلة غذاء أفريقيا والعالم العربي. ونحن المهاجرون من السودان تركنا لأهلنا غذاءنا وشرابنا وكساءنا ودواءنا لنوفر لهم رغد الحياة، لما كنا سنأكله ونشربه معهم، ودفعنا ضرائب لا حدود لها بمسمياتها المختلفة لبناء بلادنا، وبالإضافة إلى كل هذه الضرائب نحن المقيمين في المملكة العربية السعودية حفرنا ترعة الرهد وكنانة، وقمنا ببناء السفارة السودانية في المملكة العربية السعودية دون أن تدفع الحكومة قرشاً واحداً. وكنت أحد أعضاء اللجنة المكلفة ببناء السفارة، وقررنا فرض مبلغ خمسة عشرة ريالاً سعودياً خدمات مساهمة من المغترب لبناء السفارة. وكانت تكلفة البناء في ذلك الوقت أحد عشر مليون ريال، وانتهى البناء قبل أكثر من عشر سنوات، ومازلنا ندفع مبلغ عشرين ريالاً رسوم خدمات. وأخي وصديقي د. كرار التهامي رئيس جهاز شؤون العاملين بالخارج كان مغترباً معنا ويعلم ذلك جيداً، وما أصبو إليه يا سيادة الرئيس هو لماذا بعد كل هذه الجهود والعطاء من المغترب يطلب منه ويفرض عليه ان يدخل سيارته الخاصة عند العودة النهائية لآخر ثلاثة موديلات فقط.. ولا يسمح له بإدخال سيارته الخاصة مهما كان موديلها على الأقل موديل 1995م، ويجدد للعام الثاني بالموديل الذي بعده وإلى آخره.. وهل في استطاعة وقدرة المغترب مع الأوضاع الحالية في دول المهجر والاقتصاد العالمي المتدني، أن يتملك المغترب سيارة مضى على تصنعيها ثلاث سنوات، ولا يملك ذلك إلا من رحمه ربي منهم؟ ونذكر هنا أننا نعرف اصدقاء وزملاء من دول أخرى مثل تونس والجزائر واليمن لا تحدد دولهم الموديل لمواطنيها، وفي نفس الوقت لا يدفع قيمة الجمارك لاغراضه الخاصة بإلاضافة إلى سيارته الخاصة.. فلماذا فقط نحن الذين ندفع كل ما تفرضه علينا وزارة المالية والولايات من الضرائب ندفعها من دمائنا؟ لماذا يا سيادة الرئيس نحن الشعب الوحيد الذي يدفع حتى قيمة «العتب» عن منزله بعد أن نشتري قطعة الأرض من الحكومة وندفع رسومها، بعد أن نقوم ببنائها، وكأنها إيجار سنوي للمالك من الحكومة، وهذا ما لا يحدث في أي بلد آخر على سطح الكرة الأرضية إلا في بلادنا التي نعزها ونجلها. إننا نناشدك يا سيادة الرئيس وانت الحاكم والوالي وكل وال مسؤول من رعيته أن تصدر قرارا جمهورياً يعفي المغترب الذي قضي اكثر من عشرين عاماً من سنوات عمره خارج السودان، والتزم فيها بما فرضته الدولة عليه من ضرائب ورسوم، يعفى تماماً من أية جمارك، وإدخال سيارته إلى البلد مهما كان موديلها، وذلك عرفاناً من الدولة بما قدمه للبلد ولأهله. * سفير النيل